لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

المستشارون الإسلاميون المتشددون لهم الكلمة العليا في باكستان

01:58 م الثلاثاء 26 أبريل 2016

البرلمان الباكستاني

إسلام أباد - (د ب ا):

يقع مقر مجلس الأيدولوجية الإسلامية الباكستاني على مسافة بضعة كيلومترات فقط من مبنى البرلمان، ويعمل المجلس من داخل مقر يقل فخامة عن مبنى البرلمان بكثير ويضم مسجدا بسيطا تعلوه قبة خضراء وفناء، ولكنه يتمتع بنفوذ متزايد.

ويضم المجلس مجموعة من رجال الدين الذين يقومون من حيث المبدأ بتقديم المشورة حول توافق القوانين التي يصدرها البرلمان مع تعاليم الإسلام، ومن الناحية العملية يكون بوسع هذا المجلس غير المنتخب أن يعرقل صدور التشريعات على المستوى الوطني، وأيضا في المجالس النيابية للأقاليم الأربعة في باكستان، وهو ينفذ ذلك بالفعل.

وقام المجلس خلال شهر إبريل الحالي بإدانة اثنين من القوانين صدرا في إقليمي خيبر باختونخوا بالمنطقة الشمالية الغربية من باكستان والبنجاب بالمنطقة الشرقية -وهما القانونان اللذان استهدفا حماية النساء من العنف المنزلي - باعتبارها " مخالفة للشريعة الإسلامية ".

وتقول سامية راحيل قاضي وهي السيدة الوحيدة بين الأعضاء العشرة بمجلس الأيديولوجية الإسلامية الحالي " إن القانونين متماثلين وينتهكان العديد من المبادئ الإسلامية ".

وتوضح ربيعة هادي من منظمة " مؤسسة أورات " المدافعة عن حقوق النساء أن هذا التشريع الجديد يسمح للمرأة - من بين إجراءات أخرى - بأن تطرد زوجها الذي يمارس العنف ضدها من منزل الزوجية، وهو مخالف للحق التقليدي للرجل في أن يطرد زوجته من المنزل حتى بعد أن يضربها.

كما أن هذا التشريع يعطي المحاكم الحق في توجيه الأمر للرجال المدانين بممارسة العنف المنزلي بوضع أساور رقمية مزودة على سواعدهم تعمل بنظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس)، كما أنه يتيح خطا هاتفيا بالمجان لتقديم المساعدة للنساء اللاتي يتعرضن لتهديد العنف المنزلي.

وتضيف هادي إنه تم النظر إلى هذا التشريع في باكستان على أنه تقدمي وجديد من نوعه في دولة ينتشر فيها العنف المنزلي، وتضعف فيها للغاية الإجراءات القانونية لحماية المرأة داخل المنزل.

وأصدر المجلس النيابي في إقليم البنجاب هذا القانون في شباط/فبراير الماضي، حيث قوبل بموجة من الاحتجاجات من جانب الجماعات الدينية، مما دفع البرلمان المحلي إلى اللجوء لمجلس الأيدولوجية الإسلامية لطلب المشورة، وفي إقليم خيبر باختونخوا تم إحالة القانون إلى البرلمان المحلي قبل أن يقوم مجلس الإقليم بطلب مشورة مجلس الأيدولوجية الإسلامية.

وفي البداية قال مولانا محمد خان شيراني رئيس مجلس الأيدولوجية الإسلامية في تصريحات لوسائل الإعلام الشهر الماضي إن بعض بنود القانون الجديد تخالف أحكام الإسلام، غير أنه عاد ليعلن أن المجلس يرفض رسميا القانون برمته وذلك بعد تأييد بقية الأعضاء.

وقالت السيدة القاضي وهي عضو أيضا في جمعية " جماعة الإسلام " المتشددة والتي قامت باحتجاجات ضد هذا القانون " إنه في حالة تنفيذ هذه التشريعات فستتعرض قيمنا الإسلامية ونظامنا العائلي للتدمير بالتأكيد ".

ووصفت القانون بأنه " بمثابة محاولة لإدخال أنظمة من الغرب الذي تفككت فيه الأسرة بالفعل ".

وبمقتضى دستور 1973 يضم مجلس الأيديولوجية الإسلامية ما بين 20-8 عضوا تعينهم الحكومة لمدة ثلاثة أعوام.

وأوضح علامة طاهر أشرفي العضو السابق بالمجلس أنه " يجب على أعضاء المجلس أن يكونوا على إطلاع واسع بالمعارف الإسلامية والحديثة ليقدموا الرأي للمجالس النيابة حول المسائل المتعلقة بأحكام الإسلام ".

وأضاف غير أنه غالبا ما يتم مكافأة الأحزاب الدينية مقابل دعمها للحكومة في البرلمان ".

ويتمتع شيراني رئيس المجلس الأيديولوجية الإسلامية بعضوية البرلمان عن حزب " جمعية علماء الإسلام فضل الرحمن " المتحالف مع الحكومة، وتعد عضويته البرلمانية مكافأة له من جانب رئيس الوزراء نواز شريف لتأييده السياسي للحكومة.

ولا يستطيع مجلس الأيديولوجية الإسلامية من الناحية الفنية أن يعرقل صدور القوانين، غير أنه يستطيع أن يجعل من المتعذر تنفيذ أي تشريع يرى أنه متعارض مع الإسلام.

ويرى المحللون أن الأحزاب الإسلامية تمارس النفوذ بشكل يتجاوز وزنها البرلماني وذلك بفضل التأييد الشعبي لها، وعلى الرغم من أن هذه الأحزاب لها 17 مقعدا فقط داخل البرلمان أي بنسبة أقل من 5% من إجمالي عدد المقاعد، إلا أنه بإمكانها أن تثير احتجاجات شعبية في الشارع عندما ترغب في ذلك.

وهذا هو السبب في أن الحكومات المتعاقبة في باكستان سعت لأن تستميل رجال الدين إلى جانبها عن طريق تعيينهم في المؤسسات الدينية مثل مجلس الأيديولوجية الإسلامية.

بينما يرى أشرفي أن نتيجة هذا الاتجاه الحكومي هي تكدس المجلس بالمتشددين الذين تصبح أحكامهم متطرفة أحيانا مثل إقرار زواج الأطفال.

ويقول " إن المجلس أعلن أن القانون الذي يعطي المرأة الحق في إنهاء الزواج بمقتضى حق الخلع الإسلامي مخالف لتعاليم الإسلام، وكذلك استخدام تحليل الحامض النووي في حالات الاغتصاب ".

وعلى الرغم من الشكاوى من جانب الجمعيات الحقوقية والمواطنين المعنيين مثل أشرفي، لم تظهر أية خطوة لكبح جماح المجلس، وربما كان السبب في ذلك هو الخوف من رد فعل المتطرفين.

وانتقدت هادي استقلالية مجلس الأيديولوجية الإسلامية قائلة إن " المجلس بدأ يعمل كهيئة موازية للبرلمان، وهو لا فائدة له ويجب إلغاؤه لأنه أصبح أداة لاستهداف النساء ".

غير أن رئيس المجلس شيراني لم يتراجع وأعلن الشهر الحالي أن المجلس يمتلك صلاحيات قانونية لإصدار فتاوى تعد ملزمة بمقتضى الشريعة الإسلامية.

وقال " إذا عجزت الحكومة عن إصدار تشريعات إسلامية مستقبلا، فسوف يعمل المجلس من جانبه بشكل مستقل ".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان