لماذا لاتكشر ألمانيا عن أنيابها فى وجه تركيا؟
برلين - (د ب أ):
اتخذت المانيا، بعد فترة من التردد، بعض الاجراءات ضد تركيا، حيث أصدرت توصيات سفر أكثر شدة للسياح الألمان، وقامت بمراجعة ضمانات ائتمان التصدير للشركات التركية.
وظلت ألمانيا ترقب شجب أنقرة لسياسيها وتصفهم بالنازيين، وتمنعهم من زيارة الوحدات العسكرية الألمانية في تركيا وتعتقل صحفيها ونشطاء حقوق الإنسان، وكان بإمكانها عندئذ إذن اتخاذ إجراء أكثر صرامة.
كان بإمكان برلين أيضا الاعتراض على ترتيبات الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي مع تركيا، أو حتى المطالبة بفرض عقوبات صارمة عليها، تماما كما فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدما أسقطت تركيا مقاتلة روسية في 2015 .
وآلمت هذه الخطوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كثيرا لدرجة أنه اعتذر لبوتين.
إذن لماذا لا تنتهج برلين نهجا أكثر صرامة تجاه تركيا؟ فيما يلي تسعة أسباب تفسر سبب التزام ألمانيا بسياسة ضبط النفس مع تركيا.
تناسب العقوبات: اعتقال نشطاء حقوقيين وصحفيين أمر، وانضمام إقليم إلى دولة أخرى أمر آخر.
لقدانضمت ألمانيا إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد موسكو،ردا على الاحتلال الروسي - من وجهة النظر الغربية- لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ودعم روسيا للانفصاليين في شرق أوكرانيا.
وشملت العقوبات حظرا على واردات البضائع المصدرة من القرم، إلا إذا كانت تحمل شهادات أوكرانية، ومنع الاستثمار في القرم، وحظر تقديم الخدمات السياحية هناك.
إلا أن مثل هذه الإجراءات العقابية لم تتقرر بعد ضد تركيا.
*الألمان ذوي الاصول التركية: يعيش في ألمانيا ثلاثة ملايين من ذوي الأصول التركية، والكثير منهم من مؤيدي أردوغان.
يكتسب هؤلاء الأشخاص أهمية في ألمانيا، حيث ساعدوا فى بناء البلاد، فيما أشار وزير الخارجية زيجمار جابرييل أمس الأول الخميس إلى "العمال الضيوف" الأتراك الذين جاؤوا الى ألمانيا فى ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، قبل ان يستقروا مع عائلاتهم.
وقال جابرييل: "نحن لا نريد أن نخسرهم، وأنا متأكد من ذلك، لن نخسرهم".
* السياحة: تركيا مقصد مفضل لدى السياح الألمان، ولكن وزارة الخارجية الألمانية تحث رعاياها على ممارسة قدر كبير من الحيطة والحذر عند السفر هناك.
ويعد إصدار تحذير رسمي من السفر خطوة أكثر قسوة، لأنه سيشير إلى وجود خطر محدق للسياح الألمان في تركيا، وهو ما سيؤثر بالسلب على زيارتهم لتركيا.
* دعم المحتجزين: اتخاذ برلين موقفا أكثر صرامة تجاه أنقرة يمكن أن يعرض حياة الألمان المحتجزين لديها للخطر، وهناك حاليا تسعة أفراد يحملون الجنسية الألمانية محتجزين في السجون التركية.
تقول وزارة الخارجية الالمانية ان الدعم القنصلي المنتظم"قائم حتى الآن بكل المحتجزين وفقا للقانون الدولي".
وحث وزير العدل الألماني هايكو ماس إلى توخي الحذر قائلا:" أعتقد أنه سيكون من الخطأ، في الوقت الراهن، توفير الذرائع لتركيا لتمنعنا (من ممارسة الحق في تقديم الدعم القنصلي للمحتجزين)".
يشار إلى أن المواطنين من حاملي الجنسية التركية والألمانية ليس لهم الحق في الدعم القنصلي بموجب القانون الدولي. ومن غير المعروف عدد حاملى الجنسية المزدوجة بين التسعة المحتجزين.
* الشراكة في منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو): تركيا عضو في الناتو منذ 1952. والجيش التركي الذي يعمل به نحو 640 ألف جندي وموظف مدني، يمثل أحد أكبر الجيوش في العالم، وهناك حاجة إليه في القتال ضد تنظم الدولة الاسلامية (داعش) الإرهابي.
* القوات المسلحة الألمانية: تركيا مهمة كقاعدة للقوات الألمانية. وفي خطوة غير مسبوقة، وافق البرلمان الألماني على نقل قاعدة جوية ألمانية من أنجيرليك في تركيا إلى الأردن.
وجاءت هذه الخطوة ردا على منع تركيا المتكرر دخول برلمانيين ألمان يسعون لزيارة القاعدة العسكرية. ولكن القوات الألمانية مازالت متمركزة في قاعدة حلف الناتو في مدينة قونية التركية، رغم أن أردوغان يمنع أيضا زيارات البرلمانيين هناك.
* عضوية الاتحاد الأوروبي: تركيا مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 1999، والمفاوضات في هذا الشأن جارية منذ عام 2005. وفي تشرين ثان/نوفمبر 2016، طالب برلمان الاتحاد الأوروبي بتجميد المفاوضات، ثم أعلن التكتل أن المحادثات لن تتوسع في الوقت الراهن.
وفي حال حصول تركيا على العضوية، فستكون ثاني أكبر دولة من حيث التعداد السكاني في الاتحاد الأوروبي.
وكان الهدف الأصلي من عضوية الاتحاد الأوروبي المأمولة هو ربط تركيا بشكل أوثق بالغرب وبأوروبا. وفي الوقت الراهن، تلاشى هذا الأمل تقريبا.
*اتفاقية اللاجئين: أكسبت اتفاقية اللاجئين التركية مع الاتحاد الأوروبي نفوذا سياسيا لأنقرة. ووفقا لبياناتها، استقبلت تركيا 7ر2 مليون لاجئ منذ بداية الصراع السوري.
وهددت أنقرة مرارا وتكرارا بإلغاء اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي. ومن جانبها، لاتشعر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالحماس إزاء رؤية أردوغان يفتح الحدود أمام موجة هجرة حاشدة أخرى من اللاجئين إلى أوروبا، سيما في وسط الحملة الانتخابية الألمانية.
*جسر إلى الشرق: تعتبر تركيا جسرا بين أوروبا وآسيا. فمن جانب، لديها جيران مثل سورية والعراق وإيران، بينما على الجانب الآخر تتقاسم الحدود مع اليونان وبلغاريا العضوين بالاتحاد الأوروبي.
ويساور برلين القلق من أن اتخاذ خطوة أكثر صرامة تجاه تركيا يمكن أن يتسبب في اتجاه البلاد شرقا، والإرتماء في أحضان روسيا.
فيديو قد يعجبك: