مظاهرات الشانزليزيه تُعيد إلى الأذهان انتفاضة 1968.. وخبير: لن تُحدث تغييرًا
كتب - هشام عبدالخالق:
شهدت العاصمة الفرنسية باريس، اليوم السبت، احتجاجات عنيفة أدت لإصابة المئات واعتقال آخرين، في أكبر تهديد يواجه حكم الرئيس إيمانويل ماكرون منذ توليه السلطة قبل 18 شهرًا.
الاحتجاجات التي بدأت منذ 3 أسابيع، اندلعت بسبب اعتراض الفرنسيين على سياسات حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون الاقتصادية، وأبرزها زيادة الضرائب على أسعار الوقود.
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب استقبل الجمعة، وفدا من السترات الصفراء، إلا أن تلك المحادثات لم تؤدِ لنتيجة.
وأعلن ماكرون الثلاثاء الماضي، تمسكه بسياسته الاقتصادية ورفضه التخلي عن الضريبة المفروضة على الوقود التي ستدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل على الرغم من المظاهرات العنيفة التي تشهدها البلاد.
شبه البعض الاحتجاجات التي اندلعت في الأسابيع الثلاثة الأخيرة بالمظاهرات التي انطلقت في مايو 1968 في فرنسا والتي أدت إلى مظاهرات وإضرابات عامة واسعة النطاق بالإضافة إلى احتلال الجامعات والمصانع وأوقفت الاقتصاد الفرنسي عندما كان في أوج قوته.
أدت الاحتجاجات حينذاك إلى الدرجة التي خشي معها السياسيون من اندلاع حرب أهلية أو قيام ثورة لقلب نظام الحكم، وتوقفت الحكومة الوطنية نفسها مؤقتًا عن العمل بعد أن فر الرئيس شارل ديجول سرًا من فرنسا لبضع ساعات.
مظاهرات 1968
حركة "مايو 68" أثرت على المجتمع الفرنسي لعقود بعد ذلك، وتعتبر حتى يومنا هذا نقطة تحول ثقافية واجتماعية وأخلاقية في تاريخ البلاد، وآلان جيسمار - أحد قادة ذلك العصر - في وقت لاحق إلى أن الحركة نجحت "كثورة اجتماعية، وليست سياسية".
بدأت اضطرابات 1968 بسلسلة من الاحتجاجات الطلابية ضد الرأسمالية والاستهلاكية والامبريالية الأمريكية، والمؤسسات والقيم والنظام التقليدي، ومن ثم انتشرت إلى المصانع مع الإضرابات التي شملت 11 مليون عامل، وهي نسبة تساوي أكثر من 22٪ من مجموع سكان فرنسا في ذلك الوقت، واستمرت لمدة أسبوعين متتاليين.
وكان هذا الإضراب أكبر إضراب عام على الإطلاق في فرنسا، وأول إضراب عام شامل على مستوى البلاد.
وقوبلت تلك الاضطرابات بقوة من قبل مديري الجامعات والشرطة، وأدت محاولات الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت شارل ديجول لقمع تلك الإضرابات إلى تفاقم الوضع، ومعارك شوارع مع الشرطة في الحي اللاتيني بباريس.
فر ديجول بعد ذلك إلى قاعدة فرنسية في ألمانيا وبعد أن عاد قام بحل الجمعية الوطنية ودعا إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة في 23 يونيو 1968.
أصابع خفية
يرى الدكتور سعيد اللاوندي، أن ما يحدث في فرنسا وراءه "أصابع خفية" تحرك المظاهرات من خارج فرنسا، وأن مطالبة الرئيس إيمانويل ماكرون بتشكيل جيش أوروبي موحد قد تكون وراء هذه المظاهرات، مشيرًا إلى أن البعض يرون أن الولايات المتحدة تقف وراء هذه المظاهرات لأنها ترفض تكوين مثل هذا الجيش الأوروبي، معددًا المواقف التي اختلفت الإدارة الأمريكية مع فرنسا والاتحاد الأوروبي فيها، مثل اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورفض الاتحاد الأوروبي ذلك.
وعن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في فرنسا، قال اللاوندي -في تصريح خاص لموقع "مصراوي"-: "لا أعتقد أن العنف الموجود الآن من الممكن أن يؤدي لإجراء انتخابات مبكرة، وأن ما يجرى الآن من عنف ونهب للمصارف والمتاجر أول مرة يحدث في فرنسا".
وأضاف اللاوندي، خبير الشؤون الدولية، أن الرئيس ماكرون لن يتراجع عن قراراته في رفع أسعار الوقود، حيث أكد الثلاثاء الماضي أنه لن يتراجع عن قراراته إطلاقًا وأنه سيقوم بمراجعة ارتفاع أسعار الضرائب كل 3 أشهر.
وأكد اللاوندي، أنه لا يوجد أوجه شبه بين مظاهرات 1968 الطلابية وأعمال العنف التي تجري الآن، فهذا الأسلوب الهمجي الذي يتبعه البعض -وأسماهم ماكرون مخربون- لم يكن موجودًا في مظاهرات 1968 التي أدت لانتخابات برلمانية جديدة.
فيديو قد يعجبك: