فلسطين 2017: مصالحة تاريخية يفسدها اعتراف ترامب ويحيى انتفاضة
كتب - محمد مكاوي:
بعد أن ألقت انتفاضات الربيع العربي بظلالها على القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة حتى ظن البعض أنها طواها النسيان، عادت من جديد قضية العرب المركزية لتحتل مكانتها مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي أوائل ديسمبر.
كان إعلان ترامب قمة جبل جليد بدأ يتكون مع ظهور مصطلح "صفقة القرن" إلى العلن، مرورا بإغلاق المسجد الأقصى لأول مرة منذ الاحتلال وبدء مصالحة تاريخية بين فتح وحماس برعاية مصرية – لم تكتمل حتى الآن.
"انتفاضة الأقصى"
الرابع عشر من يوليو الماضي كان تاريخا فارقا في القضية الفلسطينية، فلأول مرة منذ الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس في يونيو1967، يغلق المسجد الأقصى أمام المصلين يوم الجمعة، غداة حادث إطلاق نار داخل إحدى باحاته أسفر عن مقتل 3 فلسطينيين واثنين من شرطة الاحتلال.
في اليوم التالي، أغلق الاحتلال البلدة القديمة ومنع أي فلسطيني لا يحمل عنوان هويته البلدة القديمة من الدخول أو الخروج، تزامن هذا مع إعلان الهيئات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة فقدان السيطرة على الأقصى في شكل كامل.
ثم بدأت سلطات الاحتلال في تركيب بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، أجهزة لكشف المعادن عند مداخل باحاته ونصب كاميرات مراقبة خارج المسجد لمتابعة ما يحدث، وهو ما رفضه الفلسطينيون.
خرج الفلسطينيون في مظاهرات لأكثر من عشرة أيام رافضين إجراءات الاحتلال تجاه الأقصى ونشبت اشتباكات مع الاحتلال أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الفلسطينين.
مع تزايد حدة "الانتفاضة" والضغط الدولي، تراجع الاحتلال عن كل إجراءاته وأعاد الوضع إلى ما كان عليه.
"مصالحة تاريخية"
بعد عشر سنوات من الخلاف والاقتتال، وقت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة برعاية مصرية في القاهرة وُصف بالتاريخي، تسلمت بموجبه حكومة الوفاق الوطني إدارة غزة من حركة حماس التي كانت تسيطر على القطاع منذ 2007.
وقع الاتفاق عزام الأحمد عن حركة فتح وصالح العاروري عن حركة حماس في العاصمة المصرية وبحضور اللواء خالد فوزي، مدير المخابرات العامة، في 12 من اكتوبر الماضي تتويجا لعدة جلسات عقدت في القاهرة بين الحركتين.
وذهب فوزي إلى قطاع غزة ليشهد مراسم تسلم الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد لله القطاع المحاصر. حضر المسؤول المصري أول اجتماعات الحكومة وسلم رسالة مصورة مسجلة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفصائل الفلسطينية طالبهم فيها بالتوحد.
ولأول مرة منذ عقد، تسلمت السلطة الفلسطينية إدارة معبر رفح الحدودي مع مصر بموجب اتفاق المصالحة.
توالت الاجتماعات بين الوفدين في القاهرة، غير أن هناك "عثرات وعقبات" لا تزال تقف في طريق إتمام المصالحة وسط مخاوف من أن يكون مصيريها الفشل كما محاولات سابقة للتوفيق بين أقوى حركتين فلسطينيتين.
اعتراف ترامب
أوفى ترامب بوعده الانتخابي واعترف في السادس من ديسمبر الجاري بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وأعلن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى المدينة المحتلة رغم الرفض الدولي لهذه الخطوة التي عُدت خروجا عن سياسة أمريكية وتوافق دولي قائم منذ أكثر من عقدين بأن قضايا الوضع النهائي وخاصة مصير المدينة المقدسة تحسمها المفاوضات النهائية بين الطرفين.
خرجت انتفاضة فلسطينية شعبية ضد قرار ترامب، أسفرت عن مقتل وإصابة واعتقال عشرات الفلسطينيين كما أسفرت تلك الانتفاضة عن ظهور أيقونات فلسطينية جديدة في قائمة الأبطال الشعبيين للنضال الفلسطيني القائم منذ عقود، أبرزها عهد التميمي فوزي الجنيدي والشهيد المقعد إيراهيم الثريا.
على الجانب الدبلوماسي، أعلنت فلسطين أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطا محايدا في عملية السلام مع الإسرائيليين، ورفض الرئيس محمود عباس استقبال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الذي كان يستعد لجولة شرق أوسطية تأخذه إلى إسرائيل وفلسطين ومصر التي رفضت القيادات الدينية فيها – شيخ الأزهر وبابا الأقباط – استقباله.
كما قدمت مصر مشروع قرار إلى مجلس الأمن يرفض قرار ترامب ويلزم الدول باحترام وضع القدس الحالي وعدم نقل بعثات دبلوماسية إليها. ورغم أن الفيتو الأمريكي أجهض القرار إلا أن موافقة 14 من 15 دولة عضو في مجلس الأمن شكل هزيمة سياسية لواشنطن.
بعد أيام من قرار مجلس الأمن، اجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على رفض قرار ترامب. ورغم التهديدات العلنية الأمريكية بقطع المساعدات عن الدول التي لا تؤيد الإعلان الأمريكي، صوتت 128 دولة لصالح القرار ورفضته 9 دول منها أمريكا نفسها فيما امتنعت 35 دولة عن التصويت.
فيديو قد يعجبك: