نيويورك تايمز: الحوثيون يدفعون السعودية للعمل مع "الإخوان" في اليمن
كتب – محمد الصباغ:
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم السبت، إن سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء يفتح الباب أمام مرحلة سوداء جديدة من الحرب في اليمن، مشيرة إلى أن السعودية والإمارات اجتمعا بقيادات حزب الإصلاح اليمني المحسوب على انتمائه للإخوان المسلمين المُصنفة إرهابياً من أجل العمل معهم لمواجهة الحوثيين.
وأشارت الصحيفة، في تقرير لها السبت، إلى أن الحوثيين المدعومين من إيران شددوا من قبضتهم على العاصمة وسكانها في الأسابيع الأخيرة، فقطعوا الإنترنت وحجبوا مواقع التواصل الاجتماعي وأرسلوا بمُسلحين لاقتحام منازل أي شخص يشتبهون في معارضته لهم.
واحتجز مئات الأشخاص وارتفعت أسعار البضائع الأساسية مثل البنزين والوقود بشكل جنوني، ما فاقم الأزمات الإنسانية التي تضرب البلاد بالفعل.
ويُعد هذا فصلاً جديداً في الحرب اليمنية وحاجز جديد يُعيق الجهود الدولية لإنهاء الصراع. كما يبرز أيضًا فشل الطرف الآخر للصراع والذي يشمل قوات يمنية أخرى بجانب دول عربية مثل السعودية، ما حوّل العزلة السياسية للحوثيين إلى ميزة على أرض المعركة، وفقاً للصحيفة.
وبدأ هذا الشهر بحدث ربما يحوّل دفة الحرب: فقد قتل الحوثيون علي عبدالله صالح، الرئيس السابق لليمن والذي كان حليفاً هاماً لهم في الحرب.
وحكم صالح اليمن لثلاثة عقود قبل أن يتم الإطاحة به في عام 2012 بعد انتفاضة الربيع العربي، على حد وصف نيويورك تايمز. ومنح صالح الحوثيين حلفاءه بصيرة سياسية بجانب قوات مدربة ومسلحة جيداً.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن تحالف الحوثيين مع حزب صالح "المؤتمر الشعبي العام"، أعطاهم قاعدة سياسية أوسع مما امتلكوا في أي وقت سابق.
لكن في نهاية المطاف؛ هاجم صالح الحوثيين وعبّر عن رغبته في فتح صفحة جديدة مع السعودية لإنهاء الحرب. وفي الرابع من ديسمبر الجاري، قتل الحوثيون صالح.
وطالما عملت السعودية وأعداء الحوثيين الآخرين، على فصل صالح عن هؤلاء المتمردين، مؤمنين بأن القوات الحوثية سوف يكون القضاء عليها سريعاً إذا تحوّل الموالين لصالح إلى أعداء لهم. لكنهم لم يكونوا مستعدين تماماً مع حدوث ذلك، وقام الحوثيون بكل ما في إمكانهم كي يصبح كل الموالين لصالح غير قادرين على تمثيل أي تهديد.
وقادهم ذلك إلى التضييق على صنعاء، والمناطق الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث ألقى مقاتلوهم القبض على مئات من الموالين لصالح واحتجزوهم، بحسب ما نقله عادل الشجاع القيادي بحزب المؤتمر، المتواجد في القاهرة.
وأضاف القيادي بحزب صالح لـ "نيويورك تايمز"، أن 45 من بين 50 قيادياً بالمؤتمر متواجدين في صنعاء، وحوالي 15 منهم قيد الإقامة الجبرية. وأكد أن البقية مختبئين، يبحثون عن طرق للهروب بأنفسهم وعائلاتهم من المدينة.
وقال الشجاع عن زوجته وأطفاله الذين يعيشون إلى الآن في صنعاء: "يعيشون في خوف. يقضون كل دقيقة يتساءلون عما إذا كان سيُقبض عليهم أم لا".
ويرى زعماء في حزب المؤتمر أن مقتل صالح لم يوحدهم ضد الحوثيين، بل على العكس، مزق رحيل صالح الحزب.
وبحسب نيويورك تايمز، لم يكن حزب المؤتمر الشعبي العام موحداً بفكرة مشتركة بقدر ما كانوا متحدين تحت قيادة صالح وقدرته على توزيع الأدوار. وبمجرد رحيله، هناك القليل الذي يوحد هذه المجموعة.
ويقول عاصم الشميري، الصحفي اليمني المقرب من الحزب، في حديث لـ "نيويورك تايمز" من صنعاء: "هناك اكتئاب عميق يسيطر على أغلب الأشخاص بعد رحيل صالح، بعدما رأوا أن خطوته الأخيرة كانت حلاً للخروج من الأزمة".
وتابع: "تشهد العاصمة أسوأ أيامها الإنسانية، والنفسية والعسكرية والسياسية، والقلق يسيطر على الجميع".
وفي الجانب الآخر، يرى كثيرون من الحوثيين أنهم دمروا حزب صالح.
فيقول القائد العسكري لدى الحوثيين، أحمد عبد الوالي دهب، للصحيفة الأمريكية: "الحزب مات. من هم قيد الإقامة الجبرية لا يمكنهم التواصل مع أحد، ولا الذهاب إلى أي مكان. والبقية هاربون".
وتقول نيويورك تايمز إنه لإنهاء أي مؤامرة من أعدائهم، قطع الحوثيون الإنترنت والاتصالات في العاصمة صنعاء لأيام وحظروا مواقع مثل فيسبوك
ويقول القائد الحوثي: "الأمر ليس صعباً. لدينا شركات اتصالات في صنعاء مليئة بأشخاص تعلموا في الخارج. علينا إيقاف الأعداء من التواصل مع بعضهم البعض".
وفي هذا الصدد، يتوقع خبراء أن العزلة التي يفرضها الحوثيون ستنقلب عليهم، إما بسبب أن المعارضة ضدهم ستصبح أقوى ولن يستطيعوا مواجهتها، أو لأن أموالهم ستنفذ ما يجعلهم غير قادرين على تقديم الخدمات في المناطق التي يمثلون فيها دور الحكومة.
والمناطق التي يسيطرون عليها بالفعل تعاني من انقطاع الكهرباء وشهدت أسوأ انتشار لمرض الكوليرا، كما أن كثير من الموظفين لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من عام، وهو الأمر الذي نقل عائلات كُثُر من حيز الطبقة الوسطى إلى خط الفقر. وبحسب تقرير نيويورك تايمز، فكر التحالف بقيادة سعودية في طرق لزيادة الضغط على الحوثيين. هذا الشهر، التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحاكم أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، مع قادة من حزب الإصلاح الذي طالما اعتبر جناح جماعة لإخوان المسلمين في اليمن، والتي تصنفها السعودية والإمارات جماعة إرهابية.
وقال مسئولون إماراتيون، بحسب نيويورك تايمز، إن الحزب قطع علاقته بالقيادة الدولية لجماعة الإخوان المسلمين.
وصرح الأمين العام لحزب الإصلاح، عبد الوهاب الآنسي، للصحيفة الأمريكية عبر الهاتف من العاصمة السعودية الرياض، إن الاجتماع كان "نقطة تحول". وأضاف أن الحزب يحاول التواصل مع الباقين من حزب صالح من أجل العمل معهم ضد الحوثيين.
وذكرت الصحيفة أنه إلى الآن لم يوفقه الحظ.
وقال الآنسي أيضًا: "سنحتاج مزيد من الوقت حتى نحصل على صورة واضحة لما يحدث بالفعل في صنعاء".
فيديو قد يعجبك: