لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قصة العائلة التي حافظت على شركتها منذ أكثر من 200 عام

11:08 ص الثلاثاء 09 يناير 2018

جيلان من عائلة لوان يجمعان كلا من براين لوان (يسار

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن (بي بي سي)

انتشرت شائعة في مدينة بالتيمور على السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1895 تقول إن عائلة لوان أغلقت شركتها، لكنها لم تكن إلا مجرد شائعة فقط.

وزع جافيز لوان، الذي كان يدير شركة عائلة لوان وقتها، والتي تصنع أشرعة السفن، ومظلات النوافذ، والخيم، والرايات، وأغطية السيارات، رسائل ومنشورات لتصحيح تلك الشائعة، كتب فيها: "لا، لم يخسر العجوز جيه دبليو لوان أعماله، وإن كان بعض الناس يعتقدون ذلك".

وأضاف على ذلك جملة كانت بمثابة ضربة لما يبدو أنه منافس اختلق تلك الشائعة: "حتى وإن كان البعض الآخر يقول ذلك". وعاد عمل الشركة وقتها إلى القمة ولا يزال بحالة جيدة حتى اليوم، تحت اسم شركة "الأخوة لوان".

إنه إنجاز جيد بالنسبة لشركة بدأت في صنع أشرعة السفن عام 1815 وانتقلت بعد 202 سنة إلى التركيز على صنع الخيم، ومستلزمات الحفلات، ومظلات النوافذ.

وبحسن إدارة هذا الفرد من عائلة لوان، استطاع إنقاذ أعمال الأسرة الخاصة لستة أجيال تعاقبت بعده. وكلمة "إنقاذ" تتناسب هنا مع العبئ المُضاف إلى العمل مع الأقرباء، مثل مشكلة مَن من هؤلاء سيرث إدارة أعمال الشركة.

في الحقيقة، هناك ثلاثة في المئة فقط من شركات العائلات استمرت حتى الجيل الرابع أو بعد ذلك قليلا، بحسب مجلة "فاميلي بيزنيس ريفيو" الأكاديمية المتخصصة في بحث الأعمال العائلية.

ويقول برايان لوان، وهو المدير الحالي لأعمال العائلة، ويبلغ من العمر 55 عاما: "أعتقد أن الحظ حالفنا في أكثر من مناسبة، فعندما كانت تنحسر تجارة ما لدينا، كنا قادرين دائماً على إضافة تجارة أخرى".

وتحول العمل من بيع أشرعة أحيانا إلى تأجير الخيم، ويدين براين بمهنته هذه التي يمارسها منذ 30 عاماً لجوزيف لوان، وهو صانع أشرعة من بورتسموث في إنجلترا، والذي نشر تجارته في بالتيمور عام 1815. وكان هذا أفضل مكان اختاره جوزيف لتأسيس أعماله في الولايات المتحدة، حيث تتمتع المدينة بميناء عميق وفّر وجود الكثير من السفن التي تحتاج إلى أشرعة جديدة دائماً.

كما أن أغلب موانئ الساحل الشرقي للولايات المتحدة كانت تعتبر نقطة انطلاق لداخل المدينة، وكذلك لتجارة الأغطية القماشية للسيارات.

وبعد أن ورث الابن العمل عن أبيه، وحلّت المحركات البخارية محل الأشرعة، كانت تجارة الأشرعة قد انتهت افتراضياً مع بداية القرن العشرين. لكن جاءت الحاجة لمظلات النوافذ بشكل أساسي لتخفيف حدة موسم الصيف الخانق في بالتيمور.

ومع مجيء المكيفات الكهربائية، تراجعت أعمال تلك المظلات، لتبدأ الشركة في صنع الخيم القماشية في الخمسينيات من القرن العشرين، وأصبحت مصدر الربح الأساسي للعمل. واليوم أصبح لدى الشركة حوالي 85 موظفاً، ودخل سنوي بقيمة خمسة ملايين دولار.

وبالإضافة إلى تأجير الخيم لكل المناسبات، من الأعراس إلى المؤتمرات، تؤجر الشركة كذلك كل المستلزمات المطلوبة للمناسبات الكبرى، مثل الطاولات، والكراسي، والصحون والكؤوس، وحتى الأرضية المخصصة للرقص.

ويقول براين، الذي بدأ حياته العملية وهو طالب في كلية تأهيل المعلمين: "لا زلنا نتعلم دائماً كيف نحسّن من أعمالنا، والطريقة التي نقدم ذلك بها".

وقد أراد براين أن يدرس التعليم كي يكون مُلماً بالمهن المختلفة، لأنه كان واثقاً من أنه سيكون جزءاً من أعمال العائلة في وقت ما. وعندما كان براين يدرس في إسبانيا وهو في سن الـ 24، تلقى مكالمة من والده مورغان الذي أعلن أنه يفكر في بيع شركته.

وخلال أسابيع قليلة، عاد براين وبدأ العمل تحت إشراف والده، وتقاعد مورغان منذ 20 سنة الآن، بعد أن أوكل لابنه جميع مهام العمل.

ويقول براين: "من المحزن أن أقول هذا، لكني استمتعت بالعمل أكثر بعد مغادرته". وكما يشرح، فقد أعطاه ذلك فرصة لكي يضع بصمته الخاصة على أعمال العائلة كما فعل والده من قبل، عندما تولى إدارة الشركة.

لكن مورغان لا يزال يساعد ابنه من وقت لآخر أثناء البيع، أو يقل ابنه بالسيارة إلى الاجتماعات القريبة من العاصمة واشنطن لكي يساعده في التركيز في إنجاز أعماله دون الالتفات لقيادة السيارة. ويقول مورغان مازحاً: "أشعر وكأنني العجلة الإضافية للسيارة عندما آتي إلى العمل".

وقرر مورغان عدم الخوض في أعمال الشركة بعد التقاعد، وترك العمل لبراين وأخيه سكوت الذي يساعده. ويضيف مورغان: "تعاقب الأجيال ليس سهلاً، لأنك تستبعد مرحلة تخص أناسا آخرين، لكنني سعيد بكيفية قيادتهما للعمل".

وتقول باربرا سبيكتر، رئيسة تحرير في مجلة "فاميلي بيزنيس": "إنه لإنجاز عظيم أن تحافظ على شركتك لخمسة أو ستة أجيال".

ومن أهم المشاكل التي قد تواجهها شركات العائلات هو ميل الأفراد وخاصة من الجيل الأصغر للحذر من التغيير، كي لا يجرحوا مشاعر الجيل الأكبر.

لكن عليك التأقلم وإلا ستكون نهايتك، كما تقول سبيكتر، والتي تضيف: "إن إرث العائلة هو بناء الأعمال واستمرارها، أكثر من كونه الاستمرار في عمل معين، وفقا لحاجة السوق التي قد تتغير".

كما تقول سبيكتر إن الشركات العائلية تكون عرضة للاختفاء بعد الجيل الثالث أو الرابع، لأن أولاد الأعمام البعيدين قد لا يتمتعون بمعرفة فعلية لبعضهم البعض، كالتي كانت لدى الآباء. وذلك لأنهم ربما يعيشون في مدن أو بلدان مختلفة، وربما ليس لديهم نفس القيم والتوجهات المتعلقة بالإدارة.

كما إن قيام بعض أفراد العائلة ببيع حصص في الشركة لأشخاص من خارج العائلة "يجعل الأمور أسهل حتماً"، حسبما تعتقد سبيكتر.

لكن استمرار شركة "الأخوان لوان" كشركة عائلية إلى الجيل القادم ليس أمرا أكيداً، فأولاد براين لديهم اهتمامات أخرى، وهو حريص على عدم الضغط عليهم لينضموا إلى الشركة، ويقول: "سيكون مدهشاً إذا دخل ابني أو ابنتي إلى مجال الأعمال هذا، وسيجري هذا الحديث لاحقاً، لكنني لا أخطط له".

ويتوافد المستثمرون على شركة "الأخوة لوان" لشرائها، لكن براين يقول إنه رأى نماذج سابقة لشركات عائلية قامت بذلك، ولم تكن تجربة جيدة، ويضيف: "ستنتهي الشركة برمتها، فهم يقولون إنهم سيُبقون الموظفين، لكنهم لا يفعلون ذلك".

لقد عمل الكثير من موظفي "الأخوة لوان" لدى الشركة على مدى عقود، وقد يكون بيعها لبعضهم هو الخيار الأفضل مستقبلا بدلا من بيعها لغرباء. "لقد كرّسوا حياتهم للشركة"، حسبما يقول براين.

ويرى براين أنه إن لم يتبق أحد من العائلة يرغب في العمل في الشركة، فإن بيعها للموظفين هو أفضل طريقة للحفاظ على إرث جوزيف لوان الذي بدأ منذ ذلك الوقت الطويل، ويضيف: "أنا متأكد أنه (جوزيف) لم يفكر قط في أننا اليوم هنا لا زلنا نقوم بالعمل".

 

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: