بعد سيطرة تركيا.. ما الأهمية الاستراتيجية لجزيرة سواكن السودانية؟
كتبت – إيمان محمود:
خلال أول زيارة يقوم بها رئيس تركي للسودان منذ عام 1956، حصلت تركيا بصفة مؤقتة على حق استغلال جزيرة سواكن، الواقعة في البحر الأحمر، لفترة زمنية غير محددة، في خطوة اعتبرها البعض تمثل مكسبًا استراتيجيًا كبيرًا للدولة التركية.
ويرى خبراء استراتيجيون أن العلاقات بين الخرطوم وأنقرة تشهد تقاربًا كبيرًا، لم يحدث منذ سنوات عديدة، وذلك في أولى محطات جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إفريقيا، حيث سلمه الرئيس السوداني عمر البشير جزيرة سواكن وميناءها البحري.
ويعتبر ميناء سواكن الأقدم في السودان ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية، وهو الميناء الثاني للسودان بعد بورتسودان الذي يبعد 60 كم على الشمال منه.
الأهمية الكبرى للجزيرة تكمن في مينائها المُطل على البحر الأحمر، إذ يرى الباحث في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، كرم سعيد، إن ميناء سواكن هو ثاني الموانئ السودانية وأقدمها؛ وبالتالي تسلم تركيا لهذا الميناء لتشغيله يمنح تركيا ميزة استراتيجية، ومن خلاله يمكنها النفاذ إلى العمق الإفريقي، الذي تسعى إلى النشاط فيه بقوة.
وأشار إلى مصالح تركيا في دول إفريقيا؛ حيث عملت على دعم استثمارات في جيبوتي وإثيوبيا، وبالتالي فهي تحتاج لتواجد استراتيجي قوي بجانب مصالحها في القارة السمراء.
وقال سعيد، في تصريحات لـ"مصراوي"، إن تركيا تريد أن تخلق لها مكانًا استراتيجيًا قريبًا من مناطق الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة اليمن والسعودية باعتبارها أقرب الدول إلى الجزيرة، وليستطيع أردوغان أن يكون لاعبًا رئيسيًا في أي تسوية سياسية او في إدارة خلافات.
وأضاف أن الميناء يحمل دلالة تاريخية، إذ كانت هذه المنطقة مقرًا للحاكم العثماني في القرن الثامن عشر، وكانت وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" تقوم بمشروع لترميم الآثار العثمانية، وبالتالي الحضور التركي في هذه المنطقة يحمل أيضًا رمزية تاريخية.
وسبق للدولة العثمانية استخدام جزيرة سواكن مركزًا لبحريتها في البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885.
ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن أردوغان يحرص على تصدير نفسه باعتباره خليفة للمسلمين، وباعتباره داعيًا إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية من جديد، الأمر الذي يجعل هذه المنطقة مهمة له، مشيرًا إلى تصريح أردوغان "طلبنا من البشير منحنا هذه الجزيرة لإعادتها إلى عصرها القديم والمقصود به عصر الخلافة العثمانية".
ومن الناحية الاقتصادية، أشار إلى أن جزءًا كبيرًا من الصادرات التركية ستمر عبر هذا الميناء.
ويتفق الباحث المتخصص في الشأن التركي، صلاح لبيب، في أهمية ميناء سواكن بالنسبة لتركيا، مشيرًا إلى أن السودان يسعى لتطوير موانئه المطلة على البحر الأحمر، ولذلك منح هذا الميناء مُسبقًا لشركة صينية لإعادة تطويره.
وقال لبيب إن السودان كان يستغل هذا الميناء في نقل الماشية من السودان إلى السعودية، أما تركيا، فبالإضافة إلى إعادة ترميم الآثار التابعة للدولة العثمانية داخل الجزيرة، فستستخدم الميناء كنقطة ترانزيت للحجاج المُسافرين إلى مكة عبر البحر المتوسط.
ويعتبر ميناء سواكن القديم، من أكبر موانئ البحر الأحمر للدولة العثمانية في القرن الـ19، وكان يستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية.
وفيما يخص تأثير هذا القرار على مصر، لفت لبيب إلى أن مخاوف البعض حول قرار السودان بمنح الجزيرة لتركيا ليس لها أساس، مؤكدًا أن الأمر لا يشكل أي خطر على الأمن القومي المصري.
وأوضح أن أي سفينة تابعة لتركيا تذهب للسودان يجب أن تمر في البداية على قناة السويس، أي أن مصر "ستراقب أي سفينة تركية متجهة إلى السودان".
فيديو قد يعجبك: