كيف جنّد إردوغان الصحفيين في عملية عِفرين؟.. من ينتقدنا بالكلمة "خائن"
كتب – محمد الصباغ:
مع بداية تركيا عمليتها العسكرية ضد الأكراد في مدينة عفرين السورية في الشهر الماضي، عقد رئيس الوزراء بن علي يلدريم اجتماعا مع أكثر من عشرة رؤساء تحرير لوسائل إعلامية بارزة في البلاد.
ونقلت مجلة الإيكونومست البريطانية في تقرير لها اليوم الخميس، أن الصحفيين تم إبلاغهم بإرشادات حول كيفية التعامل وتغطية الأحداث في الحرب الدائرة. وبحسب بعض الحضور، فقد طُلب من الصحفيين أن يضعوا في اعتبارهم "مصالح الأمن القومي التركي". كما أن الأخبار التي نقلتها الوسائل الإعلامية الاجنبية تم التعامل معها على أنها تعمل كمنصة "للدعاية الإرهابية".
وبالإضافة إلى ذلك كان من بين التعليمات أن يتم تذكير القراء بأن الجيش سوف يتعامل بكل الحرص لتجنب الضحايا من المدنيين. وأبرزت التغطيات الإعلامية التركية أن قواتهم تقاتل ضد مسلحي تنظيم داعش بجانب الأكراد المتواجدين في عفرين، على الرغم من عدم وجود داعش في هذه المنطقة.
ومع استثناءات يمكن حصرها على أصابع اليد، التزمت وسائل الإعلام التركية بما جاء في التوصيات الحكومية. وتنافست القنوات الرئيسية فيما بينها على نقل أعداد القرى التي استولت عليها القوات التركية، وعدد القتلى في صفوف قوات وحدات حماية الشعب الكردية (التي تعتبرها أنقرة إرهابية لدعمها الأكراد الانفصاليين في تركيا).
وبعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول إمكانية توجيه "صفعة عثمانية" للقوات الأمريكية المتمركزة مع القوات الكردية في أماكن أخرى سورية، تصدر هذه الكلمات مانشيتات ما لا يقل عن 16 صحيفة تركية في اليوم التالي. وتقول أنقرة إنه تم "تحييد" أكثر من 2000 مقاتل من وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين دون قتل أي مدني. ولم تشكك أي وسيلة إعلامية تركية في هذه الأرقام.
وأشارت المجلة إلى أن تركيا باتت أكبر دولة تسجن الصحفيين حول العالم، حيث يقبع أكثر من 100 صحفي خلف القضبان. ويبدو أن الرئيس التركي مصمم على المضي في طريقه. وفي السادس عشر من فبراير قضت محكمة تركية بالسجن مدى الحياة ضد 6 عاملين في المجال الإعلامي، بينهم كاتب بارز، عقب إدانتهم بالتورط في محاولة الانقلاب في عام 2016.
وفي اليوم ذاته، قررت تركيا الإفراج عن الصحفي الألماني دينيس يوسيل. وكان احتجازه سببا في توتر العلاقات بين برلين وأنقرة، بعد حبسه لأكثر من عام دون توجيه أي اتهامات له.
وذكرت المجلة أيضًا في تقريرها أن مناخ الخوف واستمرار فرض حالة الطوارئ في تركيا، بجانب زيادة التعصب نحو القومية بعد محاولة الانقلاب، جعل من المستحيل أن يكون هناك تغطية موضوعية للحرب التي بدأتها تركيا في عفرين.
ويقول إيرول أوندر أوجلو، الممثل التركي في منظمة مراسلون بلا حدود: "لا يمكن للصحفيين عمل تغطية نقدية دون مواجهة اتهامات بالخيانة".
كما لم يعد بالإنترنت مساحة آمنة. فخلال الشهر الماضي، تم احتجاز أكثر من 800 شخص بسبب انتقاد عملية عفرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما يقول الصحفي التركي البارز قدري جورسيل للمجلة: "كل الأنباء عن ضحايا مدنيين يتم التعامل معها على أنها مزيفة أو دعاية إرهابية." وأضاف "هناك تعتيم".
فيديو قد يعجبك: