لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أمريكا تغير سياستها في سوريا وتركيا تتراجع، ومصير المعارضة غامض

04:31 م السبت 01 أبريل 2017

بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

برلين (دويتشه فيله)
أثارت تصريحات لمسؤولين أمريكان حول تغير أولوية إسقاط الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تراجع الأتراك عن عمليتهم "درع الفرات" وتقدم الأكراد تجاه الرقة، مخاوف في أوساط المعارضة وأيضا تساؤلات حول مستقبل النزاع السوري.

رغم الإشارات العديدة التي سبق أن صدرت عن الإدارة الأمريكية الجديدة والتي كانت توحي بتغير سياسة واشنطن في الملف السوري، رأى الكثيرون في تصريحات وزير الخارجية الأمريكية ريكس تلرسون في أنقرة ما يشبه الإعلان الرسمي عن الرؤية الأمريكية الجديدة للصراع السوري، والتي لم تعد تنظر لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد كأولوية في حل النزاع السوري.

وأعلن ريكس تلرسون من أنقرة، وهي أحد أبرز الداعمين للمعارضة السورية، والتي يزورها حالياً أنّ "وضع الرئيس الأسد على المدى البعيد سيقرره الشعب السوري" واعتبر هذا الموقف سابقا من نوعه عكس المواقف الأمريكية الرسمية التي كانت تعتبر سقوط الأسد ضروريا في أي حل للصراع السوري.

السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، عبرت عن تغير الموقف الأمريكي بشكل أكثر وضوحا عندما صرحت يوم الخميس بأن "واشنطن ستعمل مع دول مثل تركيا وروسيا سعيا للتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد للنزاع السوري بدلاً من التركيز على مصير الرئيس السوري".

وأضافت "عندما ننظر إلى الوضع، يجب أن نغيّر أولوياتنا، وأولويّتنا لم تعد الجلوس هنا والتركيز على إخراج الأسد من السلطة".

فما علاقة التغير الأمريكي بالخطوات الأخيرة التي اتخذتها تركيا في سوريا؟ وبما يروج عن أن دول الخليج ستنقل ثقلها في الملف السوري إلى الوساطة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بإشراف واشنطن؟ هل يعني كل هذا أن المعارضة السورية بدأت تفقد حلفاءها الأساسيين؟

تغير أولويات واشنطن
التغير الأمريكي الذي أصبح شبه رسمي الآن أثار الكثير من الجدل وردود الأفعال خاصة من فصائل المعارضة السورية المشاركة في مفاوضات جنيف للسلام الحالية برعاية واشنطن وروسيا.

فقد أكدت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة، يوم الخميس في جنيف، أنها لا يمكن أن تقبل بأي دور للرئيس بشار الأسد في أي مرحلة مقبلة، كما صرح بذلك للصحفيين منذر ماخوس أحد المتحدثين باسم الهيئة في جنيف.

ويقول جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري وعضو الهيئة العليا لمفاوضات جنيف في مقابلة أجرتها معه DW عربية، إن كلام تلرسون عن أن الشعب السوري هو من سيقرر مصير الأسد كلام لا يتناقض مع موقف المعارضة.

ويضيف في هذا السياق: "هذا كلام حق، لكن الشعب السوري يقول منذ ست سنوات رأيه في الأسد. المشكلة في من لا يسمع ما يريد السوريون قوله"، ورغم مواقف الرئيس الأمريكي ترامب التي كانت تتحدث منذ حملته الانتخابية عن أن إسقاط الأسد لن يكون أولوية بلاده وإنما مكافحة الإرهاب، والتصريحات الأخيرة لمسؤولين أمريكيين، يرى صبرا أنه "من المبكر الخروج باستنتاجات حول مستقبل السياسية الأمريكية في سوريا من خلال تصريحات. لا أعتبر أن السياسية الأمريكية تغيرت ومازلنا ننتظر إعلانا واضحا ورسميا من ترامب حول رؤيته للحل في سوريا".

لكن الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري عطوان، يرى في تصريحات تلرسون تأكيدا على أن الأولويات الأمريكية في واشنطن تغيرت بالفعل.

ويشرح ذلك في حديث ل DW عربية بالقول: "بعد ست سنوات من القتال، اقتنع الأمريكان أنه من الصعب إسقاط الأسد وأن روسيا لن تقبل الهزيمة في سوريا. الآن بدأوا يتقبلون هذا الواقع، بالإضافة إلى أن دعمهم للمعارضة سياسيا ولوجستيا لم يأت دائما بالنتائج المرجوة بل بالعكس من ذلك ساهم بشكل أو بآخر في تقوي تنظيمات إسلامية بعضها إرهابي ومتورط في عمليات في سوريا وحتى في أوروبا".

لكل هذا يرى عطوان أن البيت الأبيض يتجه نحو مراجعة جذرية وشاملة للسياسة الأمريكية في سوريا، ولا يستبعد أن تصل هذه المراجعة إلى إشراك الأسد في حربها على الإرهاب.

ويضيف: "كان يفترض أن تلعب فصائل المعارضة هذا الدول، لكن في ظل انقسامها وتشتتها وغياب بديل لنظام الأسد، ربما يرى الأمريكان أن الأسد هو الأكثر تأهيلا للقيام بهذا الدور".

الدور التركي والملف الكردي
من جهة أخرى اعتبر جوزيف باحوط الباحث في مؤسسة كارنيغي، في تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء الفرنسية، أن "الروس يجب أن يكونوا مسرورين جدّاً" لأن الموقف الذي عبّر عنه تيلرسون يتماشى مع الخط الذي تدافع عنه موسكو إحدى الحلفاء الرئيسيين للأسد. ومن المفترض أن يتوجه تيلرسون إلى موسكو الشهر المقبل للاجتماع مع القادة الروس.

وتأتي تصريحات تلرسون وغيره من المسؤولين الأمريكيين بالتزامن مع إعلان تركيا إنهاء عملية درع الفرات التي بدأتها القوات التركية وفصائل تابعة للجيش السوري الحر في أغسطس الماضي بالسيطرة على جرابلس الحدودية، ومن بعدها مدينة الباب وإخراج قوات داعش منهما.

وأيضا قبيل انطلاق الهجوم على مدينة الرقة عاصمة داعش، وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وتتشكل معظمها من الأكراد، على سد مدينة الطبقة ومطارها الاستراتيجي.

انسحاب تركيا المبكر والمفاجئ يربطه الخبير السياسي عطوان بأن الاتراك اقتنعوا بأن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تعارض بقاء الأسد وهذا يتعارض مع خطتهم التي كانت تسعى لإقامة منطقة آمنة والوصول لدمشق للإطاحة بالأسد، بالتالي تركيا لا تريد أن تنجر إلى حرب استنزاف ستكون فيها في مواجهة روسيا وإيران وأيضا الولايات المتحدة نفسها، خاصة وأنها اقتنعت بأن كلا من أوروبا وأمريكا تدعمان بشكل أو بآخر إقامة كيان كردي.

رغم ذلك يرى المعارض السوري صبرا أن تركيا مستمرة في دعمها الكبير للمعارضة، فهي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين السوريين كما أنها تسمح للمعارضة السورية بالتحرك بكل حرية على أراضيها، "إنما دورها في النهاية محكوم بعملية توزيع الأدوار التي تشرف عليها واشنطن في المنطقة وبالعلاقات المعقدة بين القوى الكبرى وهذا نتفهمه طبعا. أبلغنا الأمريكان أننا نحذر من دخول قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وسوريا الديمقراطية إلى الرقة لأن ذلك سيعني تعقيد الوضع هناك بدلا من التخلص من داعش، لتورط هذه القوات في جرائم ضد السوريين وضد الاكراد أنفسهم".

هل يراجع الخليجيون أيضا دعمهم للمعارضة؟
ويرى عطوان أن الولايات المتحدة تثق في الأكراد أكثر بكثير من المعارضة السورية، ويفسر كلامه هذا بأن "الأمريكان لديهم تجارب جيدة مع الأكراد مثلا فيما يتعلق بعملية تحرير كوباني ودور قوات البيشمركة في الموصل، كما أن الأكراد لم يتورطوا في أعمال إرهابية. لذا تعي واشنطن أنه يمكنها الاعتماد عليهم أكثر ولهذا السبب ستواصل دعمهم حتى وإن كان ذلك مزعجا لتركيا".

ورغم كل ما سبق، يرى صبرا أن التقارب الأمريكي الروسي لا يخيف السوريين، فالعلاقة بين الروس والأمريكان معقدة وتحكمها عدة معطيات تتجاوز الوضع في سوريا، لكن الإيجابي في موقف الإدارة الأمريكية الجديدة، حسب المعارض السوري، هو "الوقوف في وجه التمدد الإيراني في سوريا، بينما أفسحت الإدارة السابقة المجال للإيرانيين ليتوسعوا عسكريا كما يشاؤون. الأخطر بالنسبة لنا هو المشروع الإيراني الذي يحمل أجندة طائفية ستخرب أي مشروع في سوريا".


وإن صحت التقارير التي تتحدث عن أن دول الخليج هي الأخرى بصدد نقل ثقلها في الملف السوري إلى الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بطلب من واشنطن، فسيصبح معنى ذلك أن المعارضة السورية مقبلة على مرحلة حالكة.

ويؤكد عطوان وجود هذا التوجه ويقول في هذا السياق: "الخليجيون كانوا قد نفضوا أيديهم من القضية الفلسطينية منذ زمن. والآن ترامب سيدفع هذه الدول إلى وقف الدعم للمعارضة، وهذا أيضا معنى كلام تلرسون بأن الشعب السوري هو من يجب أن يقرر مصير الأسد".

والبديل أمام الخليجيين حسب عطوان هو العمل على تشكيل تحالف سني ضد إيران ويشمل كلا من السعودية والإمارات ومصر والأردن وإسرائيل أيضا، "وبما أن مصر والأردن تجمعهما معاهدة سلام مع إسرائيل فيما لا توجد مثلها مع دول الخليج، سيتم عقد مؤتمر للسلام في واشنطن ليكون غطاء لهذا التطبيع".

أما صبرا فلا يعتبر أن الخليجيين قد يتخلون فعلا عن المعارضة. ويقول: "حتى الآن مازلنا نتلقى دعما كبيرا من أصدقائنا في الخليج ولم يتغير شيء. ثم لا ننسى أن الشعب السوري عندما أطلق ثورته كان النظام السوري صديقا لدول المنطقة حتى قطر والسعودية وتركيا. ومع ذلك قامت الثورة وهي متواصلة".

فيديو قد يعجبك: