قصة طفلة صومالية تحصل على فرصة استثنائية لدخول أمريكا
كتبت- رنا أسامة:
انتصفت الساعة، فإذا بـالصومالية "سميرة ضاهر" تتلقّى مكالمة تُحيطها علما بأن ابنتها ذات الأربعة أعوام، التي كان مُقرّرًا لها أن تغادر مخيم اللاجئين الأوغندي للتوجّه إلى الولايات المتحدة، لم يعد بمقدورها الذهاب لأي مكان، بسبب القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والخاص بتعليق هجرة اللاجئين في سبع دول ذات أغلبية إسلامية، من بينها الصومال.
لطالما انتظرت ضاهر، اللاجئة الصومالية المقيمة في مينيابوليس، اليوم الذي تلتقي فيه بطفلتها "موشكاد"، منذ غادرت وأختيها اللتين يكبرونها سنًا المخيم في 2013. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فقد حصلت اللاجئة الصومالية على قرار، ديسمبر الماضي، يقضي بانتقال الطفلة إلى الولايات المتحدة.
منذ ذلك الوقت، قضت ضاهر وابنتيها الأخرتان، مهيب (8 أعوام)، وممتاز (7 أعوام)، شهرًا في الاستعداد لقدوم موشكاد، وقُمن بشراء سرير وملابس والعاب لها، فقد كان مُقررًا قدوم الطفلة لمينيابوليس يوم الثلاثاء الماضي.
أما موشكاد، فقد أخذت تتهيّأ استعدادًا لملاقاة والدتها وأختيها، فقامت بعمل جدائل في شعرها ورسمت الحنّة على يديها، وارتدت فستانًا أبيضًا أرسلته لها والدتها من مينيابوليس، وتوجّهت ومُرافقتها إلى مطار كمبالا، وهناك تم إخبارهم بأن قرار ترامب يمكن أن يعيق الطفلة من الدخول إلى الولايات المتحدة.
وقع ذلك القرار على "ضاهر" كما الصاعقة، وسُرعان ما بدأت البحث عن سبيل يُمكّنها من الإتيان بطفلتها للولايات المتحدة، ولم تكُف عن طلب المساعدة من مكاتب المحامين وجماعات الخدمة الاجتماعية في مينيابوليس، مرورًا بالاستغاثة بالسيناتور الأمريكي ووزارة الأمن الداخلي، وانتهاءً بالحديث إلى إدارة مطار مينابوليس-سنت بول الدولي، حيث شهد لمّ شمل موشكاد بعائلتها أخيرًا ليلة الخميس.
"أريد أن أبقى معكِ إلى الأبد"، بهذه العبارة نطقت موشكاد فور لقائها بوالدتها.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مدير مركز الأمريكان الجدد بكلية الحقوق في جامعة مينيسوتا، بنيامين كاسبر سانشيز: "استغرق الأمر مئات الساعات من جانب العديد من الأشخاص، بُغية استعادة الطفلة مرة أخرى سواء بالتقاضي أو بأي وسيلة أخرى".
ويرى "كاسبر" أن قرار ترامب القاضي بحظر دخول المهاجرين واللاجئين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة غير قانوني وغير دستوري.
وأضاف أن النهاية السعيدة التي نالتها قصة موشكاد تُعد "استثناءً"، فهناك آلاف آخرون لا ينعمون بفرص الدخول كما الطفلة الصومالية، وهناك العديد من الحالات التي تعاني الكثير من المرارة والقهر، بحسب كاسبر.
ووفقًا للخدمات الأمريكية المعنيّة بشؤون المواطنة والهجرة، فينبغي أن يُدرج الطفل في الاستمارة الخاصة باللاجئين أو طلب حق اللجوء، أو يولد قبل منح والديه حق اللجوء.
بعد قضية موشكاد، أخذ المحامون يعملون على صياغة مشروع قانون، واستشهد المُدّعي العام لولاية مينيسوتا لوري سوانسون، بقضية الطفلة الصومالية في قضية كانت مرفوعة ضد إدارة ترامب، وتزعم بأن قرارها التنفيذي- الذي يُدرج الصومال في قائمة الدول المحظورة- غير دستوري.
وقال السيناتور الأمريكي، آمي كلوبوشار : " لا أظن أن إدارة ترامب توقّعت يومًا أن هذا القرار التنفيذي الذي اتخذته- بجرّة قلم- يمكن أن يضع كل هذه العائلات في خطر."
يوم الأربعاء الماضي، تلقّت "ضاهر" مكالمة أخرى في منتصف الليل، جاء نصها: موشكاد ستشق طريقها إلى مينيابوليس قريبًا.
انتقلت الطفلة ذات الأربعة أعوام في رحلة جوية من كمبالا إلى أبوظبي، حيث استغرقت في أماكن الوقوف هناك سبع ساعات، وخشي المحامون من أن يتم منعها من الانتقال إلى طائرها التالية، فيما لم يحدث هذا الأمر، إذ حصلت على ما يُطلق عليه "التنازل عن المصلحة الوطنية"، لتذهب على إثره للولايات المتحدة. وقام أحد الضباط بإزالة شارة علم أمريكا من على بذلته ووضعها على فستانها.
ثم ذهبت ذات الأربعة أعوام في رحلة استغرقت 15 ساعة إلى مطار أوهير الدولي في شيكاغو، حيث كان محامو الهجرة على أهبة الاستعداد تحسّبًا لوقوع أي حدث يمكن أن يعيق وصول الطفلة إلى الأراضي الأمريكية في اللحظات الأخيرة.
وأخيرًا، هبطت الطائرة التي تحمل على متنها "موشكاد" في مطار سانت بول بولاية مينيسوتا.
في المطار، وقفت ضاهر وابنتاها، يكتنفهن توق وحنين، دفعهن للجري بين ثنايا أفراد الأمن لحَضن الطفلة، بينما يرتدين معاطف وأوشحة وردية اللون.
تروي ضاهر للصحيفة الأمريكية: "قبل أن أنطق بأي شيء، بدأت تقول ماما، ماما، ماما".
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد تجنّبت "ضافر" الحديث طويلا بشأن قرار ترامب الخاص بتعليق اللاجئين، غير أنها ناشدته باستيعاب فكرة أن "اللاجئين مُهددون في كل مكان، وما يدفعهم للفرار من بلادهم هو عدم تمتّعهم بالأمان وحرمان أطفالهم من حق التعليم".
وتوضح ضاهر: "كل لاجئ أبًا كان أو أمًا، يرغب في حصول أبنائه على التعليم والتمتّع بحياة كريمة أفضل منه."
فيديو قد يعجبك: