ننشر نص حوار الرئيس السيسي لإذاعة راديو ألمانيا
برلين - (أ ش أ):
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن التصدي لخطر الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف يتطلب ضرورة المزيد من التعاون الدولي حتى يمكن القضاء على هذه الآفة.
وأضاف الرئيس السيسي ـفي مقابلة خاصة مع إذاعة "إيه أر دي" الألمانية الرئيسية، أذيع الأربعاء- قائلا: "أرجو آلا نحصر فهمنا عن الإرهاب في (داعش) فقط ولكن يجب أن نفكر بأن الإرهاب هو في الأساس فكر متطرف، وأقول ماذا تعتبر (بوكو حرام) وما الفرق بينها وبين (داعش)؟.. وما الفرق بين أنصار بيت المقدس) في مصر وبين (داعش)؟، فكل هذه الجماعات صاحبة الفكر المتطرف هي جماعات متشابهة لا تقل في خطورتها عن خطورة داعش".
وأكد الرئيس السيسي على ضرورة التصدي للمفاهيم المغلوطة في الدين ويجب أن يتم استبعادها وإلقاء الضوء على أنها أفكار مغلوطة لا يمكن التعامل بها أو الاعتقاد فيها.
وحول الإجراءات التي يجب أن تتخذها ألمانيا في مواجهة الإرهاب، وهل تتوقعون من ألمانيا بذل جهود عسكرية أكثر في هذا الخصوص، قال الرئيس السيسي إن القضية ليست مواجهة عسكرية فقط حتى نقول إن ألمانيا مطلوب منها القيام بجهد عسكري، ولكننا نتحدث أن ألمانيا يمكن أن تقوم بضغوط على الدول التي تدعم الإرهاب والجماعات المتطرفة.
وتابع الرئيس السيسي قائلا: "إن هذه الضغوط يمكنها في حد ذاتها إيقاف التمويل.. فهذه الجماعات لا يمكن أن تنفق على نفسها ونتساءل من أين يتم تمويل هذه الجماعات.. فلننظر إلى الجماعات الموجودة في العالم وكم عددها فهي تسلح بسلاح غير شرعي فمن أين تحصل على هذه المعدات والتدريبات لعناصرها"، مشددا على ضرورة وجود رسالة قوية وواضحة لكل الدول التي تمول هذه الجماعات وتكون هناك آليات وإرادة دولية من أجل وقف تمويل الإرهاب والجماعات المتطرفة والفكر المتطرف.
وبشأن وجود مصر في تحالف يفرض عقوبات على قطر، وهل عزلها يمكن أن يقود إلى حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، قال السيسي: "أنا في الغالب لا أذكر أسماء دول في حديثي ولكن الدول على علم من خلال أجهزتها من هي الدول والمنظمات التي تقوم بتمويل الفكر المتطرف والجماعات الإرهابية ويجب أن يقف المجتمع الدولي ويعلي مصلحته العليا من خلال وضع آليات واضحة لكبح هذه الدول ومنع وصول الأموال إلى الجماعات المتطرفة".
وأضاف السيسي أنه لابد من اتخاذ إجراء واضح مع الدول الداعمة للإرهاب ويكون بدعم أوروبي ودعم عالمي إذا كنا حريصون على مواجهته، وقد عانت ألمانيا نفسها من هذا الإرهاب الذي بدأ يضرب بعض دول أوروبا أيضا، مشددا على أنه ما لم يتم مواجهة هذا الإرهاب وهذه المنظمات الإرهابية بمنتهى القوة والحزم فسوف يزيد الإرهاب وينمو خلال السنوات المقبلة".
وردًا على سؤال حول ما يتردد في ألمانيا بصور متكررة بأنه قد يكون هناك خطر اندلاع حرب في المنطقة على خلفية الأزمة الحالية، قال الرئيس السيسي: "لا أتوقع اندلاع حرب".
وعلى صعيد أخر تطرق الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الشق الاقتصادي، وقال إن هناك فرصا كبيرة لألمانيا ومستثمريها في مصر، مؤكدا أن في مصر بيئة تشريعية وقوانين تحمي المستثمرين وتحافظ على حقوقهم.
وقال الرئيس السيسي ـفي مقابلة خاصة مع إذاعة "إيه أر دي" الألمانية الرئيسيةـ إن ألمانيا ومستثمريها لديهم فرصة كبيرة في محور قناة السويس لأسباب كثيرة أهمها أن قناة السويس ممر رئيسي للتجارة العالمية حيث أن حوالي 20% من تجارة العالم تمر من هذه القناة، كما أن هذه المنطقة تضم 6 موانىء ومنطقتين صناعيتين ولها قانون استثمار خاص بها.
وأضاف الرئيس السيسي أن البنية الأساسية لمنطقة محور قناة السويس تم تطويرها خلال السنوات الثلاثة الماضية بشكل يمكنه أن يلبي مطالب المستثمرين، بالإضافة إلى أن هناك بيئة تشريعية وإطار قانوني يحافظ على حقوق المستثمرين، علاوة على ذلك فإن مصر تعد سوقا كبيرا يضم نحو 100 مليون شخص ويتعامل مع أسواق إفريقيا والمنطقة العربية ما يقرب من حوالي 1,6 مليار نسمة فضلا عن اتفاقيات التجارة الحرة مع المنطقتين الإفريقية والعربية.. مشيرا إلى أن العمالة المصرية تتسم بالكثير من القدرات وتكلفتها المالية لا تقارن بأي تكلفة أخرى.
وبشأن الهجرة غير الشرعية لأوروبا، قال الرئيس السيسي: أنا أتحدث للشعب الألماني من خلالكم؛ الناس ترغب في الهجرة من بلادهم من أجل الأفضل وهو موجود لديكم ممثلا في توافر فرص عمل وحياة أفضل.
وأضاف الرئيس السيسي قائلا: "لو استطعنا مجابهة الهجرة غير الشرعية من خلال استراتيجية شاملة لتوفير فرص عمل كثيرة وتحقيق التنمية في هذه البلدان، بما فيها مصر وكل الدول الإفريقية، فسوف نعطي أملًا لشباب إفريقيا الذي يمثل أكثر من 50% من سكان القارة" موضحا أن التنمية والتعليم وتوفير فرص العمل هي السبيل لمجابهة الهجرة غير الشرعية بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية المطلوبة على امتداد الحدود وسواحل البحر المتوسط؛ وأكد الرئيس السيسي أن ألمانيا والدول الأوروبية تستطيع أن تقدم الكثير لكي تعطي أملا لإفريقيا يجعل شبابها لا يفكر في مغادرة بلاده.
وردا على سؤال بشأن وجود بعض المخاوف جراء تحمل المواطنين أعباء تبعات إجراءات الإصلاح الاقتصادي، قال الرئيس السيسي "إنني أوجه تحية وتقدير للشعب المصري لأنه يرغب في تغيير الواقع الذي يعيش فيه ويأمل في مستقبل أفضل ولذلك فهو متقبل التكلفة المؤلمة للإصلاح الاقتصادي، لأن
الشعب واثق في أننا جادون في خطوات الإصلاح الاقتصادي التي سيكون الوضع في نهايتها أفضل ليس لهم فقط ولكن للأجيال القادمة".
وأضاف الرئيس السيسي قائلا: "ولكن يجب أن نكون منصفين فحين نتخذ إجراءات للإصلاح الاقتصادي نتخذ معها إجراءات أخرى لحماية المجتمع حتى لا يتحمل ضغوطا هائلة، وقمنا بهذه الإجراءات خلال العامين الماضيين وهناك حزمة أخرى من الإجراءات التي تهدف لتقليل العبء على الطبقات محدودة الدخل في مصر، نحن لا يمكننا أن نطالب الشعب المصري بالتحمل إلى ما لا نهاية لكننا نقول إنه تحمل ونشكره وهو مدرك لتكلفة الإصلاح الضروري ولكننا كدولة علينا مسؤولية أن نخفف عنهم ما أمكن ذلك".
وفيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، أجاب الرئيس السيسي: "نحن لدينا التزام تجاه شعبنا، ونحن نحترمه ونحبه ونخاف على حقوقه ونحافظ عليها، وأنا أحاول أن أقوم بعمل توازن حقيقي بين الحفاظ على حقوق الإنسان وبين الحفاظ على الدولة كلها".
وأضاف: "نحن شعب يصل إلى 93 مليون نسمة، ولو دخلت الدولة في الفوضى، سيصبح هذا الشعب عبارة عن لاجئين ومشردين، ويصعب على أحد أن يساعدهم، وكما نرى في الأعوام الثلاثة الماضية عدد اللاجئين الكبير الذين تحركوا من سوريا إلى معسكرات اللاجئين في العديد من البلدان ومنها ألمانيا، وأحب أن أشكر القيادة الألمانية على الإجراءات الشجاعة والكريمة والنبيلة تجاه اللاجئين".
وتابع الرئيس السيسي قائلاً: "أنا أريد أن أحافظ على بلدي، ولا بد أن أحافظ على شعبنا.. شعب مصر، وهذا لا يعني أن أتجاوز في حقوق الإنسان، توجد دولة قانون في مصر ومن يتابع أوضاعنا سيجد أن القضاء هو الذي يحكم، ولا أحد يستطيع أن يتدخل في أحكام القضاء في مصر".
وردًا على سؤال حول دور الشرطة المصرية، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: "أي تجاوز يتم التعامل معه في إطار القانون؛ لأن حق الموطن والحفاظ على كرامته أمر ضروري نحن حريصون عليه جدًا"؛ موضحًا أن مصر تعرضت في الثلاث سنوات الماضية لعدد من الحوادث الإرهابية، مضيفًا أن قوات الأمن تقوم بالحماية وبكافة الإجراءات، ويقع عليها عبء كبير ماديًا ومعنويًا، قوات الأمن تتحمل ضغوطًا كبيرة منذ ثلاث سنوات حتى لا يقع عمل إرهابي ضد أي شخص مصري أو منشأة مصرية، وأؤكد مرة أخرى أن أي تجاوز يتم التعامل معه وفقًا للقانون ولا أحد في مصر فوق القانون، ابتداءً من رئيس الجمهورية وأي شخص في مصر يخضع ويساءل بالقانون".
وحول ما إذا كان لألمانيا دورًا في المساعدة في تطوير الجهاز الشرطي في مصر، قال الرئيس: "ألمانيا تستطيع أن تساهم كثيرًا بخبراتها وبقدرتها في دعم قدرات قوات الشرطة بالشكل الذي يجعلها تؤدي مهمتها بشكل احترافي".
وعن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، للوضع مع أثيوبيا وخاصة بشأن "سد النهضة" الذي يمثل مشكلة كبيرة لدى مصر، قال الرئيس: "أخذنا مسارًا يتسم بالموضوعية وإعلاء المصلحة في هذه المسألة، وكان نقاشنا مع أشقائنا الأثيوبيين منذ أن توليت المسؤولية، وكنت حريصًا على أن نتفهم أهمية التنمية للشعب الأثيوبي، وعلى الجانب الآخر عليكم أن تعرفوا أنه ليس لدينا مصدر للمياه سوى نهر النيل، وتم بناء حضارة مصر كلها على هذا النيل، وبالتالي فإن المياه بالنسبة لنا أكثر من حياة وبدونها لا حياة في مصر، والجانب الأثيوبي تفهم ذلك، واتفقنا على أن يكون هناك تفهما من جانبنا لبناء السد، مقابل أن هذا السد لا يؤثر على مصر وحصتها المائية ولا يؤثر ملء الخزان بضرر على احتياجتنا في مصر، وألا يستخدم السد لأغراض سياسية وتم بالفعل الاتفاق على ذلك".
وحول تساؤل الرأي العام الألماني عن مدى توظيف المساعدات التنموية والمادية المقدمة لدول القارة الإفريقية في عمليات تنمية حقيقية لصالح مواطني هذه الدول، أجاب الرئيس السيسي قائلاً :"أريد أن أقول إن الرأي العام الألماني، أو الرأي العام الأوروبي بشكل عام ينظر إلى الأمور بمعايير أوروبية، وهذا أمر طبيعي ومفهوم، لكن يجب أن نعرف الفرق الكبير بين أوروبا وألمانيامن جانب وبين الدول الأفريقية من جانب آخر"، موضحًا: "نحن لسنا بالتنظيم ولا بالتقدم ولا بالتخطيط الموجود في أوروبا، لذلك إذا حاسبتم الدول الأفريقية على نفس مستوى تقدمكم، تكونوا ظلمتمونا"، مشيرًا إلى أن إفريقيا قارة كبيرة وتحتاج إلى أرقام هائلة من المليارات على ضوء افتقادها في كثير من الأحيان لشبكات البنية التحتية من طرق وسكك حديدية وغيرها.
واختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي حديثه موجهًا الشكر للشعب الألماني، قائلاً "أشكر الشعب الألماني الذي أحترمه وأقدره وأحبه، وأتمنى أن نكون في مصر بنفس المسؤولية والجدية والعمل الذي تتمتعوا به في ألمانيا، كل التقدير.. كل المحبة لكل من استمع إلي".
فيديو قد يعجبك: