تحذيرات من الوضع الإنساني في غوطة دمشق المحاصرة.. والأزمة على طاولة جنيف
كتبت – إيمان محمود:
تتفاقم الأزمة الإنسانية بغوطة دمشق الشرقية في سوريا، خلال عامها الرابع من الحصار والقصف، رغم إقرار الهدنة في نهاية يوليو الماضي ما يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية وتوقف القصف والقتال، لكن الأطراف المشاركة في الهدنة لم يلتزموا ببنود الاتفاق.
وتعد الغوطة الشرقية واحدة من بين أربع مناطق يشملها اتفاق خفض التصعيد في سوريا الذي جرى التوصل إليه في محادثات أستانة، وجرى توقيع اتفاقا في نهاية يوليو الماضي بالقاهرة، لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وفصائل معارضة في هذه المنطقة دون أن يشمل الاتفاق تنظيم داعش أو جبهة النُصرة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض ومقره لندن، إن "الحكومة السورية فرضت حصارا على الغوطة الشرقية منذ 4 سنوات، تسبب في نشر سوء التغذية لدى الأطفال بسرعة كبيرة وخاصة عند حديثي الولادة، فلا طعام ولا غذاء ولا حليب للأطفال، فضلا عن الموت بشظايا القذائف والصواريخ المتساقطة بشكل يومي على الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين".
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، الخميس، أن غوطة دمشق الشرقية سجلت أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
وتبين بعد دراسة أجرتها اليونيسيف في الغوطة الشرقية خلال نوفمبر الجاري، أن "نسبة الأطفال دون سن الخامسة والذين يعانون من سوء التغذية الحاد بلغت 11,9%، وهي أعلى نسبة سُجلت في سوريا على الإطلاق".
وذكرت المنظمة أن "أكثر من ثلث الأطفال الذين شملتهم الدراسة يعانون من التقزم، مما يزيد من خطر تأخر نموهم وتعرضهم للمرض وللموت"، مضيفة "يعاني الأطفال الصغار جدًا من أعلى معدلات سوء التغذية الحاد".
وأشارت المنظمة إلى أن الأمهات "توقفن جزئيًا أو كلياً عن إرضاع الأطفال بصورة طبيعية بسبب معاناتهن من سوء التغذية أو العنف المستمر".
ودعت اليونيسف إلى "إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأطفال في سوريا بشكل دائم ودون قيد أو شرط".
وتتعرض بلدات ومدن الغوطة الشرقية على مدى الأسبوعين الماضيين لقصف جوي ومدفعي عنيف من قبل قوات الحكومة السورية والقوات الجوية الروسية، والتي أوقعت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد، بأن قصفًا مدفعيًا وبقذائف الهاون استهدف مدينة حرستا، وأطراف مدينة عربين، وبلدتي مسرايا وعين ترما، ومنطقة المرج، وأسفر عن جرح شخص واحد على الأقل.
جاء القصف بعد يوم واحد من تصريح مبعوث الأمم المتخدة إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، أن النظام السوري قبل عرضًا تقدمت به روسيا لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية.
وفي سياق متصل، قال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في إفادته بجلسة مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء، إن سوريا باتت بعد 7 سنوات من الصراع أكبر أزمة نزوح في العالم.
وأوضح لوكوك، أن نصف السوريين نزحوا من ديارهم في الأشهر الـ 9 الأولى من العام الجاري، أي بمعدل أكثر من 6 آلاف و500 شخص يوميًا"، مضيفًا "نحو 3 ملايين شخص يعيشون في مناطق محاصرة يصعب الوصول إليها في جميع أنحاء سوريا، بينهم 420 ألفا في 10 مناطق محاصرة"، بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
وأكد أن 94 % من هؤلاء المحاصرين موجودون بالغوطة الشرقية، فيما يتمركز الـ 6 % المتبقون في بلدتي فوعا وكفريا بمحافظة إدلب، واليرموك بدمشق.
وحذر لوكوك من تصاعد حدة القتال في الغوطة الشرقية ودمشق، لافتا إلى أن منظمة الصحة العالمية أفادت بأنه في الفترة من 14 إلى 17 نوفمبر الجاري، قتل 84 شخصًا وأصيب 659 آخرون، مشيرًا إلى أنه رغم الجهود المبذولة للوصول إلى المدنيين، لم يحصل سوى 100 ألف شخص فقط من أصل 400 ألف، على مساعدات غذائية هذا العام.
وفي محاولة لحل الأزمة، بحث عدد من أعضاء هيئة المفاوضات السورية المعارضة، اليوم الخميس، خلال اجتماع مغلق بمقر الأمم المتحدة في جنيف، مع قياديين في الغوطة الشرقية، لبحث تطورات الأزمة في الغوطة بسبب الحصار.
وقال عضو هيئة التفاوض طارق الكردي إن ما يحصل في الغوطة الشرقية جرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأضاف أننا في هيئة التفاوض السورية متماسكين ولدينا خطة واضحة للوصول إلى الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري بنيل الحرية والكرامة.
فيما اعتبر عضو الوفد المفاوض نشأت طعيمة، أن توحد المعارضة السورية هو إنجاز كبير للمعارضة السورية، وشدد على أن ما تتعرض له الغوطة الشرقية من جرائم حرب هو أمر مدان، ويوجب على المجتمع الدولي وقف ذلك بكافة الطرق.
وأوضح نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة أكرم طعمة أن الحصار المطبق على الغوطة الشرقية فاقم من معاناة المدنيين، مضيفا أن المساعدات الإنسانية القليلة التي يقبل النظام بمرورها إلى الغوطة "لا تدخل إلى المنطقة من دون الحصول على إتاوات عالية من قبل قوات النظام".
ولفت طعمة إلى أن سكان الغوطة لم يحصلوا على مساعدات طبية على الإطلاق، على الرغم من النقص الحاد في الأدوية، مضيفاً أن النقاط الطبية غير قادرة على معالجة الجرحى والمصابين.
وبين فراس المرحوم، ممثل هيئة الإغاثة الدولية الإنسانية في الغوطة الشرقية، أن القصف تسبب بمقتل ما يزيد عن 140 قتيلا وأكثر من 200 جريح خلال الشهر الأخير، كما أدى القصف إلى دمار واسع في الأبنية بلغ عددها نحو 300 بناء.
فيديو قد يعجبك: