إعلان

العرب في 2016: حروب "تكسير عظام" إقليمية وتحديات اقتصادية وأمنية داخلية

12:37 م الثلاثاء 27 ديسمبر 2016

الحرب فى سوريا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة - (د ب أ):

شهد عام 2016 على مستوى العالم العربي موجات متتالية من التحديات لا يمكن اعتبارها إلا امتدادا للتحولات الجوهرية التي تشهدها المنطقة منذ انطلاق موجات ما كان يوصف في مرحلة ما بـ"الربيع العربي".

ولعل أبرز ما سجله عام 2016 هو اشتداد ضراوة حروب "تكسير العظام" الإقليمية التي يرى عدد من المحللين المتابعين للشأن العربي أن قسما لا يستهان به منها قد يُحل إذا ما قررت إيران التوقف عن مساعي توسيع دائرة نفوذها باعتبارها قوة إقليمية.

ويبدو أن تعافي إيران اقتصاديا مع رفع العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي عليها بسبب برنامجها النووي، شجعها على توسيع هذا النفوذ، وهو ما لا يروق لعدد كبير من الدول العربية، وعلى رأسها السعودية التي تقود جهود دول المنطقة للتصدي لمساعي إيران .

ويبدو أن آفاق خلافات الجانبين السعودي والإيراني لم تعد تقف عند الأمور السياسية. فقد سجل العام الجاري خلافات اقتصادية بين الجانبين خلال مفاوضات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الرامية إلى تجميد مستويات إنتاج دول المنظمة في مسعى لدعم أسعار النفط عالميا. وبعد محاولات ووساطات تم الوصول إلى تسوية تتيح لإيران زيادة إنتاجها لاستعادة مستويات ما قبل العقوبات الدولية التي كانت قد أدت إلى انخفاض قياسي في إنتاجها.

ووصلت الخلافات بين الجانبين إلى قضايا دينية جوهرية، فبينما اتهمت إيران السعودية بـ"الصد عن سبيل الله" وحملتها المسؤولية عن عدم تمكن حجاجها من أداء الفريضة هذا العام، اتهمت السعودية الحوثيين المدعومين بصورة أساسية من إيران بمحاولة استهداف الأراضي المقدسة بصاروخ باليستي تم اعتراضه.

وكما كانت في الأعوام الماضية، ظلت القضية السورية هي الأكثر مأساوية ودموية في عام 2016. ولن ينسى "التاريخ" ما شهدته حلب خلال العام الجاري من عنف وتهجير قسري. وبينما تشعر المعارضة بخذلان المجتمع الدولي الذي ترك "القانون الدولي يُقتل في المدينة" وفشل في حمل روسيا وإيران وحزب الله على وقف دعمهم للرئيس السوري بشار الأسد، فقد اعتبر الأسد أن ما حدث نصر يستحق التهنئة وأن "الوضع السوري والإقليمي سيختلف بعد تحرير حلب عما كان عليه قبل تحرير حلب".

ورغم تردي الأوضاع والمحاولات المتكررة من أكثر من جهة للتوصل لحل سلمي للأزمة اليمنية، فإنه لا يبدو حتى الآن أفق قريب لحل نهائي سلمي أو حتى عسكري للأزمة. وقد تردت الأوضاع الإنسانية في اليمن إلى حد جعل الأمم المتحدة تصف البلاد بأنها "على شفا المجاعة".

وإلى جانب الصراعات الإقليمية، تجلت عدة خلافات داخل البيت العربي أبرزها ما يتردد عن خلافات بين مصر والسعودية لأسباب ربما على رأسها موقف الجانبين المتباين من القضية السورية. كما تجدد الخلاف بصورة أكبر بين المغرب والجزائر لأسباب أبرزها ملف الصحراء الغربية.

وسجلت الاقتصاديات العربية بشكل عام تباطؤا خلال العام الجاري في ظل استمرار تراجع أسعار النفط عالميا وتكاليف العمليات العسكرية والإنفاق على الأزمات الإنسانية.

وقامت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، بإجراءات تقشفية تهدف إلى تخفيض الإنفاق الحكومي. وقد أقر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مؤخرا بأن بعض هذه الإجراءات "قد يكون مؤلما مرحليا، إلا أنها تهدف إلى حماية الاقتصاد من مشاكل أسوأ فيما لو تأخرنا في ذلك".

وإلى جانب التحديات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال العام الجاري، فقد شهدت أيضا استمرارا للعمليات العسكرية في سيناء وحوادث إرهابية وصلت إلى قلب العاصمة. وقامت مصر خلال فترة وجيزة بتطبيق عدد من الإصلاحات الاقتصادية التي ظلت الحكومات المتعاقبة تخشى اتخاذها، حيث جرى تطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة، وخفض دعم الطاقة، وتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وهي أمور أدت في مجملها إلى موجة تضخمية كبيرة. وأشاد متابعون بجرأة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على اتخاذ قرار البدء في تنفيذ هذه الإجراءات رغم ما قد يكون لها من تأثير على شعبيته. وأشاد المسؤولون بما وصفوه بتفهم وصبر المواطنين على هذه الإجراءات رغم الضغوط الكبيرة التي فرضتها عليهم.

ولم يسجل عام 2016 أي تطور إيجابي واضح بالنسبة للقضية الفلسطينية باستثناء مصادقة مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب بوقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وبينما اعتبر البعض أن هذا القرار "انتصار معنوي.. يفتح الباب من أجل المفاوضات والسلام"، فقد رأى آخرون أنه ربما يكون له تأثير عكسي خاصة مع تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لن تلتزم به، وتعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مجددا بتسريع خطوات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ردا على تمرير إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما المنتهية ولايتها للقرار. وربما تمثلت الصفعة الأكبر للقضية الفلسطينية إرجاء فرنسا المؤتمر الدولي الذي لطالما تعلقت الآمال على عقده العام الجاري لإعادة تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط. وتردد أن هذا المؤتمر قد يعقد في يناير المقبل.

ولم يسلم الأردن هو الآخر من شظايا الحرب المستعرة في سوريا: فإلى جانب الحوادث الإرهابية التي شهدها الأردن خلال العام الجاري، فإنه لا يزال يعاني من تبعات اقتصادية بعدما وصل إلى "حد الإشباع" فيما يخص قدرته على الاستمرار في تحمل أعباء استضافة اللاجئين السوريين في ظل عدم كفاية الدعم المقدم من المجتمع الدولي.

وخلال العام الجاري، تمكن العراق من تحقيق "انتصارات كبيرة" على تنظيم داعش واستعاد الكثير من المناطق التي كان التنظيم يسيطر عليها. وإلى جانب التكلفة الإنسانية والأمنية الهائلة التي كبدها التنظيم للعراق، فإن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قدر حجم الأضرار التي ألحقها التنظيم بالبلاد بـ 35 مليار دولار.

وخلال العام الجاري، قامت السلطات البحرينية بحل جمعية الوفاق، كبرى جمعيات المعارضة السياسية بالبلاد، وأسقطت الجنسية عن أفراد أدانتهم بالتبعية "لمرجعية سياسية دينية خارجية، والعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة".

وشهدت الكويت إجراء انتخابات برلمانية، أسفرت عن تغيير كبير في تشكيلة مجلس الأمة، بنسبة بلغت 60%. وحصدت المعارضة قرابة نصف المقاعد، بعد مقاطعتها الانتخابات السابقة احتجاجا على تعديل قانون الانتخابات.

ويبدو أن سياسات تنوع الإيرادات التي تتبعها الإمارات مكنتها من مواجهة صدمة أسعار النفط والتطورات الجيوسياسية التي أثرت على مجمل دول المنطقة.

ورغم استئناف الصادرات النفطية الليبية واستعادة مدينة سرت من قبضة تنظيم داعش، إلا أن الأوضاع في ليبيا لا تزال بعيدة عن أي أفق لحل سياسي في ظل وجود ثلاث حكومات تتنازع السلطة: هي حكومة "الوفاق الوطني" في طرابلس والتي تحظى بدعم دولي، وحكومة "الإنقاذ" التي قررت استعادة السلطة في طرابلس بعد شهور من تسليمها لحكومة الوفاق، و"الحكومة المؤقتة" المنبثقة عن البرلمان المنعقد في مدينة طبرق والمدعومة مما يعرف بـ"الجيش الوطني" بقيادة خليفة حفتر.

وفي تونس، واجهت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد الكثير من المصاعب، ربما أبرزها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي. واستضافت تونس في نوفمبر الماضي مؤتمرا دوليا لعرض الفرص الاستثمارية المتاحة بالبلاد. وخلال المؤتمر، أقر الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بأن "تونس لم تفلح في تحقيق انتقال اقتصادي" بعد ست سنوات من الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وقد سجل المؤتمر تعهدات مالية كبرى من المؤمل أن تنعش اقتصاد البلاد.

وربما كان لبنان من الدول العربية القليلة التي سجلت تحولات إيجابية ملموسة خلال العام الجاري، فقد تمكن الفرقاء من سد الفراغ الرئاسي الذي استمر لنحو عامين ونصف، وتمكن من تشكيل حكومة جديدة، وربما يستعد الآن لوضع قانون انتخابي جديد يراعي النسبية وسلامة التمثيل تمهيدا لإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها منتصف العام المقبل.

ويتابع المراقبون بحذر ما قد يحمله تسلم ترامب لمهامه في يناير المقبل من مفاجآت، خاصة وأنه تعهد بتغيرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية ألمح إلى أنها قد تتضمن إعادة إطلاق العلاقات مع روسيا وإلغاء الاتفاق النووي الدولي مع إيران ووضع حد لتدخل واشنطن في شؤون الدول الأخرى ومحاولة فرض الديمقراطية بالقوة على أنظمة الحكم التي يرى أن إدارة سلفه الديمقراطي أوباما انتهجتها.

وكما هو الحال كل عام، تظل الآمال معلقة بأن يكون عام 2017 أفضل من سابقيه، وهي الآمال التي ربما لها ما يدعمها هذا العام بعد التوصل إلى اتفاق لتجميد مستويات إنتاج النفط، والحديث عن جهود جديدة تقودها روسيا وتركيا لحلحلة الأزمة السورية وما قد يكون لذلك من تبعات على ملفات إقليمية أخرى، ودعوة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى اجتماع قريب في الأردن يهدف إلى التهدئة والتنسيق.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان