"نار وغضب".. أخطر ما تسرب عن ترامب في البيت الأبيض
كتب - سامي مجدي:
بات كتاب المؤلف مايكل وولف المثير للجدل عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأكثر مبيعا على الإنترنت؛ فالجلبة التي أحدثها الكتاب جعلت الطلب عليه لا يتوقف منذ نشر مقتطفات منه في مجلة نيويورك الأربعاء الماضي ورد ترامب عليه ووصفه بأنه "مليء بالأكاذيب."
وهدد ترامب باتخاذ إجراء قانوني حتى توقف دار النشر، مؤسسة هنري آند هولت، طرح الكتاب إلا أن الناشر سارع بإصداره يوم الجمعة قبل الموعد المقرر بأربعة أيام "بسبب الطلب الساحق عليه".
الكتاب حافل بالقصص والروايات المثيرة عن الرئيس الأمريكي، الذي لم يكن يتوقع لا هو ولا فريقه الفوز على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، بحسب ما أورده "وولف" في كتابه. بنى "وولف" -كما قال-، الكتاب على أكثر من 200 مقابلة أبرزها مع المستشار الاستراتيجي للبيب الأبيض سابقا ستيف بانون الذي قال ترامب عنه إنه "فقد عقله" بعدما أقاله في أغسطس الماضي.
ومن أبرز ما جاء في الكتاب الذي يحمل عنوان: "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض"
الفوز فاجأ حملته
كتب وولف أنه لم يكن هناك في حملة ترامب من يعتقد أن أمام المرشح الجمهوري فرصة للفوز على كلينتون. كان ترامب يخطط للاستفادة من هزيمته لزيادة ثروته وشهرته وتدشين شبكة تلفزيون تحمل اسم ترامب.
كما أن كبار مستشاريه خلال الحملة رغبوا في الحصول على فرص عمل في محطات التلفزة أو السياسة، بحسب الكتاب.
ونقل الكتاب عن مستشار الأمن القومي مايكل فلين، -الذي أقيل-، قوله لأصدقائه إنه تلقي 45 ألف دولار من الروس مقابل كلمة يلقيها "يمكن أن تكون مشكلة إذا فزنا."
وقال ترامب لرئيس شبكة "فوكس نيوز" روجر ايليز قبل أسبوع من الانتخابات: "هذا أكبر مما كنت أحلم به"، مضيفا: "أنا لا أفكر في الخسارة، لأنها لن تكون خسارة. لقد فزنا تماما"، حسبما جاء في الكتاب.
وفقا للكتاب، كانت ميلانيا ترامب من بين هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أن زوجها لن يفوز. وفي ليلة الانتخابات "بكت - ولم يكن بكاؤها فرحا". بيد أن متحدث باسم السيدة الأولى رد قائلا إنها شجعت زوجها على الترشح للرئاسة، وكانت سعيدة بفوزه.
قال وولف إن الرئيس وزوجته الثالثة ينامان في حجرتي نوم منفصلتين. وفي يوم التنصيب، "شوهد ترامب يتشاجر مع زوجته التي كانت على وشك البكاء بالدموع وتعود إلى نيويورك"، بحسب المؤلف.
تحدث وولف أيضا عن تكتيكات ترامب المزعومة لإغراء السيدات المتزوجات: يتحدث مع أزواجهن عن الجنس ويغريهن بأن "هناك فتيات قادمات من لوس أنجلوس"، ويجعل زوجاتهن يستمعن إلى الحديث عبر مبكر صوت.
تلفزيونات ترامب
تحتوي غرفة نوم ترامب في البيت الأبيض على ثلاث تلفزيونات، بعد أن أصر على وضع اثنين اخرين.
يقول وولف: إذا لم يكن ترامب يتناول العشاء في الساعة 6:30 مع ستيف بانون، فإنه سيكون في سريره في ذلك الوقت يتناول "تشيز برجر"، ويشاهد شاشاته الثلاث ويجري اتصالات هاتفية - كان الهاتف نقطة اتصاله الحقيقية مع العالم - مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء، الذين كانوا يرصدون ارتفاع وانخفاض مستويات توتره وعصبيته خلال المساء، ومن ثم يقارنون ملاحظات بعضهم البعض.
وكشف وولف أن ترامب كان له مواجهة غاضبة مع جهاز الخدمة السرية حيث كان يريد تركيب قفلا في باب غرفة النوم، لكن الجهاز المسؤول عن تأمين المكان الأكثر أمنا في العالم، كما يعتقد، لم يرد ذلك.
في الكتاب أيضا أن الرئيس "وبخ موظفي إدارة شؤون المنزل (في البيت الأبيض) لجمعهم قميصه من على الأرض". كما أنه "فرض مجموعة من القواعد الجديدة: لا أحد يمس شيئا، خاصة فرشاة أسنانه". فهو يخاف منذ زمن بعيد من تعرضه للسم وهو أحد أسباب تفضيله تناول الطعام من ماكدونالدز.
هناك أيضا شعر ترامب الذي قال الكتاب إن ابنته إيفانكا سخرت من قصة الرئيس. وأوضح "وولف" أن إيفانكا قالت لصديقاتها في السابق إن سبب هذه التسريحة عملية زرع شعر خضع لها والدها. "وهذا ليس بالأمر المفاجئ حيث اعتبر ترامب هذه الحكاية الأكثر مللا، حيث أنه فخور بشعره."
ونقل وولف عن ستيف بانون قوله إن إيفانكا تتطلع لمنصب الرئاسة في المستقبل بناء على اتفاق مع زوجها جاريد كوشنر. وبانون هو الذي أطلق تعبير "جارفانكا". ويكن بانون عداءً شديدا لإيفانكا وزوجها فهما يمثلان كل شيء يقاتل ضده، ولكن بفضل الصلات العائلية استحوذا على أذني ترامب.
في الكتاب يسرد وولف تفاصيل محاولات فاشلة مزعومة لتقديم إيجازات لترامب حول السياسة والشؤون الداخلية أو حتى أساسيات الدستور الأمريكي. وقال وولف إن معظم مساعدي البيت الأبيض وحتى أفرادا من عائلة ترامب يشككون في قدرة ترامب البالغ من العمر 71 سنة العقلية على القيام بمهام رئيس أقوى دولة في العالم.
وزعم المؤلف أن ترامب لم يكن على سبيل المثال يعلم من هو زعيم مجلس النواب السابق جون بونر عندما اقترح اسمه لتولي منصب كبير موظفي البيت الأبيض. وقال وولف إن ترامب يكرر نفسه باستمرار غالبا بشأن ما يقوله مذيعو التلفزيون عنه.
ترامب كان يريد تركيب قفلا في باب غرفة النوم.. ومعظم مساعدي وعائلته يشككون في قدرته العقلية
لقاء الروس
ووفقا لما جاء في الكتاب، وصف ستيف بانون اجتماع دونالد ترامب جونيور نجل الرئيس مع الروس بأنه خيانة مشيرا إلى أن "الروس عرضوا على نجل ترامب معلومات تدمر جهود المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الفوز بالانتخابات".
كان ذلك سببا رئيسيا في رد الفعل العنيف من البيت الأبيض. فبانون الذي كان حتى قبل عدة شهور من أقرب الناس إلى الرئيس، وجه انتقادات شديدة لقرار ترامب بإقالة جيمس كومي من إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي واعتبره "أسوأ قرار في تاريخ السياسة الحديثة".
نقل وولف عن "بانون" قوله: "حتى لو اعتقدت أن لقاءات بين مسؤولين روس وصهر ترامب جاريد كوشنر، أو ابن ترامب، أو مدير حملته باول مانفورت، لم تكن خيانة، كان يجب استدعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي على الفور للتحقيق".
وقال بانون إن ترامب لم يعلم البتة بلقاء ابنه دونالد جونيور وكوشنر ومانفورت مع المحامية الروسية. وقال بانون إن الرئيس ربما كان قد التقاهم بنفسه.
ينقل الكتاب عن بانون قوله "ظن الرجال الكبار الثلاثة في الحملة أن لقاء حكومة اجنبية في برج ترامب في قاعة المؤتمرات في الطابق الـ25، من دون محامين، فكرة جيدة".
ويضيف "لم يكن برفقتهم أي محام". ويقول "حتى لو كنت تعتقد أن اللقاء ليس خيانة وليس غير وطني أو قذارة، وأنا أعتقد أنه كل ذلك، كان الأجدى الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فورا".
وقال بانون في الكتاب إن التحقيقات في التواطؤ المحتمل بين روسيا ومسؤولي حملة ترامب من المرجح أن تركز على غسيل الأموال.
وأوضح أن "المسألة برمتها تتعلق بغسيل الأموال.. طريقهم إلى ترامب اللعين تعبر في بول مانافورت ودون جونيور وجاريد كوشنير.. واضح جدا.... (التحقيق) يطال دويتشه بنك وكل قذارة كوشنر.. قذارة كوشنر كريهة. سيذهبون هناك".
ونقل عن بانون قوله "سوف يحطمون دون جونيور مثل بيضة على التلفزيون الوطني".
ويورد الكتاب عن مستشارين من خارج البيت الأبيض. فالقطب الإعلامي المشهور روبرت مردوخ وصف ترامب "بالسخيف الأحمق"، ونفى توم بارك أن يكون قد قال إن ترامب "ليس مجنونا فقط بل إنه غبي."
ووفقا لوولف، يفضل ترامب النساء كمساعدات قريبات منه مثل هوب هيكس وكيليان كونواي: "إنه بحاجة إلى معاملة خاصة - شديدة الخصوصية. النساء، كما أوضح لأحد أصدقائه - يقومون بذلك في العموم بشكل أدق من الرجل، خاصة النساء الذين يخترن بأنفسهن التسامح أو يغضضن الطرف أو يستمتعن بمزاجه الجنسي وعباراته الجنسية المستمرة."
ترامب يرد
ومع صدور تقارير تحمل مقتطفات من الكتاب في مجلة نيويورك وصحيفة الجارديان بداية من الأربعاء الماضي، شن ترامب هجوما شديدا على كبير مستشاريه السابق ستيف بانون.
لم يلجأ ترامب هذه المرة - في بادئ الأمر - إلى وسيلته المفضلة "تويتر"، بل أصدر بيانا رسميا من البيت الأبيض الأربعاء قال فيه إن بانون فقد عقله بعدما أقيل من منصبه.
وأضاف أن "ستيف بانون ليس له علاقة بي أو بفترة رئاستي، وعندما تم فصله لم يفقد عمله فقط بل فقد عقله أيضا".
وتابع ترامب في البيان "ستيف بدأ العمل معي بعدما كنت قد فزت بالفعل بترشيح الحزب الجمهوري متفوقا على 17 منافسا.... الآن هو بمفرده وستيف يتعلم أن النجاح ليس بالسهولة التي أجعله يبدو بها وليس له أي نصيب في النجاح التاريخي الذي تم بمشاركة الرجال والنساء المنسيين في هذه الأمة".
وأضاف الرئيس الأمريكي أن بانون يتظاهر وكأنه في حرب مع وسائل الإعلام، التي يصفها بحزب المعارضة، وذلك بالرغم من أنه قضى وقته في البيت الأبيض يسرب معلومات خاطئة للإعلام ليبدو أكثر أهمية مما كان، وهذا هو الأمر الوحيد الذي يجيده.
ورد بانون على انتقادات ترامب، في برنامجه الإذاعي بريتبارت الأربعاء، قائلا إن ترامب "رجل عظيم" وإنه أيده "يوما بعد يوم".
وبعد لقاء ترامب مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الخميس، سأله أحد الصحفيين، ما إذا كان مستشاره السابق للشؤون الاستراتيجية قد خانه. أجاب ترامب: "لا أعرف، لقد وصفني بأني رجل عظيم الليلة الماضية، لذلك يبدو أنه قد غير من لهجته بشكل سريع للغاية".
ويوم الجمعة عاد ترامب إلى تويتر لنفس الموضوع وغرد عن مؤلف الكتاب قائلا: "لم أتحدث أبدا إليه لهذا الكتاب. مليء بالأكاذيب، والتحريفات والمصادر التي لا وجود لها. انظروا إلى ماضي هذا الشخص وشاهدوا ما حدث له ولستيف القذر!".
ووجه محامي ترامب إنذارا قانونيا إلى مايكل وولف، نشرته صحيفة واشنطن بوست. طالبوا فيه وولف والمؤسسة الناشرة للكتاب بـ"الوقف الفوري والكف عن أي نشر للكتاب". الذي نشر بالفعل الجمعة قبل موعده بأربعة أيام حيث كان مقررا أن يصدر في التاسع من يناير.
واتهم البيان القانوني وولف باختلاق "العديد من التصريحات الزائفة، و/ أو التي لا أساس لها" عن ترامب، وقال إن محامي ترامب يدرس ملاحقته بتهمة التشهير. كما أرسل المحقق تشارلز جيه هاردر أيضا خطابا بالتوقف والكف إلى بانون يوم الأربعاء، قائلا إنه انتهك اتفاق عدم إفشاء المعلومات.
من هو ستيف بانون؟
كان بانون يشغل منصب كبير المخططين الاستراتيجيين في البيت الأبيض، وهو منصب أثار خلافات فيما بين الجمهوريين والديمقراطيين بالنظر إلى يمينية بانون الواضحة. وكان قبل إقالته أحد القوى المؤثرة الرئيسية في إدارة ترامب.
برز دور بانون على سبيل المثال في الأول من يونيو الماضي عندما أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن المناخ، التي تعد أحد الأهداف البارزة في سياسة بانون.
وفي إبريل الماضي، سعى ترامب على ما يبدو إلى تقليل تأثير بانون، عندما رفض التأكيد على أن كبير مساعديه مازال يحظى بدعمه.
وشرع في التقليل من أهمية دور بانون في مقابلة خاصة أجرتها معه صحيفة "نيويورك بوست" عندما قال "أنا المستشار الاستراتيجي لنفسي".
وقال ترامب للصحيفة: "أحب ستيف، لكن عليكم أن تتذكروا أنه لم يكن مشاركا في حملتي الانتخابية حتى وقت متأخر جدا".
بعد هذه المقابلة خفت نجم بانون قليلا وبدأت تتردد أحاديث عن إقالته، حتى اتخذ ترامب قراره في أغسطس.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية أن بانون شارك في صراع على السلطة مع صهر ترامب ومستشاره البارز، جاريد كوشنر، الذي يتمتع بنفوذ وتأثير في إدارة ترامب.
فيديو قد يعجبك: