عائلات ليبيين قضوا في سرت ياملون في انتهاء الحرب قريبا
بنغازي، ليبيا (أ ف ب)
بعد ثلاثة اشهر من انطلاق العملية الهادفة الى استعادة مدينة سرت، يأمل اهالي مئات الليبيين الذين قضوا في معارك مع تنظيم الدولة الاسلامية ان تنتهي الحرب قريبا ليتوقف نزيف الدماء في بلاد تخسر المئات من شبانها منذ خمس سنوات.
ومنذ بدايتها في 12 مايو، قتل في عملية "البنيان المرصوص" اكثر من 300 مقاتل ليبي من قوات حكومة الوفاق الوطني، واصيب اكثر من 1800 بجروح ينتمي معظمهم الى مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) التي خسرت من قبل المئات من ابنائها خلال انتفاضة العام 2011.
والاحد اعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني بدء "العد التنازلي" لاطلاق "المرحلة الاخيرة" من عملية استعادة سرت (450 كلم شرق طرابلس) التي تلقى مساندة جوية من قبل طائرات اميركية بطلب من السلطات المدعومة من المجتمع الدولي.
"ذهب الاثنين واستشهد الاربعاء"
علي الكيسة (22 عاما) ودع والده عبد الرحمن عشية التحاق الاب بمجموعة من المقاتلين في سرت. لم يتواصلا ليومين، الى ان جاء الاتصال الاول معلنا للطالب الجامعي، اكبر اخوته الاربعة، مقتل الاب (54 عاما) خلال معركة في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في الثامن من يونيو.
ويقول علي لوكالة فرانس برس وهو يقلب صورا لوالده في منزل العائلة في مصراتة "قال لي: ساذهب الى سرت، وكان طبعا على اقتناع. اجبته: انتبه على نفسك وان شاء الله خير. ذهب مرة واحدة الى الجبهة وبقي يومان. ذهب الاثنين واستشهد الاربعاء".
ويضيف وهو ينظر الى الارض "الحمد لله، الناس هنا تفرح للشهيد. لكن ان شاء الله تنتهي الحرب. امل كل ليبي اليوم هو ان تنتهي هذه الحرب، وان تقف البلاد على قدميها وان تعود افضل مما كانت عليه".
وعبد الرحمن الكيسة وزير سابق للجرحى والمفقودين في الحكومة المؤقتة الاولى التي ولدت اثناء انتفاضة العام 2011، ونقيب للمحامين منذ العام 2012.
وينقل اشتيوي خليفة حوارا جرى بينه وبين ابن عمه عبد الرحمن الكيسة قال فيه الاخير قبيل توجهه الى سرت "دوري كمحام انتهى الان. حان وقت القتال".
"صحفي واخوة مقاتلون"
في منزل قريب في مصراتة، لم يكن عبد الله حميدة (66 عاما) يكاد يفرح بعودة احد ابنائه سالما من القتال في صفوف القوات الحكومية في سرت، حتى يودع ابنا اخر ذاهبا اليها، الى ان فقد عبد القادر (30 عاما) الصحفي الذي كان ينقل اخبار معارك يقاتل فيها ثلاثة من اخوته.
يحتفظ عبد الله بصورة عبد القادر (30 عاما) المنشورة على الصفحة الاولى لجريدة محلية الى جانبه. وهو يجلس في بهو منزله على كنبة زرقاء برفقة ابراهيم احد ابنائه التسعة، وقريب للعائلة.
يفتح عبد الله الجريدة لينظر بعينين دامعتين الى صور ابنه الموزعة على الصفحات الداخلية الى جانب مقالات تنعيه، ثم يغلقها ويعود ليتحدث عن ابنه الذي تزوج قبل عام وسبعة اشهر.
ويقول "سيرة حياته مليئة بالاحداث. اصيب برصاصة في (انتفاضة) العام 2011، واختطف في العام 2013، ثم استشهد في سرت. حياته كما حياة الكثير من الليبيين دفاع عن الوطن وعن اخوانهم".
ويرى الاب ان المقاتلين في سرت "اناس يكافحون من اجل وطنهم. فهل من المعقول ان نترك ليبيا ليستولي عليها عليها اناس من الخارج؟ طبعا لا احد يهون عليه ان يقتل اولاده، وكنا نتمنى الا تستمر الحرب طوال هذا الوقت، لكن الله سينصرهم لتنتهي قريبا، والانتصار سيهون عليّ وجع فقدان عبد القادر وكل الشهداء الاخرين".
"في كل بيت شهيد"
واستغل تنظيم الدولة الاسلامية الفوضى الامنية والنزاعات المسلحة التي تشهدها ليبيا منذ خمس سنوات ليرسخ موطئ قدم له في هذا البلد الغني بالنفط والمقابل للسواحل الاوروبية.
لكن رغم نجاحه في اقامة قاعدة خلفية له في سرت التي سيطر عليها في يونيو 2015، الا ان التنظيم المتطرف فشل في استقطاب الليبيين الذي يعيشون في مجتمع اسلامي محافظ عموما ومعارض في الوقت ذاته للفكر المتطرف، ليعتمد بذلك على المقاتلين الاجانب الاتين من دول مجاورة ومن الخليج.
وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في سرت من وحدات عسكرية صغيرة من الجيش الليبي المفكك ومن جماعات مسلحة تنتمي الى مدن عدة في غرب ليبيا ابرزها مصراتة العاصمة الاقتصادية لليبيا والتي تعرضت لحصار من قبل قوات القذافي في 2011 ولدمار كبير لا تزال اثاره واضحة على الكثير من ابنيتها.
وتشكلت هذه الجماعات في العام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي قتل فيها الزعيم السابق معمر القذافي. وبعد اطاحة النظام، احتفظت هذه الجماعات باسلحتها واصبحت الجهة العسكرية الابرز في ليبيا والاكثر تاثيرا في امنها.
ويقول اشتيوي خليفة في احدى مقابر المدينة في محاذاة منزل الكيسة وهو يشير الى قبر اين عمه "هذه القبور هي بمعظمها لشهداء قضوا في 2011 او قضوا في حرب سرت".
ويتابع "كل بيت في مصراتة فيه شهيد".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: