في الذكرى الـ13.. اغتيال الحريري "رفيق الألغاز" - (بروفايل)
كتبت- سارة عرفة:
بعد ثلاثة عشر سنة على اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، لا يزال لغز مقتله عالقًا بين لجنة تحقيق أممية ومصالح دولية وإقليمية في التستر على مرتكبي الحادث أو الذين أوعزوا بارتكابه.
وفي الوقت نفسه، لا يزال الحريري حيا في مخيلة اللبنانيين بالنظر إلى تاريخه وتأثيره في حيواتهم، خاصة في الفترة التي تلت الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان على مدى النصف الثاني من سبعينات وطيلة ثمانينيات القرن الماضي، حتى التوصل إلى اتفاق الطائف الذي أنهى تلك الفترة السوداء، ليس في تاريخ لبنان فحسب، بل في تاريخ المنطقة بأكملها.
يتحدث كثيرون ممن عرفوا الرجل عن قرب عن ميزات ومناقب ساعدت الرجل في الإبحار وسط أمواج السياسة في مجتمع متعدد الطوائف السياسية والدينية، بيد أن رحلته وصلت لمنتهاها في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة عشر عاما. ولا يزال "لغز" رحيله قائما. يقول بعض الذين عرفوه عن قرب، إنه حين قرر الدخول في معترك السياسة اللبنانية، نصحه البعض بعدم الغوص في ذلك المعترك، إلا أنه أصر على خوض الطريق حتى منتهاه.
نشأته:
ولد رفيق بهاء الدين الحريري في صيدا، جنوب لبنان في عام 1944، كان والده يعمل مزارعا في إحدى المزارع اللبنانية في الجنوب. تخرج من الثانوية العامة في عام 1964، ثم درس المحاسبة في جامعة بيروت العربية،
وفي تلك الفترة التحق بحركة القوميين العرب التي كانت تتبع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
حياته العملية:
لم يكمل رفيق الحريري دراسته الجامعية وانتقل للعيش في السعودية في عام 1965، وعمل هناك مدرسا للرياضيات في إحدى المدارس بمدينة جدة، ثم عمل بعد ذلك محاسبًا في شركة هندسية. وبعد توفيره لبعض المال، نجح في تأسيس شركة خاصة به في مجال المقاولات سنة 1969، وكان لها أثرا كبيرا في عمليات التوسعة الإعمارية التي شهدتها المملكة في تلك الفترة حتى أصبحت من أكبر الشركات في المملكة خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي .
قام الحريري بعد ذلك بشراء شركة "أوجيه" الفرنسية ودمجها مع شركته الخاصة وأطلق عليها "سعودي أوجيه"، وأصبحت من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي، وتوسع نطاقها ليشمل إنشاء البنوك والشركات مثل شركات التأمين وشركات النشر وشركات الصناعات الخفيفة.
منحته المملكة العربية السعودية جنسيتها في 1978، وفي مطلع الثمانينات أصبح واحدًا من أثرياء العالم؛ إذ احتل المرتبة المئة بينهم كما اختاره الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود، مبعوثه الخاص
في لبنان، وكان له دورا بارزا في اتفاقية الطائف التي أنهت الحرب الأهلية التي استمرت عقدا ونصف.
حياته الخاصة:
كان الحريري متزوجا من السيدة نضال بستاني وهي عراقية الأصل، وله منها ثلاثة أبناء هم بهاء الدين، وحسام الدين الذي توفي في حادث سير سنة 1991، وسعد الدين وهو رئيس الوزار اللبناني الحالي، بيد أنه انفصل عن بستاني وتزوج من نازك عودة وأنجب منها: أيمن وفهد وهند الحريري.
دخوله المعترك السياسي :
تولى الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية في الفترة من 1992 إلى 1998، وقد استقبل غالبية الشعب اللبناني خبر تعيينه بحفاوة كبيرة مما أدى إلى انتعاش العملة اللبنانية بنسبة 15% على الأقل، وتحسن الاقتصاد
اللبناني بشكل ملحوظ.
عمل الحريري على إعادة بناء وتأهيل البنية التحتية والمرافق اللبنانية التي دمرتها الحرب الأهلية، في خطة عُرِفت باسم "هورايزون 2000". في تلك الفترة شهدت لبنان نموا مزدهرا، وانخفض التضخم من 131 بالمئة
إلى 29 بالمئة. كما استقرت أسعار صرف الليرة اللبنانية.
رأس الحريري الحكومة اللبنانية مرة أخرى في الفترة من 2000 إلى 2004، وخلالها شهدت لبنان الكثير من المشكلات الاقتصادية مما أدى إلى زيادة الضغط على الحكومة اللبنانية من جانب صندوق النقد الدولي
والبنك الدولي، فعهد رفيق الحريري أن يقوم بتخفيض البيروقراطية، وخصخصة المؤسسات العامة.
في غضون ذلك، اندلع خلاف بينه وبين الرئيس أميل لحود بسبب التعديلات الدستورية لتمديد فترة تولي لحود الرئاسية لثلاث سنوات إضافية، فاضطر رفيق الحريري إلى تقديم استقالته من رئاسة الحكومة في
2004.
أعماله الخيرية :
معروف عن الحريري حبه للخير؛ ومن أبرز إسهاماته الخيرية، توفيره فرصا تعليمية لأكثر من 36 ألف لبناني للدراسة في داخل لبنان وخارجه. وساهم في إلإنشاء وتطوير العديد من المدارس فضلا عن جامعة
الحريري الكندية في 1999 .
كما أنه كان من الداعمين للجمعيات الأهلية وجمعيات أخرى تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للبنانيين.
اغتياله:
اغتيل الحريري في مثل هذا اليوم، 14 فبراير 2005، إثر انفجار ملغوم عند مرور موكبه في العاصمة بيروت. وقد أثار نبأ اغتياله غضب اللبنانيين، وحمل بعض اللبنانيين سوريا مسؤولية مقتل الحريري بسبب الخلاف
الذي نشأ بينه وبين دمشق قبل استقالته من رئاسة الوزارة.
شكلت لجنة الأمم المتحدة لجنة تحقيق للتحقيق في الحادث، وأفاد التحقيق بأن هناك إمكانية فعلا لتورط سوريا وبعضا من أفراد الأمن اللبناني. ولا تزال التحقيقات مستمرة في ملابسات اغتيار الحريري.
يربط البعض بين اغتياله وخروج سوريا من لبنان وفقا للقرار 1559 الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2 سبتمبر 2004، والذي دعم إجراء اتخابات الرئاسة اللبنانية بشكل حر وعادل وطالب جميع القوات الأجنبية بالانسحاب من لبنان وقتذاك.
فيديو قد يعجبك: