لماذا يحارب لبنان من أجل تشكيل الحكومة؟
كتبت – إيمان محمود:
تسير سياسة لبنان ببطء؛ فقد استغرق البلد عامين ونصف لانتخاب رئيسه الحالي، وتسعة أعوام لإجراء انتخابات برلمانية و12 عامًا لتمرير ميزانيته، ويبدو أن تشكيل الحكومة قد يسير على النهج الزمني نفسه، بحسب ما رأته مجلة "إيكونوميست" البريطانية.
وأمضى لبنان ما يقرب من عامين ونصف من الأعوام الثلاثة عشر الماضية، دون حكومة، وتواصلت المحادثات لتشكيل حكومة جديدة لأكثر من سبعة أشهر، وقال رئيس الوزراء السني سعد الحريري هذا الشهر إنه يأمل في تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية العام.
لكن السؤال الذي طرحته إيكونوميست هو: "لماذا يستغرق الأمر وقتًا طويلاً؟"
ورُغم تصريحات الحريري بأنه يأمل أن يتم الانتهاء من تشكيل حكومة وحدة وطنية يوم أمس الجمعة، إلا أنه مع حلول الساعات الأولى من المساء، لم تظهر أي مؤشرات على إعلان الانتهاء من تشكيل الحكومة.
وقالت المجلة، إن النظام السياسي الطائفي في لبنان يُعتبر صميم المشكلة، مشيرة إلى أنه استنادا إلى اتفاق تقاسم السلطة الذي يعود إلى الحكم الاستعماري الفرنسي، يتم تقاسم المقاعد في البرلمان بالتناسب بين الاطياف الدينية الـ 18 في البلاد، كما يتم تقسيم المناصب الحكومية ووظائف القطاع العام بين الطوائف.
فعلى سبيل المثال؛ رئيس الجمهورية دائمًا مسيحي ماروني، ورئيس الوزراء سنيّ ورئيس البرلمان شيعي، ويجب أن تصدر قرارات مجلس الوزراء بأغلبية الثلثين، ولكن بفضل اتفاق تم التوصل إليه في عام 2008، حصل حزب الله الشيعي وحلفاؤه على ثلث مقاعد مجلس الوزراء، مما يمنحهم حق النقض.
ترى المجلة أن الوصول إلى حل في أي شيء –بما فيها تشكيل الحكومة- يتطلب أن ينحي الجميع بكافة مذاهبهم خلافاتهم جانبًا، لكن هذا يستغرق بعض الوقت في المجتمع اللبناني الذي يقوم أساسا على أسس طائفية.
وأوضحت أن أسباب الأزمة السياسية الأخيرة ليست مختلفة، فالحريري، يقف ضد حزب الله ممثلا في كتلة تيار المستقبل الموالية للغرب على نطاق واسع، وبدعم من المملكة العربية السعودية المعادية بشكل رئيسي لإيران وزراعها اللبناني حزب الله.
وفي الانتخابات التي جرت في مايو، خسرت كتلة الحريري ما يقرب من ثلث مقاعد البرلمان، وبناء على ذلك، يريد حزب الله، أن يسلم الحريري أحد مقاعد مجلس الوزراء إلى نائب سني لكن من معسكر حزب الله.
يرى البعض –بحسب المجلة- أيدي أجنبية في تعطيل تشكيل حكومة لبنانية جديدة والحدّ من قدرة لبنان على العمل كحصن ضد التطرف والإرهاب في المنطقة، وقد تستخدم إيران وكيلها –حزب الله- لردّ على أمريكا، التي أعادت العقوبات إلى إيران مؤخرًا.
لبنان لا يستطيع تحمل فترة طويلة بدون حكومة، لقد فعل ذلك في الماضي، لكن الثقة منخفضة في الوقت الحالي بسبب الاقتصاد المتزعزع، بحسب ما أكدته المجلة.
علاوة على ذلك، تتصاعد المخاوف من حرب أخرى مع إسرائيل، في ظل ما يدور على الحدود من تواصل قصف "أنفاق حزب الله التي يزعم الاحتلال الإسرائيلي وجودها على حدود لبنان، بالإضافة إلى قصف أهداف حزب الله في سوريا.
هذه المخاوف تقوم بإضعاف تدفق التحويلات التي يعتمد عليها لبنان لتمويل عجزه المالي، وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تخلف البلد عن سداد ديونه، إذ يعدّ لبنان ثالث أعلى مُعدّل للدين في العالم؛ من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي وصلت إلى 152 في المئة خلال 2017، بحسب صندوق النقد الدولي.
وتعهدت مؤسسات مثل البنك الدولي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بتقديم مساعدة بقيمة 11 مليار دولار في شكل قروض ومنح ميسرة، لكن من دون حكومة، سيخفق لبنان في تفعيل الإصلاحات المطلوبة لجمع الأموال، لكن الخطر هو أن التشاحن على مقاعد مجلس الوزراء يستمر حتى عام 2019، وأن الاقتصاد ينهار قبل تشكيل الحكومة، بحسب ما توقعته "إيكونوميست".
فيديو قد يعجبك: