من كوبا إلى إيران.. إرث أوباما في خطر من جانب ترامب
واشنطن - (د ب أ):
يواجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مهمة لا يحسد عليها، ألا وهي تسليم السلطة لرجل وصفه ذات يوم بأنه لا يصلح لمنصب رفيع ، بل ورجل يتعهد الآن بالتراجع عن الكثير من إرث الرئيس المنتهية ولايته في كل من السياسة الداخلية والخارجية.
ورغم النداءات المتكررة من أجل انتقال سلس للسلطة، إلا أن الخلافات حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحول السياسة إزاء بلدان مثل إسرائيل والصين تظهر الشقوق في الواجهة.
وقال الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب إنه ،خلال أول مئة يوم من ولايته، يرغب في أن يتخذ خطوات لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ" التجارية مع 11 دولة أخرى ، وهو ما يمثل تفكيكا لإحدى الركائز في السياسة الخارجية لأوباما واهتمامه بآسيا.
كما شكّك ترامب في اعتراف الولايات المتحدة بسياسة "صين واحدة" القديمة، وذلك عبر تلقي اتصال من الرئيسة التايوانية.
وفي خرق آخر للسياسة الحالية ، تعهد ترامب بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس .
وفي الحقيقة، وصف ترامب على نطاق واسع السياسة الخارجية لأوباما بأنها "كارثة".
ويجعل ذلك أوباما في حاجة لبذل بعض الجهود إذا أراد حماية إرثه.
وعلى الصعيد الداخلي، عمل أوباما على إقناع نواب البرلمان الديمقراطيين وجيش من المواطنين الناشطين بالدفع من أجل المحافظة على سياسته الأساسية، فيما يتعلق بإصلاحات الرعاية الصحية .
وقال أوباما في رسالة عبر البريد الإلكتروني لمؤيديه قبل خطاب الوداع الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي حول رؤيته للمستقبل :"ما نفعله الآن يحدد كيف سنعيد بناء وتصور شكل حزبنا ، وكيف سوف نتصدى لأي جهود ترمي إلى تقويض العمل الذي أنجزناه معا".
غير أن أوباما لم يتطرق كثيرا لحالة أجندته الدولية، حيث يؤكد البيت الأبيض اتفاق الحزبين القائم منذ زمن طويل على أسس السياسة الخارجية الأمريكية مع رفع يديه تعبيرا عن غضبه ويأسه عند سؤاله حول التغيير الذي يحتمل أن تحدثه الإدارة التالية.
ويعني هذا كله أن مصير الإنجازات الأساسية لأوباما على الساحة العالمية لا يزال غامضا، ولا سيما نظرا للتعقيد الذي تتصف به بعض الاتفاقيات الدولية المعنية.
ويحتمل أن يبقى الكثير من الأمور في أيدي الحلفاء الذين سعى معهم أوباما في بعض الاتفاقيات التي تحمل بصمته ، مثل اتفاق التغير المناخي في العالم والاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
واعتمد الكثير من سياسة أوباما على التعاون الدولي، وهي الاستراتيجية التي دافع عنها في الأمم المتحدة في سبتمبر عندما استنكر الرغبة الانعزالية في بناء الجدران والانسحاب من الساحة العالمية.
أما ترامب، فقد انتقد بشدة الصفقات الدولية اللازمة لإبرام اتفاقيات مثل تلك التي هدفت لحرمان إيران من امتلاك سلاح نووي ، والنهج الأمريكي مع كوبا. وتبقى نوايا ترامب تجاه هذه الاتفاقيات أقل وضوحا.
فعلى سبيل المثال، أشار ترامب إلى أنه سوف يتبع نهجا أكثر صرامة ضد الإرهاب وفي المعركة ضد داعش، ولكنه لم يدل حتى الآن سوى بقدر ضئيل أو معدوم من التفاصيل حول كيفيه تنفيذ ذلك حسب خططه أو كيفية تعامله مع الحرب الأهلية في سوريا.
ولاقى تعامل أوباما مع الوضع انتقادات منذ أن أعلن في عام 2013 أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية "خط أحمر" ثم ما لبث أن تراجع عن ذلك.
وأعرب أوباما خلال مؤتمر صحفي خاص بحصاد العام عن الأسف لفقد الأرواح في سوريا، ولكنه أكد أنه لم يكن بإمكانه بذل جهد أكبر مما قدمه بدون جر الولايات المتحدة إلى حرب فعلية في الشرق الأوسط تكبدها خسائر .
وبقي الوضع في سوريا والتواجد الراهن للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان والإخفاق في غلق معتقل خليج جوانتانامو من المهام التي لم ينجزها أوباما، ليترك للرئيس الجديد الكثير من التحديات نفسها التي واجهها عند تولي السلطة قبل ثمانية أعوام.
ويمكن أن يخلق ذلك في حد ذاته بعض المشكلات إذا صدق المرء كلمات أوباما نفسه . وكان الرئيس قد حذر مرارا من طباع ترامب خلال الحملة الانتخابية ، رغم أنه أبدى هدوءا إزاء هذه المخاوف منذ أثارت غضب ترامب في نوفمبر .
ومع ذلك، لم يتراجع أوباما عن أبرز نقطة في الخلاف بين إدارته وبين ترامب ،وهي روسيا.
وشكك ترامب علنا في معلومات استخباراتية أمريكية قالت إن روسيا تقف وراء قرصنة طالت رسائل بريد إلكتروني للحزب الديمقراطي خلال الحملة الانتخابية وسعت للمساعدة في دعم المرشح الجمهوري .
وقال أوباما في مقابلة يوم الأحد الماضي :"نحتاج لتذكير أنفسنا بأننا فريق واحد. (دولة الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين ليست من فريقنا".
وأشار ترامب إلى أنه منفتح لعلاقات أوثق مع موسكو، ولكن أوباما حذر ترامب من نبذ التقاليد الأمريكية.
وقال أوباما في برلين خلال "جولة وداع" عقب الانتخابات ، والتي سعى خلالها لطمأنة الحلفاء حول مستقبل الدعم الأمريكي ، إنه ينبغي على ترامب ألا "يتخذ منهج الواقعية السياسية ويوحي بأنه إذا فقط أبرمنا بعض الاتفاقات مع روسيا ،حتى ولو كانت تضر الشعب أو حتى تنتهك القواعد الدولية أو تعرض الدول الأصغر للخطر.. فإننا نفعل فحسب ما هو مناسب للوقت".
فيديو قد يعجبك: