توترات متزايدة بين واشنطن وأنقرة.. ودوريات أمريكية على الحدود التركية السورية
كتبت – سارة عرفة:
تزايدت التوترات على طول الحدود التركية السورية، السبت، مع تحريك تركيا والولايات المتحدة عربات مدرعة إلى المنطقة، ومطالبة الرئيس التركي مرة أخرى الولايات المتحدة بوقف دعمها للمسلحين الأكراد السوريين، حسبما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
وقالت الوكالة إن تمركز القوات التركية في منقطة قريبة من الحدود مع سوريا يأتي بعد يوم من مشاهدة القوات الأمريكية في سوريا تقوم بدورية على الحدود المتوترة بين أنقرة ودمشق.
وأشارت أسوشيتد برس إلى أن الدوريات الأمريكية تأتي في أعقاب ضربة جوية تركية ضد قواعد للمليشيا السورية الكردية، الحليف الرئيس لواشنطن في مكافحة تنظيم داعش في سوريا.
"حاجز"
وأضافت أن المزيد من الجنود الأمريكيين شوهدوا السبت في عربات مدرعة في مناطق كردية في سوريا. ووصف مسؤولون أكراد تحركات القوات الأمريكية بأنها "حاجز" بينهم وبين تركيا.
بيد أن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية السورية منظمة إرهابية، وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا مسلحا منذ ثلاثة عقود ضد تركيا.
وقال أردوغان يوم السبت في كلمة في إسطنبول، "لم نكتف بمكافحة الإرهابيين داخليًا، بل طالتهم عملياتنا خارج الحدود من خلال قصف (ب ي د) و(ي ب ك).. أترون كيف يهاجموننا بقذائف الهاون من هناك -شمال سوريا- وتحت غطاء مَن؟ ولكننا نحول تلك المناطق إلى مقابر لهم، ولن نتوقف،" حسبما أفادت وكالة الأناضول الرسمية.
وأضاف أردوغان "قلنا إن مدينة منبج هي هدفنا المقبل (في سوريا) ونؤكد أننا على استعداد لتنفيذ عملية الرقة بالتعاون مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة".
وأظهرت لقطات مصورة التقطت مساء الجمعة صفا طويلا من الشاحنات التركية تحمل عربات عسكرية إلى المنطقة الحدودية. وقالت وكالة "إخلاص" الإخبارية الخاصة إن القافلة كانت متوجهة إلى محافظة شانلي أورفة جنوب شرق البلاد من إقليم كيليس في الغرب.
تقع المنطقة على بعد 50 كيلومتر من بلدة تل أبيض السورية الواقعة تحت سيطرة المليشيات الكردية.
ولفتت أسوشيتد برس إلى أن إعادة تمركز القوات يأتي بعد إعلان مسؤولين أتراك اكتمال مرحلة من عملية "درع الفرات" التركية في سوريا، مضيفين أن القوة قد تستخدم ضد المليشيات الكردية السورية "حال الضرورة."
ونقلت الوكالة عن مسؤولين أكراد قولهم إن الدوريات الأمريكية تراقب الحدود التركية السورية لمنع زيادة التوترات مع تركيا، وهي عضوة في حلف الناتو وحليفة للولايات المتحدة.
ووفقا للوكالة، وصل مزيد من الجنود الأمريكيين في عربات مدرعة إلى مناطق كردية عبر بلدة القامشلي، القريبة من الحدود مع تركيا. ويسيطر الأكراد على أغلب البلدة، بيد أن القوات الحكومية السورية تسيطر على جيوب هناك منها مطار المدينة.
وقالت أسوشيتد برس إن القافلة الأمريكية تبعها مسلحون من وحدات حماية الشعب. وأظهرت لقطات مصورة على الإنترنت سكان أكراد يهتفون للعربات التي ترفع العلم الأمريكي فيما تمر من أمامهم.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن تنقل القوات يأتي في إطار العمليات مع القوات الكردية في شمال سوريا.
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، اليوم السبت، أن قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بدأت تسيير دوريات على الحدود التركية السورية.
وأوضح بيان صادر عن القيادة المركزية الأمريكية، أن قوات التحالف بدأت تسيير دوريات بين حدود سوريا وتركيا للوقوف على الأنباء التي تحدثت عن وقوع اشتباكات بين قوات حرس الحدود التركية مع "قوات سوريا الديمقراطية".
وأوضح البيان أن سبب تسيير الدوريات يأتي "من أجل وضع حد للتوتر الحاصل بين الشريكين الذين نثق فيهما بمكافحة تنظيم داعش"، على حد تعبيره.
يذكر أن تركيا غزت الأراضي السورية في أغسطس الماضي بزعم طرد تنظيم داعش وا ووقف توسع لمقاتلين الأكراد من المنطقة القريبة من حدودها.
نقطة توتر
وكان قضية الأكراد ولا زالت نقطة توتر بين أنقرة وواشنطن، التي اعتبرتها تعيق الحرب ضد داعش. وتضغط تركيا على الولايات المتحدة للسماح لجيشها بالانضمام إلى الحملة العسكرية لاستعادة مدينة الرقة، العاصمة المزعومة لداعش.
ومن المقرر أن يتوجه أردوغان إلى واشنطن في 16 مايو لعقد أول اجتماع له مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي إطار زعمه أن بلاده تقود الحملة الأكثر فعالية ضد داعش، قال أردوغان "دعونا، أمريكا الضخمة، كل قوى هذا التحالف وتركيا، دعونا نتكاتف ونحول الرقة إلى مقبرة داعش."
غير أن وحدات حماية الشعب تشكل العصب الرئيسي لجماعة قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي تدعمها الولايات المتحدة.
وقال ريدور خليل، المتحدث باسم وحدات حماية الشعب في سوريا، إن تركيا تعزز مواقعها الحدودية المقابلة لبلدة تل أبيض ومواقع حدودية أخرى.
وأضاف خليل لأسوشيتد برس "نأمل في ألا يكون هذه التعبئة العسكرية غرضها استفزاز قواتنا أو لهدف اخر مرتبط بدخول الأراضي السورية. لا نرغب في أي مواجهة عسكرية بيننا، لأن أولويتنا هي قتال داعش في الرقة والطبقة."
وقال خليل إن قواته لا تعزز من قدراتها في المنطقة.
قصف متبادل
ويوم الجمعة أُطلقت صواريخ من منطقة تسيطر عليها وحدات حماية الشعب التركي واستهدفت مركز قيادة تابعا للجيش التركي في مقاطعة رأس العين بولاية شانلي أورفة في جنوب شرق تركيا.
وقال الجيش التركي أنه رد على مصادر النيران، وقتل "11 إرهابيا" حسب وصفه، ولم ترد تفاصيل بشأن ضحايا الجانب التركي، حسبما أوردت وكالة الأناضول الرسمية.
وحسب بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية، رد الجيش بالمثل على إطلاق تلك القذائف على مخفر حدودي في قضاء "جيلان بنار" بولاية شانلي أورفة التركية.
ويعد هذا ثالث يوم من الاشتباكات بين الطرفين بعدما قصف الجيش التركي مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي في سوريا، والتي قتل فيها 28 شخصا.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تشعر بـ "قلق بالغ بسبب الغارات الجوية التي جرت بدون تنسيق مع الولايات المتحدة أو التحالف الدولي" فيما يخص الحرب على داعش.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قالت الأربعاء الماضي إن القصف التركي "غير مقبول"، داعية إلى تحلي الطرفين بضبط النفس.
لكن أنقرة أكدت على أنها أخبرت مسبقا واشنطن وموسكو بالقصف.
وقال مصدر في وحدات حماية الشعب الكردي إن القوات الأمريكية ستظل لعدة أيام في المنطقة بعد إنهاء أعمال الدورية بغية إعداد تقرير بشأن الوضع، حسب بي بي سي.
وشهدت العلاقات بين واشنطن وأنقرة مؤخرا توترات تعود جزئيا إلى خلافاتهما إزاء الحرب في سوريا.
ويعتزم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، زيارة واشنطن في منتصف الشهر المقبل آملا أن تتيح الزيارة "فتح صفحة" في علاقات البلدين.
فيديو قد يعجبك: