التدخل العسكري الدولي في الأزمة السورية ..هل يكون الخيار الأوحد؟
القاهرة - أ ش أ:
تحركات دولية وعربية مكثفة تشهدها الساحة السياسية من أجل التوصل لحل الأزمة السورية ، في ظل تزايد أعمال القتل التي يمارسها النظام ضد الثوار، حيث تدرس بكين إرسال مبعوث إلى الشرق الأوسط لمناقشة الأزمة السورية وذلك في وقت تسعى فيه الصين إلى تهدئة الغضب بعد استخدامها حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار بشأن سوريا دعمته الجامعة العربية. وعرقلت الصين وروسيا مشروع القرار الذي كان يدعم خطة عربية تحث الرئيس السوري بشار الأسد على التنحي.
وفي الوقت الذي يتباحث فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية ميخائيل فرادكوف، مع المسؤولين السوريين سبل الخروج الآمن للأزمة بعد الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن، وبحث خطة لخروج الأسد من السلطة بما يحفظ لموسكو مصالحها مع أحد أهم حلفائها فى المنطقة، قرر وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي عقد اجتماع في الرياض السبت المقبل لبحث الوضع في سوريا عشية اجتماع مجلس الجامعة العربية في القاهرة.
وبدأ يتبلور تحرك دولي باتجاه قيام مجموعة اتصال بشأن سوريا بين عدد من الدول العربية والغربية، حيث أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن باريس تتشاور مع دول عربية وأوروبية لتشكيل مجموعة اتصال بشأن سوريا للتوصل إلى حل للازمة بعد الفيتو الروسي -والصيني، والذي ترتب عليه تجميد العملية السياسية وبالتالي إضعاف فرص الحل السلمي،وتوسيع دائرة العنف والإفراط في استخدام القوة من جانب النظام وترجيح خيار العسكرة ودعم الجيش السوري الحر بين صفوف الثوار.
كما أعلنت سويسرا توسيع قائمة المسؤولين في سوريا المشمولين بعقوبات ، وأضافت إليها 34 إسما، علما أنها تضم أصلا 108 أشخاص ، وبين هؤلاء وزير المال ووزير الاقتصاد ومسؤولون عسكريون كبار وموظفون كبار في وزارة الداخلية ، كما أضافت سويسرا 19 إسما الى قائمة الكيانات المشمولين بعقوبات، ومنها عدد من البنوك والشركات النفطية.
ورغم التصعيد الديبلوماسي والسياسي في اللهجة الأمريكية ضد الحكومة السورية والذي انعكس باغلاق السفارة الأمريكية في دمشق والتحذير من المسار الخطير الذي يسير عليه النظام، أكد الرئيس باراك أوباما أنه من المهم جدا حل الأزمة السورية من دون التدخل العسكري.
وبشأن إمكانية التدخل العسكري الدولي في سوريا، أوضح أوباما أن الولايات المتحدة تدرس كل حالة على حدة فيما يتعلق بالخيارات المتاحة وبناء على مدى وحدة المجتمع الدولي،وأن إدارته ملتزمة بالاستمرار في فرض العقوبات والمزيد من الضغوط، وأنها ستساعد فيما اسماه "استهلال هذه الحكومة الانتقالية".
من جهة أخرى بدأ يتبلور تحرك في الجمعية العامة للامم المتحدة لاتخاذ إجراءات تستهدف إجهاض أثر الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن ، وتصدر هذه الإجراءات التحرك عبر قرار للجمعية العامة يطالب مجلس الأمن بإحالة انتهاكات الحكومة السورية لحقوق الإنسان إلي المحكمة الجنائية الدولية. هذا الى جانب إمكان عقد جلسة للجمعية العامة تحت شعار "متحدون من أجل السلام" لاستصدار القرار نفسه الذي أجهضته روسيا والصين في مجلس الأمن والذي يدعم خطة جامعة الدول العربية للعملية السياسية الانتقالية وكامل المبادرة العربية في الشأن السوري.
ومن المنتظر ألا تقبل الجامعة العربية وأد مبادرتها وأن تقرر في اجتماعها المزمع عقده الأحد المقبل، التحرك خارج ساحة حرب روسيا الباردة (مجلس الأمن) ودعم التوجه إلى الجمعية العامة.
ووفقا لكثير من المراقبين، فإن ثمة محاور كثيرة تقتضي من الثورة السورية التحرك عليها: أولها، مطالبة الدول العربية بتنفيذ كامل قرار العقوبات الذي سبق واتخذته بحق النظام السوري والبدء بسحب السفراء العرب من دمشق وطرد سفراء النظام من العواصم العربية ودعوة بشار الأسد للاستقالة.
ثاني هذه المحاور يتمثل في ضرورة تمسك الدول العربية بالدعوة إلى نقل مبادرتها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على قرار بدعمها وإدانة النظام السوري على الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب، علما بأن صدور القرار لا يحتاج إلا إلى غالبية بسيطة، ثم استخدام قرار الجمعية العامة بعد صدوره كغطاء سياسي وتوظيفه في تشكيل تحالف دولي للدول الصديقة للشعب السوري لحمايته.
أما ثالث المحاور هو أن يقوم هذا التحالف الدولي بتدريب الجيش السوري الحر وتنظيمه وتسليحه في شكل غير مباشر لتمكينه من الدفاع عن نفسه وحماية المدنيين، وقد يكون من المستبعد أن تقوم بذلك دول أوروبية أو الولايات المتحدة، لكنها ستشجع عليه وتوفر له دعما لوجستيا وغطاء سياسيا.
رابع المحاور وهو تأمين دعم إغاثي عاجل "مالي وعيني" للشعب السوري يساعده على الصمود والاستمرار في معركته آخذين في الاعتبار أن المعركة ستطول قليلاً.
ويعزز من ضرورة التحرك بفاعلية على تلك المحاور، إدراك النظام السوري استحالة التدخل العسكري الدولي المباشر في أراضيه نظرا لعوامل جغرافية ، أهمها :الجوار مع إسرائيل، والخوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة تهدد المنطقة بأكملها.
كما يدرك النظام السوري حقيقة المخاوف الغربية والعربية من الحل العسكري وإمكانية تدحرج كرة اللهب لتشمل إيران والخليج ومضيق هرمز حيث تمر أغلب ناقلات النفط العالمية، فضلا عن حزب الله في جنوب لبنان وحدود إسرائيل الشمالية.فضلا عن عدم توافر الشروط اللازمة للتدخل العسكري الدولي من قبل حلف الناتو، ومن أهمها: ضرورة وجود قرار دولي من مجلس الأمن يتيح إمكانية التدخل ويضفي عليه الشرعية القانونية الدولية "المرجعية الإقليمية والدولية"، وضرورة وجود مساندة إقليمية لهذا التدخل، ووقوع حالة من الضرر على الدول الأعضاء في الحلف.
ورغم ذلك يبقى خيار التدخل الدولي قائما ولو بشكل غير مباشر في مراحل لاحقة من خلال تقديم دعم عسكري للمعارضة وتسهيلات ربما تأتي عن طريق حدود تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي.
كما يمكن في حال تطور الأمور لصالح المعارضة السورية على الأرض اللجوء لضربات نوعية تسهل عمليات الجيش السوري الحر وتلحق قدرا من الهزيمة النفسية بنظام الأسد.
ومع الإقرار باستبعاد التدخل العسكرى من حلف شمال الأطلنطى "الناتو"، فإنه يمكن البدء بتقديم الدعم اللوجيستى والاستخباراتى والاتصالات للمعارضة السورية بشتى أطيافها.
لهذا يبدو حسم الوضع في سوريا موكولا بشكل أساسي إلى التطورات الجارية على الأرض في الداخل، وقدرة الجيش السوري الحر على كسب مزيد من المواقع والرهان على انشقاقات إضافية بالجيش النظامي.
وتشير تطورات الأزمة السياسية في سوريا إلى احتراق أوراق النظام السوري الواحدة تلو الأخرى، فالغطاء الروسي الصيني يبدو أنه لن يستمر طويلا في مواجهة الضغوط الغربية. فهذه المعارضة الروسية الصينية -مثلا- لم تمنع في السابق تدخلا دوليا مباشرا في العراق وليبيا خارج نطاق مجلس الأمن في كثير من الأحيان.
اقرأ أيضا:
الاسد يؤكد انفتاحه على اي جهد لدعم الاستقرار في بلاده ودول الخليج تطرد سفراء سوريا
فيديو قد يعجبك: