في الجارديان: محاولة أمريكا لتتغير النظام السوري "خاطئة تمامًا"
كتبت- رنا أسامة:
قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن الضربة الجوية الأمريكية على قاعدة الشُعيرات السورية، التي جاءت ردًا على الهجوم بالكيماوي على بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب، دفعت رواد الشبكات الاجتماعية للاعتقاد بأنها محاولة من أمريكا لتغيير النظام السوري.
غير أنه ما من أحد يعلم- حتى اللحظة- ما الذي يفكر فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حقًا، ولا حتى كبير دبلوماسييه أو مبعوثه الأممي، اللذين بعثا رسائل متضاربة. ولكن يُمكننا القول إن هذا الاعتقاد "خاطئ تمامًا"، حسبما أوردت الصحيفة.
ولفتت الصحيفة في مقال نشرته قبل أيام، إلى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما واجه انتقادات حادة لعدم تدخّله بالشكل الكافي في سوريا، وإن كان اتخذ قرارًا صعبًا أثبت أنه الأصحّ في النهاية. بيد أن الصراع الدائر هناك الآن يُحتّم بما لا يدع مجالًا للتفكير تبنيّ سياسة "افعل شيئًا".
وقالت الجارديان إن هذه السياسة لا تُمثّل استراتيجية قائمة بذاتها، ولا تُعد مؤشرًا على تغيير الاستراتيجية الأمريكية في سوريا، لافتة إلى أن "تغيير النظام" سيكون أسوأ ما تنطوي عليه سياسة "افعل شيئًا".
وبالنظر إلى مُعطيات المشهد الحالي، الممثّلة في تحويل أكبر المدن السورية مثل حمص وحلب إلى رُكام، وإلحاق الضرر بجميع مواقع التراث العالمي الستة المسجلة لدى اليونسكو، فضلًا على سقوط أكثر من 300 ألف مدني سوري في الحرب الأهلية، وتشريد 5.1 مليون شخص مع وجود 4.8 مليون آخرين يبحثون عن ملجأ بالخارج، ويستخدم الأسد أسلحة عشوائية مثل البراميل المتفجرة وغاز الكلور بشكل منتظم ضد مواطنيه، يبدو التفكير في ضرورة الإطاحة بالأسد أمرا منطقيا.
وتشير الصحيفة إلى أن أولئك الذين يرون في إسقاط نظام بشار الأسد إجراء حتمي وضروري، يسود لديهم اعتقاد قوي بأن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على فِعل ذلك.
وفي هذا الصدد، تذكر الجارديان أن الولايات المتحدة أجرت 72 محاولة، خلال الحرب الباردة، لتغيير أنظمة بدت "غير مرغوبة" بالنسبة لواشنطن، إلا أن معظمها باء بالفشل، لأن محاولات التغيير حدثت من "أعلى لأسفل"، أي من جانب أطراف خارجية دون أن تنبع الرغبة في تغييرها- كما النظام السوري- من الداخل.
"تغيير الأنظمة ممكن وقد تحقّق بالفعل على أرض الواقع في أنظمة عدة، إذ أفسحت السلطوية المجال أمام الحركات الديمقراطية في أوروبا الشرقية وآسيا وأمريكا اللاتينية على مدى السنوات الثلاثين الماضية، على أنه يجب أن يتخلّله تغييرًا تدريجيًا في المناخ السياسي والثقافي للدولة أن يُتوّج بتغيير النظام ككل في نهاية الأمر."
وأضافت الصحيفة أن "في بعض الأحيان، تنجح محاولات تغيير الأنظمة وتترسّخ تلك التغييرات، كما حدث في دول مثل البرازيل والأرجنتين وبولندا والمانيا الشرقية. وفي أحيان أخرى تتأرجح الدول ما بين السلطوية والديمقراطية كما باكستان، دون أن تنجح في تحقيق انتقال دائم للسلطة."
ويثير التدخّل لتغيير أي نظام استياء وعداء الحكومة الجديدة التي تأتي خلفًا لحكومة النظام "غير المرغوب فيه". ومن المثير للاهتمام- بحسب الصحيفة- أن منطقة الشرق الأوسط أثبتت مقاومة خاصة لتغيير النظام الدائم وإرساء الديمقراطية، ما يجعل نجاح أي تدخل بقيادة الولايات المتحدة "مشكوكًا فيه".
وسيزداد الوضع صعوبة بالنسبة لأمريكا إذا تحرّكت أطراف خارجية- كما روسيا وإيران- لتغيير النظام السوري، وهو ما اختبرته الولايات المتحدة في حربها غير المدروسة في فيتنام، وفقا للجارديان.
وخلال الحرب التي قادها السوفيت في أفغانستان، لعبت الولايات المتحدة دورًا كبيرًا لإفساد الجهود السوفيتية، من خلال إمداد المجاهدين المناهضين للسوفيت بالمال والأسلحة، ما جرّ الاتحاد السوفيتي إلى حرب دموية طويلة.
وختامًا، أكّدت الصحيفة على أن إنفاذ العدالة يأتي من الداخل، وما من سبيل لتحقيق سلام دائم، ورأت أن أفضل ما يمكن للحكومات الغربية عمله لمن يعانون من ويلات الصراع والحروب كما الشعب السوري هو تقديم يد العون، مع الضغط على تلك البلدان التي لا تزال تزود المقاتلين بالأموال والعتاد. "إنه وضع مأساوي بكل تأكيد، ولكنه الواقع الذي تعيشه سوريا اليوم."
فيديو قد يعجبك: