الموصل.. من فجر الجامع النوري ومئذنته الحدباء؟
كتبت – إيمان محمود
مع استمرار تضييق الخناق على تنظيم "داعش" في معقله بمدينة الموصل العراقية، وبينما كانت القوات العراقية على بعد 50 مترًا من جامع النوري في الموصل القديمة، قام مسلحو "داعش" بتفجير جامع النوري ومنارة الحدباء التاريخية، وفق ما أعلنته خلية الإعلام الحربي للجيش العراقي.
وقال قائد عمليات "قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله في بيان: "أقدمت عصابات داعش الإرهابية على ارتكاب جريمة تاريخية أخرى وهي تفجير جامع النوري ومئذنة الحدباء التاريخية" بالمدينة القديمة في غرب الموصل.
وقالت القوات المسلحة العراقية: "المتشددين فجروا المسجد لدى تضييق جنودها الخناق عليهم". غير أن التنظيم نفى ذلك وزعم أن طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هو من قصف المسجد التاريخي.
التحالف الدولي أكد الاتهامات العراقية للتنظيم بالوقوف وراء عملية التفجير، وقال في بيان له إن داعش "دمر أحد أهم كنوز الموصل والعراق بينما كانت القوات العراقية تقترب من المكان" ووصف البيان هذه العمل "بالجريمة التي ارتكبها التنظيم بحق أهل الموصل والعراق ككل وهو أحد الأمثلة التي تبرر ضرورة محوه من الوجود".
وفي وقت سابق، أعلنت القوات العراقية أنها بدأت الأربعاء تحركا باتجاه جامع النوري في الموصل، الذي أعلن منه زعيم تنظيم داعش قيام دولة الخلافة قبل ثلاث سنوات. وقال الجيش إن قواته طوقت أمس معقل التنظيم في مدينة الموصل القديمة حيث يقع الجامع.
وتكثفت المعارك منذ أشهر لاستعادة جامع النوري الكبير في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، للقضاء على التنظيم المتطرف وخلافته المزعومة، التي أعلنها أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" من على منبر الجامع عام 2014.
وتمكنت القوات الحكومية من طرد عناصر "داعش" من الجانب الشرقي للموصل، في عملية دامت بين أكتوبر 2016 ويناير 2017، ومنذ فبراير الماضي تقوم بعملية في الأحياء الواقعة غرب نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى شطرين، شرقي وغربي.
وفي بيان نشرته وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش، دافع التنظيم عن نفسه، مدعيًا أن طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، قامت بتفجير المسجد في غارة لها.
فيما رفض التحالف الدولي تلك الاتهامات، وقال ممثل التحالف الدولي جون دوريان، إن "التحالف لم ينفذ ضربات في المنطقة التي يوجد بها المسجد التاريخي في الموصل".
أهالي الموصل أيضًا اتهموا التنظيم بتفجير المسجد، مؤكدين أن "داعش" كان يرى في انحناءة المنارة التي يعود بناؤها الى القرن الثاني عشر الميلادي رمزًا يوحي بـ"الانحراف عن الدين"، ما جعلها في دائرة استهداف التنظيم الذي دمر الكثير من المعالم التاريخية والأثرية في ثاني مدن العراق وعلى رأسها متحف الموصل وأماكن تاريخية.
لكن أهل الموصل حالوا دون المساس بالمنارة لأنها "جزء من تاريخ الموصل ورمز للمدينة،" بحسب تعبير أحد سكان المدينة لوكالة الأنباء الفرنسية.
وفي رد فعل على تفجير هاذين المعلمين، قال رئيس الوزراء العراق حيدر العبادي "إن داعش بفعلته هذه قد أعلن هزيمته رسميا" في إشارة الى أن مسجد النوري هو المكان الوحيد التي ظهر فيه أبو بكر البغدادي قبل 3 سنوات والذي سوق منه خلافته على المناطق التي انتزعها من سوريا والعراق.
ويعود تاريخ بناء الجامع النوري الكبير إلى القرن السادس الهجري، أي قبل نحو تسعة قرون، وهو ثاني جامع يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي.
كان الجامع مشهورًا بمنارته المحدبة نحو الشرق، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي، وتعد المنارة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة.
وبعد الاحتلال المغولي للموصل لاقى هذا الجامع كغيره الكثير من الإهمال والتخريب، ودمرت الموصل تدميرا شبه كاملا عام 1734.
ظل المبنى صامدًا قرابة الـ 850 عامًا، حيث نجا من غزو المغول، لكنه لم ينج من تنظيم "داعش".
فيديو قد يعجبك: