"في انتظار السقوط".. كيف علق ترامب وأردوغان على تظاهرات فرنسا؟
كتب - محمد عطايا:
تجردت فتاة من سترتها، وركعت في شارع الشانزلزية منادية: "أقتلوني ولا تخربوا باريس"، في مشهد يدل على ما آلت إليه الأوضاع في فرنسا.
لم ترض "السترات الصفراء" عن تراجع الحكومة الفرنسية، بعد إعلانها إلغاء الزيادة الضريبية على وقود الديزل، وانطلقت اليوم السبت، تظاهرات جديدة في العاصمة الفرنسية باريس، مطالبة بإقصاء ماكرون من الحكم.
ووصل عدد المتظاهرين في العاصمة الفرنسية باريس قُرابة 8 آلاف متظاهر، وفقًا لما أعلنته وزارة الداخلية الفرنسية. فيما أفادت تقارير إعلامية أن عدد المحتجين في جميع أنحاء فرنسا وصل إلى 31 ألف شخص.
وبدأت الاحتجاجات، السبت الماضي، والتي نددت -في البداية- بسياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاقتصادية، ووصلت إلى مطالب باستقالته وخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.
وفي ظل الأزمة الجارية بالعاصمة باريس، فسر خصوم الرئيس الفرنسي "تركيا، أمريكا، وروسيا"، التظاهرات وفقًا لمصالحهم.
"المناخ" هو السبب
الرئيس الأمريكي كطبيعته، اتخذ من "تويتر" منصة ليعبر عن موقفه من مظاهرات باريس، مرجعًا الأمر إلى اتفاقية باريس للمناخ، التي يعترض عليها ترامب.
واعتبر ترامب، أن المظاهرات التي تعم فرنسا، سببها اتفاق باريس للمناخ "غير الفعّال"، مشككًا بجدوى الضرائب الهادفة لحماية البيئة.
وكتب ترامب في تغريدة اليوم السبت على حسابه في "تويتر": "اتفاق باريس (للمناخ) غير فعّال لباريس. متظاهرون وشغب في أنحاء فرنسا. الناس لا يريدون أن يدفعوا مبالغ طائلة، أغلبها تذهب لدول العالم الثالث (التي تدار بشكل مريب)، بهدف ربما حماية البيئة. المتظاهرون يهتفون: نريد ترمب! أحب فرنسا".
وهناك خلاف قديم بين ترامب وماكرون، يعود بعدما أحرجه الأخير بخطاب عن كارثة الإيمان بـ"القومية" أثناء إحياء ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى في باريس، في حضور ترامب.
وبعد ساعات من خطاب ماكرون، انتقد ترامب نداءات ماكرون عن الوطنية وانتقاده للقومية، واقتراحه تشكيل "جيش أوروبي"، مناديًا بدفع الدول الأعضاء في الحلف الناتو المزيد من الأموال حتى تحميهم الولايات المتحدة.
مئات الحسابات الروسية تعمل ضد ماكرون
في تقرير نشرته وكالة "بلومبرج"، اليوم السبت، عن التظاهرات الفرنسية؛ أكدت أن أكثر من 600 حساب روسي على "تويتر"، يغرد بـ"هاشتاج" السترات الصفراء.
ومن بين 600 حساب على تويتر معروفة بتشجيع وجهات نظر الكرملين، أصبحت العلامة الرئيسية الآن هي #giletsjaunes ، الاسم الفرنسي لحركة "السترات الصفراء"، وفقًا لما ذكره ما يسمى بـ"التحالف من أجل ضمان الديمقراطية"، وهي وحدة تابعة لصندوق مارشال ألماني في الولايات المتحدة، يراقب العديد من الحسابات والأنشطة الموالية للكرملين.
وبحسب "بلومبرج"، فإن حسابات تويتر التي يراقبها التحالف عادة ما تعرض أخبارًا أمريكية أو بريطانية، لكن الاحتجاجات الفرنسية "كانت في أعلى نشاطها لمدة أسبوع على الأقل".
ويقول بريت شافر، محلل الإعلام الاجتماعي التابع للحلف في واشنطن: "هذه الإحصائية إشارة قوية إلى وجود اهتمام بتضخيم الصراع أمام جمهور خارج فرنسا".
ولفتت الوكالة الأمريكية، إلى أن الوكالات الروسية، مثل سبوتنيك و"روسيا اليوم" نشرا أخبارًا في الأيام الأخيرة مفادها بأن معظم الشرطة الفرنسية لم تعد تدعم ماكرون، وتقف إلى جانب المحتجين، معتمدين على مصادر لا تحظى بتأييد الأغلبية.
كما أظهرت سبوتنيك و"روسيا اليوم"، فيديو تم نشره على نطاق واسع إزالة الشرطة في بلدة باو الجنوبية الغربية خوذاتها، وصفته بأنه علامة على التضامن مع المتظاهرين.
وهو التعليق الذي نفته الشرطة المحلية والصحفيون، مؤكدين أن الوصف غير صحيح، وأنهم أزالوا خوذاتهم لفترة قصيرة للتحدث مع المحتجين قبل إعادتهم.
وأرجعت "بلومبرج"، المحاولات الروسية، إلى أنها استكمالًا لما فشلت فيه العام الماضي، عندما شنت هجمات إلكترونية ونشرت تقارير إخبارية مزيفة لزعزعة حملة ماكرون الرئاسية.
واشتكى ماكرون مرارًا وتكرارًا خلال حملته لعام 2017، من أن وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين كانت تنشر أخبارًا مزيفة عنه، لأنه اتخذ موقفًا أكثر تشددًا تجاه روسيا من منافسيه الرئيسيين، مارين لوبان من الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة وفرانسوا فيلون من الجمهوريين المحافظين.
الإرهاب في باريس
في الوقت الذي تتعامل فيه الشرطة الفرنسية مع التظاهرات داخل بلادها، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى شعبه في ندوة سياسات المخدرات الدولية والصحة العامة، منذ أيام، واصفًا الاحتجاجات بالأعمال الإرهابية.
ولفت أردوغان إلى أحداث حديقة جيزي عام 2013 وتسليط الإعلام الدولي الضوء عليها، قائلا: "ألم يواصل الإعلام الدولي إظهار تقسيم في أحداث جيزي؟ حالياً توجد أعمال إرهابية في باريس. هل تطرق الإعلام الدولي للأمر؟ لا! العالم يلتزم الصمت ولا يظهر باريس أبدا. لماذا لا يرونها؟ لا يريدون الإساءة لهم. شئت أم أبيت العالم يتابع هذا".
وبعد وصف المتظاهرين بالإرهابيين، عبر أردوغان اليوم السبت، عن قلقه من تعامل الشرطة الفرنسية مع المحتجين، منتقدًا استخدام "العنف المفرط" في تفريقها التظاهرات.
وأكد أردوغان أنّه يتابع الوضع في فرنسا "بقلق".
وقال أردوغان في خطاب باسطنبول "الفوضى تعمّ شوارع دول أوروبية عدة بدءًا بباريس. شبكات التلفزيون والصحف تنشر صورًا لسيارات تحترق ومحال تجارية تنهب وردّ الشرطة العنيف جداً ضدّ المتظاهرين".
كما أضاف "تركيا ترفض في آن معًا مشاهد الفوضى التي يسبّبها المتظاهرون والعنف المفرط في مواجهتهم"، موضحاً أنّه يتابع الوضع "بقلق".
فيديو قد يعجبك: