أزمة جديدة.. السعودية والجزائر تاريخ من الخلافات اقترب من القطيعة
كتبت- رنا أسامة:
أزمة جديدة ظهرت على السطح بين المملكة العربية السعودية والجزائر، فجّرتها مباراة بين فريقيّ "عين مليلة" و"معسكر غالي"، في دوري الدرجة الثانية لكرة القدم، بعد أن رفعت الجماهير الجزائرية لافتة تجمع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما اعتبرته المملكة "إهانة".
وأظهرت اللافتة الكبيرة، أو "التيفو"، في جزء منها نصف وجهيّ العاهل السعودي والرئيس الأمريكي، وأسفلها عبارة بالإنجليزية "two faces of the same coin"، أي (وجهان لعُملة واحد)، وإلى جوارهما صورة للمسجد الأقصى وأسفله عبارة (البيت لنا والقدس لنا)، ما أحدث سجالًا كبيرًا بين السعوديين والجزائريين على مِنصات التواصل الاجتماعي.
في الوقت الذي اعتبر فيه سعوديون اللافتة بأنها "إهانة" للمملكة وللملك سلمان، طالب جزائريون بطرد السفير السعودي من الجزائر بعد تهديده لشبابهم، على حد قولهم.
وتطور الأمر ليعلن السفير السعودي لدى الجزائر سامي بن عبدالله الصالح أنه "جاري التأكد من الأمر للقيام بما يلزم". وقال في تصريحات للصحف السعودية "ننتظر رد السلطات الجزائرية بشأن التيفو المسيء للمملكة".
ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الجزائري لكرة القدم بيانًا حول الأمر يتضمن عقابًا للجماهير التي رفعت اللافتة، في الوقت الذي تُثار فيه تساؤلات حول كيفية دخول اللافتة لأرض الملعب، نظرًا لأنه ينبغي مرورها على حواجز أمنية أولًا .
ولا تُعد هذه الواقعة هي الأولى من نوعها؛ ففي سبتمبر الماضي، وخلال لقاء جمع فريقي زامبيا والجزائر في إطار تصفيات كأس العالم 2018، رفعت الجماهير الجزائرية لافتة مضادة للمملكة.
"خلافات سياسية"
الأزمة الجديدة بين الرياض والجزائر تُعيد إلى الواجهة خلافات سياسية تُعكّر صفو العلاقات بين البلدين منذ تسعينات القرن الماضي، على خلفية تباين مواقفهما حيال عدد من القضايا العربية والإقليمية، لاسيما في سوريا وليبيا واليمن.
وبالرغم من نفي مسؤولين كبار في الجزائر، في تصريحات علنية، لوجود توتر في العلاقات مع السعودية، إلا أن العلاقات الجزائرية السعودية مرت في السنوات الثلاثة الأخيرة بما وصفه الكاتب الجزائري زرواق نصير بـ" نوع من المناكفة الصامتة غير المعلنة" والتي لم تخرج عن واجب التحفظ الرسمي بالنظر لطبيعة الدبلوماسيتين التي تتسم بعدم التسرع والمحافظة عن اللياقة الدبلوماسية في كل الأحوال.
ومن بين نقاط الخلاف بين البلدين، رفض الجزائر تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية " ومن بعدها حزب الله، وعدم موافقتها على المشاركة في التحالف العسكري العربي الذي قاد عملية عاصفة الحزم، وصولًا إلى موقف البلدين المتناقض من الملف السوري والموقف من إيران.
وبالنسبة للجزائر، يقول الكاتب في مقال بصحيفة "رأي اليوم" الصادرة من لندن، إن هناك ثلاث ملفات خلافية رئيسية وهي: النفط و الاستثمار وقضية الصحراء الغربية و الملف الليبي.
وبالمقابل تسعى السعودية للاستثمار دبلوماسيًا في العلاقة مع الجزائر في ملفات حساسّة سعوديا تستطيع الجزائر الإسهام فيها و هي:الأزمة اليمينية والعلاقة مع إيران والتعاون العسكري. وعسكريًا، ربما تريد السعودية تعاونا حقيقيا مع الجزائر؛ لاسيما وأن الأخيرة تمتلك جيشًا له خبرات قتالية عالية وقدرات عسكرية هائلة إلى جانب خبرة أمنية كبيرة إن على مستوى تأمين الحدود أو مكافحة الإرهاب العابر للدول أو المعلومات الأمنية.
"قطيعة وتهدئة"
وفي أواخر عام 2015، كادت العلاقات بين البلدين تدخل مرحلة بالغة الخطورة، حد الاقتراب من القطيعة الكاملة؛ بسبب رفض الجزائر التعاون مع السعودية في مشاريعها لحصار ما وصفته بالتمدد الشيعي في المنطقة العربية، وقرارها الاستثمار في الأراضي الصحراوية وهي في حالة نزاع، رغم إدراكها أن خطوة مثل هذه هي" استفزاز مباشر وكامل للنظام السياسي القائم في الجزائر، واستفزاز مباشر للمؤسسة العسكرية ولقطاعات واسعة من الشعب الجزائري"، إلا أن الإمارات تدخلت لتهدئة الأزمة.
وقال مصدر دبلوماسي لموقع الجزائرية للأخبار، وقتذاك، إن "المبادرة الإماراتية لتهدئة العلاقات المضطربة بين السعودية والجزائر تضمّنت 3 بنود هي وقف التصعيد من الجانبين ووقف أي تصريح مسيئ من الجانبين، ثم السعي لعقد لقاء مباشر بين مسؤولين في الجزائر وفي السعودية يعقد في أبوظبي".
فيديو قد يعجبك: