لماذا شنت تركيا هجومها على "عفرين" وما التداعيات المحتملة؟
أنقرة – (أ ف ب)
أطلقت القوات التركية، أمس السبت، حملة عسكرية جوية وبرية تستهدف مواقع لميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا.
لماذا شنت أنقرة هذا الهجوم على منطقة عفرين، وما هي المخاطر والتداعيات التي قد تنجم عنه؟
لماذا تهاجم أنقرة الميليشيا الكردية؟
تعتبر تركيا ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية بمثابة امتداد سوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا الذي تصنفه إرهابيا، على غرار ما تفعل دول غربية عدة.
لذلك تنظر تركيا الى هذه الميليشيا على أنها تهديد لأمنها القومي، وسبق أن اتهمتها بقصف بلدات تركية حدودية مع سوريا مرات عدة في الأشهر الـ12 السابقة.
وقد هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرارا بشن عملية عسكرية ضد عفرين، مؤكدا أن وحدات حماية الشعب الكردية تمثل تهديدا للأمن القومي التركي.
وقال مسؤول تركي كبير، طلب عدم كشف اسمه، إن الهدف من الهجوم على شمال سوريا هو "تحرير هذه المنطقة عبر إزالة الإدارة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية فيها".
ويقول ماكس هوفمان المحلل في "سنتر فور أمريكان بروجرس" إن تركيا "مستاءة جدا" من توازن القوى القائم حالياً في شمال سوريا، الذي بات يميل كثيرا لصالح الأكراد والنظام السوري.
وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس "أن أنقرة تخشى أن ينشأ بحكم الأمر الواقع كيان كردي معاد جدا لها في سوريا على حدودها الجنوبية".
والمعروف أن وحدات حماية الشعب الكردية تتلقى مساعدات كثيرة من قوات التحالف الدولي، وكان لها دور كبير في طرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من مناطق واسعة في سوريا وخصوصا من مدينة الرقة.
من جهته قال المحلل العسكري التركي عبدالله اغار، إن الدعم المتزايد من واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية خصوصا بالسلاح "أثار قلقا شديدا" لدى تركيا.
ما هي المخاطر التي قد تواجه الجيش التركي؟
تؤكد السلطات التركية أن أنقرة ستستفيد خلال حملتها العسكرية هذه في منطقة عفرين من الخبرة التي اكتسبتها خلال توغلها الأول داخل الاراضي السورية بين أغسطس 2016 ومارس 2017 عندما واجهت تنظيم داعش ووحدات حماية الشعب الكردية في الوقت نفسه.
وأضاف المسؤول التركي الكبير "سنستفيد من الخبرات التي راكمناها في جرابلس وأعزاز والباب"، وهي ثلاث مدن انتزعتها القوات التركية من تنظيم داعش في تلك الفترة في إطار ما عرف يومها بعملية "درع الفرات".
وأوضح المحلل اغار أنه لا يتوقع أن تكون العمليات العسكرية "سهلة"، بسبب عدد المقاتلين الأكراد الكبير، واكتظاظ منطقة عفرين بالسكان المدنيين.
وأكد الجيش التركي أنه اتخذ كل الاحتياطات اللازمة لتجنب سقوط ضحايا مدنيين.
من جهته قال المحلل ارون لاند من مؤسسة "سنتشوري"، إنه لن يكون من السهل على وحدات حماية الشعب الكردية، رغم انضباطها وشراسة مقاتليها، الوقوف بوجه حملة عسكرية واسعة للجيش التركي.
وتابع في حديث لوكالة فرانس برس أن المقاتلين الأكراد "سيقاومون الهجوم التركي بشراسة، إلا أنني لا أعرف بالتحديد نوع السلاح الذي يملكونه، لذلك سيكون من الصعب جدا صد الهجوم التركي".
وأضاف لاند أيضا "في حال قررت تركيا النزول بقوة في هذه المعركة، وفي حال لم تتدخل روسيا ولا (الرئيس السوري بشار) الاسد، فان ميزان القوى لن يكون لصالح الاكراد".
واوضح اخيرا ان وحدات حماية الشعب الكردية ستسعى لحصول ضغوط دبلوماسية على تركيا لوقف هجومها.
ماذا يمكن ان تكون تداعيات الهجوم التركي؟
منذ بدء الهجوم التركي السبت والمحللون يتساءلون حول التداعيات المحتملة لهذا الهجوم على عملية السلام في سوريا، وعلى "مؤتمر الحوار الوطني السوري" المقرر ان ينعقد في سوتشي في روسيا في الثلاثين من يناير الحالي.
وكان لروسيا عدد من الجنود في منطقة عفرين بمثابة مراقبين، إلا أنها عمدت إلى سحبهم قبل بدء هجوم انقرة رغم أنها تقيم علاقات جيدة مع وحدات حماية الشعب الكردية.
إلا ان المحلل هوفمان يعتبر أن هذه العلاقة بين موسكو والميليشيا الكردية قد لا تتمكن من الصمود بعد الهجوم التركي.
وأضاف هوفمان أن العملية التركية "قد تزرع الشقاق" بين موسكو ووحدات حماية الشعب الكردية، مشيرا إلى بيان لحزب الاتحاد الديموقراطي، الجناح السياسي للميليشيا الكردية يحمل فيه روسيا وتركيا على السواء مسؤولية الهجوم التركي.
كما يعتبر المحلل لاند أن تعثر الهجوم التركي في شمال سوريا، عسكريا ودبلوماسيا، قد ينعكس سلبا على موقع أردوغان داخل الساحة الداخلية التركية.
وشرح لاند أن "أردوغان يسعى الى اكثرية قوية داعمة له في تركيا قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة عام 2019".
وأمام هذه الاستحقاقات فان اردوغان قد يسعى الى تعبئة الناخبين عبر انتهاج خط قومي متشدد.
ويخلص لاند في هذا الإطار إلى أن "تسجيل نصر عسكري سريع بأقل قدر من الخسائر سيخدمه كثيرا، في حين أن أي تعثر لن يفيد سوى المعارضة".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: