الحوثيون.. من التهميش للتمكين إلى قتل "صالح" (تاريخ الحروب والدم)
كتبت – إيمان محمود:
"الله أكبر، الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا، اللعنة على اليهود والنصر للإسلام" .. كلمات اتخذها أنصار الله "الحوثيون" شعارًا لجماعتهم السياسية-الدينية، ملأوا بها شوارع صنعاء التي سيطروا عليها عبر انقلاب عام 2014، بعد أن ظلت الجماعية الحوثية الشيعية لسنوات تعاني من التهميش السياسي لتصبح اليوم أحد أبرز اللاعبين على الساحة السياسية في اليمن.
وعلى مدار بضع سنوات ماضية، ارتكب الحوثيون جرائم عديدة بحق الشعب اليمني، بعد سيطرتهم على ميناء الحديدة أحد أهم الموانئ، والذي قالت الأمم المتحدة إنهم استخدموه في تهريب الأسلحة والبشر، كما قاموا بالاستيلاء على قوافل الإمدادات والمساعدات الإنسانية وبيعها بأضعاف ثمنها للمواطنين اليمنيين لتمويل عملياتهم القتالية المستمرة للإطاحة بالحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي.
النشأة والأهداف
تأسست حركة أنصار الله عام 1992، وكانت تُعرف بـ"حركة الشباب المؤمن"، إذ ظهرت في البدايات كحركة دعوية فقط، قبل أن تتحول مع الوقت إلى حركة دينية مسلحة تتخذ من صعدة شمال اليمن مركزًا رئيسيًا لها.
وعرفت الجماعة باسم الحوثيين نسبة إلى مؤسسها بدر الدين الحوثي، ويعد المرشد الديني للجماعة، وقائد الحركة حاليًا عبد الملك الحوثي، ابن مؤسس "منتدى الشباب المؤمن" بدر الدين الحوثي، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ويؤكد الحوثيون أن لهم مطالب اجتماعية وأخرى سياسية، حملت مشاريع أفكار لإشراك المكون الحوثي في أجهزة الدولة، التي اتهموها بتعمد تهميشهم.
الانتماء الديني
الحوثيون هم جماعة دينية شيعية تقوم على ولاية الإمام وتتبع الطريقة الاثني عشرية على غرار النموذج الإيراني، بحسب "بي بي سي".
وتتهم صنعاء الحوثيين بتلقي الدعم من إيران ومشاركة "حزب الله" اللبناني في مشروع إقامة "الهلال الشيعي" في المنطقة، الأمر الذي ينفيه الحوثيون، ويؤكدون بقاءهم على المذهب الزيدي رغم اتفاقهم مع الإثنى عشرية في بعض الأمور.
والزيدية، نسبة إلى الإمام زيد بن علي، هي إحدى فرق الشيعة الثلاث الرئيسية: الزيدية والإثني عشرية والإسماعيلية، ولكن "الزيدية أكثرها اعتدالاً وأقربها إلى مذهب أهل السنة".
العلاقات مع إيران
رغم أن حقيقة علاقة الحوثيين مع إيران لم تكن واضحة قبل انقلاب 2014، إلا أن ارتباط الطرفين ظهر وازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فمع سحب الدول الكبرى ودول الخليج سفاراتها من صنعاء، رد الحوثيون على العزلة الدولية بفتح جسر جوي مباشر مع إيران التي تعهدت بتأمين الوقود لمناطقهم وبناء محطات كهرباء، فضلا عن دعمهم في التصريحات الرسمية كـ"ثورة شعبية" يمنية داخلية.
وذكرت قناة "العربية" الإخبارية في تقرير لها، أن هناك تشابه كبير بين القائد الشاب لحركة أنصا رالله عبد الملك الحوثي، وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، من حيث الطريقة في التعبير أو في مضمون الخطاب الذي يركز على محاربة الفساد والعداء للغرب وإسرائيل.
وتتهم السعودية إيران بدعم الحوثيين والتدخل في الشأن الداخلي اليمني وزعزعة استقرار البلاد. ولطالما أعلنت السلطات اليمنية، وقوات التحالف العربي –التي تدعم الحكومة الشرعي- ضبط سفن محملة بالأسلحة لدعم الحوثيين، لكن طهران التي تُوجه لها الاتهام تنفى هذه الأنباء.
حروب الحوثيين
تأججت الخلافات بين الحوثيين والسلطة اليمنية في عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، والتي عُرفت بـ"الحروب الستة" أو حروب صعدة.
تكلفة الحروب الست قُدرت بأرقام رسمية من الحكومة اليمنية بنحو خمسة ملايين دولار تقريبا، وهذا يفرض عبئا كبيرا على الدولة اليمنية التي لا مورد لها سوى ما تبيعه من النفط بكميات صغيرة مقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة، بحسب "العربية".
اشتعل فتيل "حرب صعدة" بين الجيش اليمني وأنصار بدر الدين الحوثي، عام 2004، بعدما اتهمتهم الحكومة اليمنية بإنشاء تنظيم مسلح على غرار حزب الله واستعمال المساجد لبث خطابات معادية للولايات المتحدة والتحريض على الإرهاب.
وفي عام 2005؛ عرض الرئيس السابق علي عبد الله صالح عفوا رئاسيا عن الحوثيين شريطة أن يسلموا أنفسهم ويوقفوا إطلاق النار، لكنهم رفضوا العرض واستمرت الحرب بين الطرفين، وأصدرت الحكومة اليمنية بيانا يلوم فيه المتمردين على مقتل 522 مدنيا.
وفي عام 2007، اشتبكت عناصر من الحوثيين بالقوات اليمنية وقتلت 6 جنود منهم، قبل أن تعود المواجهات بينهما في إبريل عام 2008.
شنت القوات اليمنية حملة عسكرية عرفت باسم عملية "الأرض المحروقة" في 11 أغسطس 2009 في 12 سبتمبر، قتل خلالها العشرات لكن الحكومة اليمنية نفت أن يكون القتلى من المدنيين.
تحالف قطبي الانقلاب
رغم العداوة الشديدة التي كانت بين الحوثيين والرئيس اليمني الراحل على عبد الله صالح، إلا أنهم تحالفوا معه في مواجهة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية.
وكشفت أنباء عن اجتماع سري عقد بين "صالح" والحوثيين، في أكتوبر 2014، ناقش فيه الطرفان كيفية الاستفادة من الدعم المشترك بينهما خاصة أن صالح له الكثير من الحلفاء، بحسب "العربية".
وظهر صالح في فيديو بعدما قصفت قوات التحالف منزله في صنعاء، معلنًا تحالفه مع جماعة الحوثيين في مواجهة الغارات السعودية التي وصفها بـ"الجبانة". وقال إنه لم يكن متحالفا مع جماعة أنصار الله، لكنه يعلن تحالفه مع كل من يدافع عن مقدرات اليمن.
خلافات انتهت بالاغتيال
"تحالف المصالح" بين الطرفين لم يدم طويلاً، فمنذ عام 2015، تشهد العلاقة بين الطرفين توترات من حين لآخر، انتهت بقتل الحوثيون لـ"صالح" بعد اقتحام منزله وسط صنعاء وحرقه.
وتأججت الخلافات بين الطرفين إثر اتهام الحوثي لصالح بـ"الاتفاق سرًا" مع التحالف العربي بقيادة السعودية للانقلاب على الحوثيين وإدخال أنصاره القبليين إلى العاصمة صنعاء، بغرض السيطرة عليها وفك الارتباط مع الجماعة، بحسب "بي بي سي".
وقال عبد الملك الحوثي في خطاب تلفزيوني: "هناك علامة تعجب كبيرة تصل بحجم جبل، حول شغل البعض ممن تماهى سلوكهم مع سلوك قوى العدوان في الرياض وأبو ظبي، نتلقى الطعنات في الظهر في الوقت الذي اتجهنا بكل إخلاص لمواجهة العدوان".
وبعد أن اشتعل الصراع بين أنصار الحوثي وقوات صالح، قرر الحوثيون التخلص من حليفهم الذي أطلقوا عليه "الخائن".
فيديو قد يعجبك: