خبراء يحذرون من ''فوضى السلاح'' في غزة
غزة - الأناضول:
رفض محللون سياسيون فلسطينيون تصنيف أحداث القتل الأخيرة التي شهدها قطاع غزة ضمن ''فوضى السلاح'' أو ''الانفلات الأمني''، محذرين من ارتفاع وتيرة هذه الأحداث، خاصة في ظل ''تسلّح'' فئات متعددة من المجتمع الفلسطيني، وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وطالب المحللون، في أحاديث منفصلة مع مراسلة ''الأناضول''، الجهات القضائية الفلسطينية في غزة بإعادة النظر في مسألة العقوبات التي يوقعونها على الجناة، مشددين على ضرورة تطبيق القانون بـ''حزم'' وعدم العودة إلى ''المصالحات'' العائلية في القضايا ''الجنائية''، حتى يأخذ القانون مجراه.
ووقعت خلال شهر مايو '' آيار '' الماضي العديد من الجرائم التي خلفت إجمالا ما يزيد على ستة قتلى في صفوف الغزيين، بحسب مصادر حكومية في غزة .
ويقول المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة،: ننظر بحذر إلى تعدد حالات القتل على أساس عائلي أو اشتباكات مسلحة بين المواطنين''.
ويوضح أبو سعدة أن ''ظاهرة التسلّح بين المواطنين ظهرت في غزة مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث ساعدت الانتفاضة على انتقال السلاح إلى المواطنين''.
ويرى أن ما يحدث في غزة من أحداث القتل بالسلاح الناري ''لا يندرج تحت مسمى فوضى السلاح''، مشيراً إلى أن القطاع شهد ''فوضى السلاح'' والفوضى الأمنية عامي (2006-2007) عندما كان القطاع يخضع لحكم السلطة الفلسطينية، أي ما قبل سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الحكم في صيف 2007.
ويشدد أبو سعدة على أن ''غزة شهدت حالة من السيطرة الأمنية غير المسبوقة بعد استلام حركة حماس الحكم، على الرغم من استمرار بعض الحوادث، أو وجود السلاح في أيدي المواطنين''.
ويرجع حوادث القتل والاشتباكات المسلحة التي برزت في غزة في الآونة الأخيرة إلى ''سببين، أولهما حالة الاحتقان الشعبي الداخلي، بسبب ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، وانعدام الأفق السياسي، وبناء على ذلك فقد المواطنون الأمل في الخروج من الأزمات الحالية''.
وبحسب أحدث احصائيات رسمية فلسطينية فإن نسبة البطالة بلغت 41%، ووصلت نسبة الفقر لى 60%.
''أما السبب الثاني فيكمن في تهاون الأجهزة الأمنية في تنفيذ العقوبات التي يفرضها القضاء، بشكل أدى إلى تزايد معدلات الجرائم بغزة''، بحسب أبو سعدة.
ويطالب بـ''تنفيذ قانون العقوبات على الجناة، حتى يكونوا عبرةً لغيرهم''، مستنكراً اللجوء إلى ''العرف'' العائلي أو ''المصالحات'' العائلية التي تنهي الصراع بين المواطنين بـ''ورقة'' واتفاق.
وتفيد إحصائية، حصلت عليها مراسلة ''الأناضول'' من مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، بأن فترة حكم حماس في غزة شهدت عدة حالات عنف داخلي، إلا أن حالات العنف كانت ''متذبذبة'' وأقل من الحالات التي شهدها القطاع في فترة حكم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
وتوضح الإحصائية أن عام 2007 شهد (402) حادث عنف داخلي، راح ضحيته (102) مواطن، وتم استخدام السلاح في (85) حادثا، فضلا عن (52) حادثة اختطاف واحتجاز تحت تهديد السلاح.
وفي عام 2008 كان مجموع حوادث العنف في غزة (597) حادثا، راح ضحيتها (203) مواطنين، وتم استخدام السلاح في (100) حادث، وبلغت حالات الخطف (24) حالة.
وعن عام 2009، وصل عدد الحوادث إلى (305) حوادث، قُتل خلالها (183) مواطنا، حيث استخدم السلاح في (44) حادثا.
وارتفعت عدد الحوادث في عام 2010 حيث بلغت (519) حادثا، راح ضحيتها (85) شخصا، استخدم المواطنون السلاح في (65) منها، وتعرض آخرون للخطف والاحتجاز في (26) حادثا.
وعاودت نسبة الحوادث في غزة الانخفاض عام 2011 فبلغت (293) حادث عنف، قُتل فيهم (99) مواطنا، واستخدم السلاح في (60) حادث عنف.
وتقاربت نسبة حوادث عام 2012 مع سابقتها، ووصلت إلى (238) حادثا، قتل فيهم (81) مواطنا، حيث رصد المركز استخدام السلاح في (51) حادثة عنف.
من جانبه، يقول المحلل السياسي طلال عوكل، وهو كاتب بعدة صحف محلية في غزة، إن ''شهر مايو/ آيار شهد عدة حالات لقتل المواطنين.. وهذا دليل على وجود أزمة يصعب السيطرة عليها''.
ويعزي عوكل حالات القتل باستخدام السلاح الناري إلى ''تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع الفلسطيني بغزة.. فلا خلفيات سياسية لهذه الجرائم''.
ويؤكد أن ''غياب إيقاع المحاكمة العادلة على الجناة سبب في استمرار حوادث القتل بغزة؛ لذا من الضروري تنفيذ القانون على الجناة''.
ويرفض عوكل تسمية الأوضاع في قطاع غزة بـ''الفوضى المسلحة''، معتبرا أن ''الظواهر الاجتماعية الصعبة هي مسببات الحوادث السابقة''.
أما المحلل السياسي هاني حبيب، الكاتب بعدد من الصحف المحلية، فيقول إن ''الواقع الاجتماعي الصعب بغزة بالتزامن مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر هو السبب الرئيسي في ارتفاع حوادث العنف، سواء كانت اشتباكات مسلحة، أو حالات اختطاف، أو قتل بالسلاح''.
ويعتبر أن ''توفر السلاح عند المواطنين نظراً لطبيعة المجتمع الغزي المقاوم لا يشكل عاملا رئيسياً في انتشار جرائم القتل.. ولا يعاني المجتمع الغزي من ظاهرة التسلح الفردية، حيث قضت حماس على هذه الظاهرة عقب سيطرتها على الحكم''.
فيديو قد يعجبك: