"صوت الطلقات على الباب".. محامي "صالح" يروي تفاصيل مقتل الرئيس اليمني السابق (حوار)
كتب - محمد عطايا:
في تلك الليلة كان الرئيس اليمني السابق على علم بما يحاك ضده، لكنه فضل أن يبقى في مضجعة بالعاصمة صنعاء وسط "الأفاعي"، لعله ينجح في ترويضهم، أو أن تكون الرقصة الأخيرة له وسط أنصاره.
لم ينج علي عبد الله صالح من الحشود التي توجهت لتصفيته، ولاقى في الرابع من ديسمبر الماضي، مصير العقيد معمر القذافي، لتأتي سكرات موته في ملائة حمراء، تحملها بعض بيادق عبد الملك الحوثي في نشوة، أو بالأحرى "سعار"، لقد انقلب صالح على المنقلبين، فاستحق عندهم الموت.
ذهب اليمن إلى مستقبل مجهول في الأيام الأولى التي عقبت اغتيال الرئيس الراحل، وتشتت حزب المؤتمر الشعبي العام، وأصبحت قياداته متفرقة في عدة دول، عدا ما وصفهم محامي عبدالله صالح محمد الماسوري، في حواره لـ"مصراوي"، بـ"الخونة" الذين تعاونوا مع مليشيات الحوثي.
ألقى الماسوري الضوء على ما يحدث في اليمن تحت حكم ميليشيات الحوثي، وما يعانونه هناك من انعدام للأمن، وانتشار للفقر والمرض.
كما كشف عن تفاصيل اليوم "المشئوم"، والراوية الصحيحة لاغتيال الرئيس الراحل، وما كانت رسالته لحظة مقتله.
* كيف هي الأوضاع في اليمن؟
هناك فقر ومجاعات، وأصبحنا مشردين في أكثر من دولة، وهو ما لا يحمد عقباه، نتيجة قيام الميلشيات الحوثية بنهب ثروات الشعب، وقتل شبابه وشيوخه ونساؤه، وتعذيب من في السجون.
* لماذا لجأ علي عبد الله صالح إلى ميليشيات الحوثي بعد إقصاءه من الحكم؟
التعاون بين الرئيس المغدور علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر الشعبي مع ميليشيات الحوثي كان صوريًا فقط، ولم يكن ذا شأن كبير.
وأراد صالح منذ فترة كبيرة ترك "العصابات الإنقلابية"، وفتح صفحة تعاون جديدة مع التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.
* لماذا تعاون مع التحالف العربي في النهاية؟
الرئيس علي عبد الله صالح دعا للحوار مع الجميع وحقن الدماء، وفي خطابه الأول 2 ديسمبر كان خطاب عربي قومي واضح، مشيرا إلى أن الحوثيين عصابة إيرانية، وعلي الجميع الوقوف ضدها لإنقاذ الوضع في اليمن، ما جعله يلجأ للتعاون مع التحالف العربي لإنهاء سيطرة الحوثي.
* ما الذي يحدث في محافطة الحديدة ولماذا لم يتم التوجه للعاصمة ؟
محافظة الحديدة هي واحدة من أهم النقاط التي ستضيق الخناق على ميليشيات الحوثي الإرهابية، وستجعله محاصرًا من جميع الجهات، وبالتالي تحمى المعارك هناك بشكل كبير للغاية لتطهيرها من العصابات الانقلابية.
صنعاء هي العاصمة، ولكن هناك العديد من العقبات التي تحتاج إلى أن تزال أولًا، حتى يتمكن الجيش بمساعدة التحالف العربي لدعم الشرعية من من تحرير المنطقة بالكامل.
* إذا تمكن الجيش اليمني من تطهير الحديدة، ما هي النتائج ؟
إذا ما حُررت محافظة الحديدة ستكون ضربة قوية للغاية لميليشيات الحوثي الإرهابية، لأنها ستجعل عبد الملك الحوثي زعيمهم محاصرًا، ولا يستطيع إيجاد منفذه للأسلحة والمؤن والذخيرة.
أضف إلى ذلك عودة الحياة مرة أخرى إلى المحافظة الساحلية، وإحلال الأمن والأمان فيها، وعودة الأسواق، إضافة إلى أن الشعب سيتلقى راتبه مرة أخرى بعدما كانت العصابات التابعة لإيران تنهبه وتسرقه يوميًا.
أيضًا، ستصل المساعدات عن طريق البحر، ولن يتم نهبها مثلما يحدث بشكل يومي، وفي كل مرة يرسل فيها التحالف العربي معونات إغاثية، إضافة إلى توقف الإمدادات بالصواريخ الباليسيتية والأسلحة.
* وبالنسبة للشعب اليمني، ما موقفه من تحرير الحديدة ؟
الآن يوجد إرادة شعبية، فالجميع أصبح يرفض وجود الميليشيات الإرهابية في اليمن، والعصابات نفسها تبحث عن مقاتل واحد ولا تجد من يوافقها أو يدخل معها الحرب ضد الحكومة الشرعية.
في المقابل يجد الجيش اليمني العديد من المتطوعين والذين يتوافدون يوميًا بأعداد مهولة جدًا، بالدرجة التي أصبحت بنفسي وسيطًا لبعض الطلبات المقدمة لقتال ميليشيات الحوثي.
ويوميًا تصلني رسائل حول شباب يريدون الالتحاق بالجيش اليمني لمقاتلة ميليشيات الحوثي الإرهابية.
الشعب هنا سأم القتال والمجاعة والفقر الذي يعيشون فيه بسبب الميليشيات الإرهابية، التي تسرق منهم المليارات، وتقتل وتعذب الناس.
* كيف هي الحياة في حكم الحوثي؟
هم قتلة وديكتاتورين، يرون أن الحكم لهم، ولكل أبناء الصحابي علي ابن ابي طالب، وجميعهم ابناء له، وبالتالي تنفيذ أوامرهم من تنفيذ أوامر الله، فلا يعرفون الديمقراطية، ويريدون العودة بنا إلى عصر الإمامة.
وأريد التوضيح أن عصر الإمامة كان موجودًا في السابق وواجهناه بمساعدة الزعيم المصري الراحل، جمال عبد الناصر، فهو من خلصنا من تلك الأفكار.
والآن نحن نعول على جميع أخواننا من ابناء الأمة العربية لتخليصنا من الهيمنة الحوثية الإيرانية، وإعادة اليمن إلى بيته العربي الطبيعي.
* كيف ستتعاملون مع الجنوب ؟
ليس الآن الوقت المناسب للحديث عن الجنوب والوطن الموحد، وما الذي سيحدث مستقبلًا، ولكن يجب على جميع فئات الشعب التخلص من خطر محدق بنا، والمتمثل في مليشيات الحوثي الإرهابية.
وبعد الانتهاء من وباء الميليشيات المدعومة من إيران، يمكن النظر بشكل أدق لما يحدث في الجنوب والتوصل لحل يرضي جميع الأطراف.
* كيف اغتالت ميلشيات الحوثي علي عبد الله صالح ؟
السر يكمن في إعلان حزب المؤتمر الشعبي نيته في الإنقلاب على العصابات المدعومة من إيران، فلجأت إلى التخلص منه، وقيادات الصف الأول في الحزب، للدرجة التي جعلتني معرضًا للاغتيال، وبالفعل حاولوا تنفيذها ولكن هربت منهم بأعجوبة.
ولم يكن التعامل والتعاون بشكل جدي، ولكن صوري فقط، إلا أن الحوثي غدر بالرئيس السابق، بعدما بدأت المعارك تشد بينهم في ديسمبر الماضي.
حاصروا الرئيس السابق علي عبدالله، واقتحموا منزله واغتالوه في منزله، بعدما انقلب على الحوثي ولم يكن هناك تصالح بين الجانبين.
ميليشيات الحوثي كانت مستعدة من البداية لاغتيال الرئيس السابق، وتأهبوا جيدًا لذلك، وحاصروا منزله بالدبابات، وليس كما بدى في المواقع الاخبارية والإذاعة، أنهم ركضوا خلفه بالسيارات، ولكنهم حاصروه بالدبابات.
* هل كان الاغتيال نوع من الانتقام ؟
الاغتيال كان انتقامًا من الرئيس علي عبدالله صالح الذي أعلن انفصاله عن ميليشيات الحوثي، وبدأ مرحلة جديدة مع التحالف العربي، والمملكة العربية السعودية، ما أثار حفيظة العصابات الإنقلابية، فالخطاب الشهير الذي أعلن فيه صالح رسميًا فض الشراكة مع المليشيات الحوثية، وقال في الثالث من ديسمير إنه كان لا بد من إنقاذ الوطن من حماقة جماعة الحوثي، وفتح صفحة جديدة مع الأشقاء ودول الجوار ، متعهدا في الوقت ذاته بإجراء حوار بشكل مباشر مع دول الجوار ، داعيا الشعب اليمنى إلى التحرك ضد مليشيات الحوثي.
* لماذا تحركوا في تلك اللحظات ؟
تحركوا مع بدء عبد الله صالح حربه ضد الحوثي، عادت عدد من المحافظات إلى قبضته، وهو ما أثار حفيظة الميليشيات الإرهابية.
انقسمت الصفوف بين الحوثي وعبدالله صالح، وهاجمت الميليشيات الإرهابية منزل الزعيم السابق، الموجود في صنعاء، وبعد مهاجمته، بدأوا بعض العمليات الانتقامية من مذابح داخل مسجد الصالح، ونهب وسرقة للعديد من المنازل والمتاجر.
أذكر أنه في لحظات اغتيال الرئيس المغدور، سجل عبد الله صالح فيديو يقول فيه إن "صوت الطلقات على الباب ويحاولون قتلي"، وتمكنت ميلشيات الحوثي بعد ذلك من العثور عليه وبثه على الهواء.
* من الذي كان متواجدًا معه في ذلك الوقت ؟
بعض القيادات من حزب المؤتمر الشعبي، وكان أبرزهم الأمين العام للحزب، عارف الزوكا، والذي أؤكد أنه أصيب فحسب، ولم يقتل أثناء الاقتحام، ونقل بعد ذلك إلى المستشفى.
ولدناءة الميليشيات الحوثية اغتالت الأمين العام أثناء تلقيه العلاج في المستشفى، قتلوا مريضًا يتلقى العلاج، فهم أسوأ من داعش والقاعدة، ولا يعرفون الأخلاق والرحمة.
* الرواية التي ذكرتها تختلف بشكل كبير عما يتم تداوله في وسائل الإعلام، لماذا ؟
ما ذكر في بعض وسائل الإعلام أن سيارات دفع رباعي ركضت خلف عبدالله صالح، وكان بصحبته ابنه خالد، ولكن هذا غير صحيح.
خالد نجل الرئيس الراحل في عمان منذ 3 سنوات، ولم يكن موجودًا لحظة ا غتيال والده في منزله، ولكن في الخارج، فإذا كان متواجدًا لاغتالته ميليشيات الحوثي.
عبد الله صالح كان موجود معه ابن اخوه طارق صالح، وهو معتقل حتى الن لدى الحوثيين، ولم يتم اطلاق سراحه إلى الأن.
* لماذا اغتالوا عارف الزوكا، لا يوجد سبب واضح ؟
لم يكن في نيتهم في البداية اغتيال الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، عارف الزوكا، ولكن أرادوا مساومته، أما أن يعلن تعاونه مع الميليشيات الإرهابية بشكل علني وصريح في وسائل الإعلام أو أن يلقى حتفه.
فضل الزوكا أن يلقى حتفه على أن ينضم مرة أخرى إلى الجماعات التي يقودها عبد الملك الحوثي، وقتلوه في المستشفى وهو مصاب.
* وجهت رسالة للمصريين من محل إقامتك عندما كنت متواجدًا في مصر، ما الذي تريد إيصاله للشعب ؟
مصر بلد آمنة، وهنا ينعم المصريون بشيء لا يشعرون به، كما نفتقده نحن في اليمن، وأوجه رسالة لجموع الشعب المصري، حافظوا على وطنكم، مهما كان الوضع الاقتصادي صعب، فعليكم أخذ العبرة مما يحدث في بلدنا باليمن.
أصبحنا اليوم نعاني من انعدام الأمان في وطننا، ولكن مصر هي الأكثر أمنًا وأمان، وعلى المصريين الحفاظ عليها.
فيديو قد يعجبك: