سكان غزة يتأرجحون بين الإحباط والأمل مع تخلي حماس عن السلطة

مدينة - (د ب أ):

أصبحت عصائر الفاكهة متوفرة بدرجة أكبر في المتجر الذي يمتلكه أسامه السقا، منذ أن تخلت حركة حماس عن السيطرة على المعابر الحدودية المفضية إلى قطاع غزة، ويستطيع الزبائن الآن أن يحصلوا على ثلاث زجاجات من العصير بسعر زجاجتين.

ويقول صاحب المتجر الذي يبلغ من العمر 34 عاما إن "أول تحسن يطرأ على الوضع هو إنهاء الازدواج الضريبي".

وفي الأول من نوفمبر الحالي سلمت هذه المنظمة الإسلامية الأصولية السيطرة على المعابر الحدودية لقطاع غزة المطل على البحر المتوسط، إلى حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس.

وحتى حلول موعد عملية تسليم السلطة كان يتعين دفع رسوم جمركية مزدوجة على الواردات، إلى كل من حماس التي كانت تسيطر على قطاع غزة، والسلطة الوطنية الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية.

ويضيف صاحب المتجر "أستطيع أن أؤكد لك أن الأسعار انخفضت، وباستطاعة المواطنين الآن أن يشتروا السلع التي كانوا لا يستطيعون الحصول عليها في الماضي".

وبعد مرور أكثر من عشرة أعوام من الصراع الداخلي الفلسطيني، توصلت أكبر منظمتين سياسيتين إلى اتفاق للمصالحة بالقاهرة في 12 تشرين أول/نوفمبر الماضي.

وتقضي الاتفاقية بأن تمدد السلطة الوطنية حكمها من الضفة الغربية ليشمل قطاع غزة اعتبارا من الأول من ديسمبر المقبل.

ووصل ممثلون عن المنظمتين حاليا إلى القاهرة لإجراء مباحثات قبيل موعد تطبيق الاتفاقية.

غير أن وجود اتفاقية على وشك التنفيذ لا يعني أن الأمور تسير تلقائيا بشكل أكثر سهولة.

ويقول فتحي صباح رئيس المعهد الفلسطيني للاتصالات والتنمية إن "شروط السلطة الوطنية الفلسطينية لرفع العقوبات عن القطاع، مرتبطة بالسيطرة الكاملة على النواحي الأمنية بغزة".

غير أنه ليس من المرجح تلبية هذا المطلب، على خلفية معارضة حماس المتواصله لحل قوة مسلحة تابعة لها يبلغ قوامها 25 ألف شخص.

ويعني ذلك أن عصائر الفاكهة التي يبيعها السقا قد تكون أرخص سعرا عن ذي قبل، غير أن كثيرا من سكان غزة الذين يبلغ عددهم 2 مليون نسمة سيكونون غير قادرين على شرائها.

وتشير الأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 70% من سكان غزة يعيشون على الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي، وتم اعتبار معظم كميات مياه الشرب ملوثة.

وأشار أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته لغزة في نهاية أغسطس الماضي إلى "واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية" التي عهدها في حياته.

وبينما رحب السقا بإنهاء الازدواج الضريبي فإنه يتطلع إلى مزيد من المزايا من اتفاقية المصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين المتنافسين، وقد تستمر كثير من هذه القضايا على حالها إذا لم يستطع الجانبان حل مسألة الميليشيا.

ويقول السقا "إننا لا نزال ننتظر حدوث تحسن فيما يتعلق باحتياجاتنا الأساسية مثل الكهرباء، ولم يتم بعد رفع العقوبات التي فرضها الرئيس أبو مازن".

وكان الرئيس الفلسطيني قد أوضح في وقت سابق من العام الحالي أن حكومته لن تستمر في دفع ثمن الطاقة الكهربائية التي توردها إسرائيل لغزة، وذلك في إطار محاولات الضغط على حماس.

وفي رد فعل على هذا الإعلان خفضت إسرائيل من إمدادات الكهرباء إلى غزة، وأصبحت هذه الإمدادات متوفرة لمدة تتراوح من ثلاث إلى أربع ساعات في اليوم، ولجأ الكثيرون إلى استخدام مولدات الكهرباء الصغيرة الخاصة.

وبالإضافة إلى ذلك قلصت السلطة الوطنية الفلسطينية حجم مدفوعاتها إلى عشرات الآلاف من موظفي الدولة في غزة.

واحتفظت حماس بالسيطرة فقط على وزارة الداخلية، وبالتالي أصبح لديها السلطة في تحديد من الذي يستحق الحصول على تأشيرة، وسيتم تسليم السيطرة على هذه الوزارة غدا الأربعاء وفقا لما قاله مسؤول بالوزارة.

وليس من الواضح أيضا ما هو مصير 43 ألف موظف تابعين لحماس في ظل الإدارة الجديدة، وفضلا عن ذلك ليس من الواضح بعد تفاصيل إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية.

وليست هذه هي التحسينات السريعة التي كان سكان غزة يأملون في رؤيتها.

وقد يأتي فقط الإنقاذ الذي يحتاجه القطاع بشدة إذا فتحت مصر معبر رفح أو عندما تفتحه على نحو دائم، حيث يعد النقطة الرئيسية لعبور المسافرين والسلع عبر الحدود مع غزة، وسيكون تجديد محمود عباس لسداد أثمان الكهرباء للقطاع أمر مرحب به.

وتم فتح معبر رفح بشكل مؤقت خلال الفترة من يوم السبت إلى أمس الأول الاثنين تحت سيطرة السلطة الوطنية عليه لأول مرة.

ولم تكن هناك انتخابات برلمانية أو رئاسية في قطاع غزة منذ أن سيطرت عليه حركة حماس بصورة كاملة بعد عام واحد ضمانها الفوز فى الانتخابات البرلمانية التى اجريت فى عام 2006، وفرضت إسرائيل حصارا على القطاع وهو ما دعمته مصر في وقت لاحق.

وأعلنت حماس بشكل غير متوقع في سبتمبر الماضي بعد عشر سنوات من الحصار استعدادها للحوار.

وعلى الرغم من حدوث تغيير طفيف بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، فإن البعض يشعر أنهم أصبحوا يتمتعون بدرجة أكبر من الحرية كما يقول السقا، فأصبح هناك نوع من الانتقاد الصريح لحماس من آن لآخر على الإنترنت، حيث تثار تساؤلات حول ما فعلته هذه الحركة، مع كل الضرائب التي فرضتها عبر السنوات الماضية وسط اتهامات بالفساد.

ويشير صاحب المتجر وهو يومئ بالموافقة قائلا "منذ حدوث اتفاق المصالحة، بدأ أشخاص كثيرون التحدث علانية بعد أن كانوا في السابق يلتزمون الصمت تحت حكم حماس".