لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فريد زكريا: مرحبًا بعالم ما بعد أمريكا!

07:49 م الأحد 06 أغسطس 2017

الكاتب فريد زكريا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - رنا أسامة:

تحدّث الكاتب البارز، فريد زكريا، عن تراجُع مكانة الولايات المتحدة كقوة عُظمى على الساحة الدولية، مقابل صعود قوى أخرى أكثر هيمنة، بفضل السياسة الفوضوية للرئيس دونالد ترامب، وتصريحاته المثيرة للجدل، وهو ما دفع بأمريكا نحو الهاوية بشكل أسرع مما كان مُتوقّع، في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

واستهلّ الكاتب الأمريكي مقاله، الذي حمل عنوان (مرحبًا بعالم ما بعد أمريكا)، المنشور قبل عدة أيام في صحيفة واشنطن بوست، بالإشارة إلى آراء أشخاص تُعبّر عن نظرة العالم، هذه الأيام، لأمريكا وسياسات رئيسها "الجنونية" التي لم يكن يُتوقّع أن تعبّر يومًا عن الولايات المتحدة.

كتب زكريا: "في لندن الأسبوع الماضي، التقيت نيجيريًا قال لي في لهجة ملأها الغضب المشوب بالسُخرية (بلدكم فقد صوابه، ولم أكن أعتقد أن أرى مثل هذا الجنون في أمريكا)".

مشاعر الحزن والاستياء ذاتها عبّرت عنها إحدى الأوروبيات التي تُقيم في نيويورك منذ تسع سنوات، وهي أيرلندية شابة التقاها الكاتب في "دبلن"، والتي أشار إلى تفضيلها الرجوع إلى بلادها؛ خوفًا من التهديدات التي قد تتعرض لها إذا استمرت في الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب وما يحدث فيها من تغييرات في القيم السائدة هناك.

"أدركتُ أنني، كأوروبية، أحمل قيمًا تختلف عن السائدة في أمريكا هذه الأيام"، بحسب قولها.

وبالرغم من أن مشاعر الاستياء والسخط من الهيمنة الأمريكية ليست بالجديدة، أوضح الكاتب أنها تختلف عن ذي قبل؛ فثمّة صدمة إزاء ما يجري بفضل ترامب الذي ساهم بسياسته -التي تنُمّ عن فوضويته وأنه لا يستحق أن يكون قائدًا لأكبر دولة في العالم- في تراجع مكانة أمريكا.

واستشهد في ذلك برأي الجمهوري كارل روف، عن ترامب بأنه "أهوج، متهوّر، أفقه محدود"، وتوصيف كينيث ستار، المُحقّق الخاص في عهد الرئيس الأسبق كلينتون، بأنه "الرئيس الأفظع والأكثر تضليلًا على مدى العقود الخمسة الأخيرة في تاريخ الولايات المتحدة".

وساق الكاتب دليلًا آخر على تراجع مكانة الولايات المتحدة عالميًا، وهو الاستطلاع الذي أجراه مركز "بيو" للأبحاث، مؤخرًا، والذي كشف تدهوّر الصورة الذهنية للولايات المتحدة بشدة على مستوى العالم في عهد ترامب، وعدم ثقة الأغلبية الساحقة من المواطنين في بعض الدول في قدرته على القيادة.

وبحسب الاستطلاع الذي شمل 37 دولة، تراجعت معدلات شعبية الولايات المتحدة في باقي أنحاء العالم إلى 49 في المئة مقارنة مع 64 في المئة في نهاية عهد سلفه باراك أوباما الذي ظل في البيت الأبيض لثماني سنوات.

كما أشارت النتائج إلى صعود بعض القادة الدوليين في إدارة الساحة العالمية مثل الرئيس الصيني شي جين بينج، والروسي فلاديمير بوتين، فكلاهما حصلوا على زيادة طفيفة في نسبة التأييد والدعم لدورهما العالمي، فيما حصلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضعف نسبة التأييد التي حصل عليها ترامب بما يشير -وفق منظور الكاتب- إلى نجاح الإدارة الألمانية في عهد ميركل في الصعود التدريجي واستعادة مكانتها الدولية كفاعل رئيس في السياسة العالمية مُنذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945.

ولفتت إلى أن القيادة الصينية استغلت التراجع الأمريكي لصالحها؛ فبفضل السياسة الخارجية الأمريكية الفوضوية لترامب، تمكّنت الصين من لعب دور الفاعل الرئيسي في مجال الاستثمار والتجارة الدولية، حيث مدّت نفوذها ووجودها إلى دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا ووسط آسيا، ووقّعت العديد من الاتفاقات معهم وأسست العديد من الشركات والاستثمارات هناك.

ونتيجة لذلك -وفقا لاستطلاع "بيو"- ترى سبعة من أصل عشر دول أوروبية الصين بمثابة القوة الاقتصادية الأولى التي تسيطر على العالم وليس الولايات المتحدة.

وعلى الصعيد الإقليمي، أبرز الكاتب تراجع أمريكا بين دول الجوار، ففي أمريكا الشمالية صرّح وزير الخارجية الكندي بأنه لم يعُد يرى أمريكا قادرة على القيام بدور القائد للنظام العالمي، مشددًا على ضرورة التراجع وترك الفاعلين الدوليين ــ مثل كندا ــ يتعاملون بأنفسهم في ظل نظام دولي قائم على حرية التجارة ودعم حقوق الإنسان.

ولا يختلف الوضع كثيرًا في أمريكا الجنوبية، إذ يحظى ترامب بتأييد وشعبية 5 بالمئة فقط من سكان المكسيك، وهى الأقل بين الدول التي شملهم استطلاع "بيو". كما ذكر الكاتب أن المكسيك تجنّبت وقيع أي اتفاقات للتعاون مع الحكومة الأمريكية في ظل إدارة ترامب.

جدير بالذكر أن كتابًا بعنوان "عالم ما بعد أمريكا"، أصدره الكاتب الأمريكي فريد زكريا في عام 2008، انتقد خلاله سلوك أمريكا وتوجهاتها، ونبّه إلى أن الأفق العالمي واعد بصعود قوى جديدة تتخذ لنفسها مكانًا ونفوذ على الساحة العالمية.

ودعا زكريا إلى ضرورة أن تفسح أمريكا المجال لكي يتنافس على هذه الحلبة العالمية أكثر من طرف، بحيث تتخلى واشنطن عن سياسة بوش في انفراد القطب الواحد الذي أضفى نزعة من الاستعلاء مستندة إلى غرور القوة على سلوك المسئولين الأمريكيين الأمر الذي أفقدهم حتى تعاطف حلفائهم الأوروبيين أنفسهم.

فيديو قد يعجبك: