الغوطة الشرقية.. آخر معقل للمعارضة قد يشهد نهاية الحرب السورية
كتبت- إيمان محمود
سنوات من القتل والتشريد والدمار عاشتها منطقة غوطة دمشق الشرقية السورية، وقع خلالها أطفال ونساء ضحية للصراع على تلك المنطقة الاستراتيجية الهامة سواء لنظام الرئيس بشار الأسد الذي يُقاتل من أجلها، أو لفصائل المعارضة المسلحة المُحاصرة داخلها.
وخلال سنوات طويلة؛ تعرّضت الغوطة الشرقية لقصف مدفعي وجوي عنيف من قبل قوات النظام أودى بآلاف المدنيين، وأسفر عن دمار كبير في الأبنية التحتية.
في الغوطة الشرقية -أحد آخر أكبر معاقل المعارضة السورية التي لازالت خارج قبضة الأسد- يعيش قرابة الـ400 ألف سوري "حالة من الرعب"، حيث لا حياة ولا دواء ولا غذاء داخل الحصار المُطبق والمُحكم منذ عام 2013.
وتقع الغوطة الشرقية وبدايتها في مدينة دوما، وتمتد نحو الشرق والجنوب محيطة بمدينة دمشق ببساط أخضر وكثافة أشجار الفواكه الشامية الشهيرة التي أحرقتها نيران الحرب الغارقة فيها سوريا منذ 7 سنوات.
ومنذ سنوات، تشكل الغوطة الشرقية "نُقطة ضعف" للنظام السوري، مع صمود الفصائل المعارضة فيها وقدرتها رغم الحصار المُحكم على استهداف العاصمة، التي يتحصن فيها الرئيس السوري وحكومته.
تحظى المنطقة المُحاصرة، بأهمية مزدوجة لدى الفصائل المعارضة كونها آخر أبرز معاقلها، وكذلك لدى الأسد الذي يسعى لضمان أمن دمشق، بعدما تمكن من استعادة السيطرة على أكثر من نصف مساحة سوريا، بعد التدخل الروسي الذي قلب موازين القوى في الدولة السورية.
حاضنة المعارضة
وتتقاسم عدة فصائل إسلامية السيطرة على أكثر من مئة كيلومتر مربع من الغوطة الشرقية، بعدما تمكنت قوات النظام من قضم مساحات واسعة منها تدريجياً، ومن أبرز تلك الفصائل جيش الإسلام وفيلق الرحمن اللذان يشاركان في مفاوضات السلام في جنيف.
يُعد جيش الإسلام الفصيل المعارض الأقوى في المنطقة ويسيطر على الجزء الأكبر منها ويشمل مدينة دوما ومحيطها وبلدات النشابية ومسرابا وسواها، ويعد هذا الفصيل شريكاً في اتفاق خفض التوتر وهو ممثل على طاولة المفاوضات في جنيف.
بينما يسيطر "فيلق الرحمن" ثاني أكبر الفصائل على ما يسمى بالقطاع الأوسط الذي يضم مدناً عدة أبرزها عربين وحمورية ومديرا.
وتنفرد حركة أحرار الشام بالسيطرة على مدينة حرستا ومحيطها على أطراف الغوطة الشرقية من جهة دمشق، أما هيئة تحرير الشام "النصرة سابقًا" وجود محدود في هذا القطاع يقتصر على بعض المقرات.
بداية الصراع
انضمت بلدات الغوطة الشرقية في عام 2011 إلى موجة المظاهرات التي عمّت كثيرًا من المناطق السورية ضد النظام، لكنها ووجهت بقمع شديد من الأجهزة الأمنية، وتحولت الاحتجاجات السلمية بعد ذلك إلى نزاع مسلح.
وسيطرت الفصائل المعارضة على بلدات في الغوطة الشرقية عام 2012، وأطلقت منها في منتصف العام ذاته معركة دمشق، وتمكن المقاتلون المعارضون وقتها من السيطرة على أحياء عدة في العاصمة.
لكن النظام السوري سرعان ما استدرك تلك الهزيمة واستعاد المدينة كاملةً بعد أسبوعين، وانحسرت الفصائل المعارضة إلى أحياء في الأطراف وقرى وبلدات الغوطة.
وفرضت الرئيس السوري منذ عام 2013 حصارًا محكمًا على الغوطة الشرقية، ولم تصلها في بعض الأحيان المساعدات الإنسانية لأشهر طويلة، ما دعا سكانها إلى ابتكار طرق جديدة لتأمين حاجاتهم من الوقود المصنع من البلاستيك المحروق أو الألواح الشمسية المتنقلة لضخ المياه.
لكن تلك الحيل البدائية للحياة لم تبد منفعة عظيمة، لتسجل الغوطة الشرقية سجلت أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011.
خفض التوتر
وفي مايو الماضي؛ توصلت روسيا وإيران –أبرز حلفاء دمشق- وتركيا الداعمة للمعارضة في أستانا إلى اتفاق ينص على إنشاء 4 مناطق خفض توتر في سوريا بينها الغوطة الشرقية.
وبدأ تنفيذ اتفاق خفض التوتر "رسميًا" في الغوطة الشرقية في يوليو الماضي، وينص على وقف الأعمال القتالية بما فيها الغارات الجوية، بالإضافة إلى نشر قوات من الدول الضامنة لمراقبة تطبيقه.
لكن الاتفاق تعرّض لانتهاكات كبرى آخرها هذا الأسبوع، إذ كثفت قوات –يُعتقد أنها سورية- ضرباتها، وارتفع عدد القتلى إلى 194 سوريًا خلال الساعات الـ36 الماضية، ويعد هذا الرقم هو الأعلى منذ 3 سنوات. بجانب ذلك قد يكون هذا الحصار هو الأخير في الحرب السورية.
فيديو قد يعجبك: