الاندبندنت تكشف "استغلال جنسي" للاجئين واللاجئات في مخيم الغابة الفرنسي
كتبت – رنا أسامة:
يواجه المُتطوّعون في مُخيّم "كاليه" الفرنسيّ، المعروف باسم "الغابة"، تُهمًا بالاستغلال الجنسي للاجئين والأطفال المُهاجرين، وَفقًا لما كشفته صحيفة الإندبندنت البريطانيّة.
كشفت الصحيفة البريطانية عن وقوع عمليات استغلال جنسي للاجئين بأحد المُخيّمات الواقعة شمال فرنسا، من قِبل بعض المُتطوّعين، في الوقت الذي يعتقد البعض أن إقامة علاقات جنسيّة مع اللاجئين البالغين أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، فيما يعتبر آخرون أن هذا الأمر يُخالف جميع قوانين السلوك المُعتادة.
بدورها، دعت مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الجمعيات الخيريّة في كاليه إلى فرض سياسات "عدم التسامُح" على أي واقعة استغلال، للمُساعدة في الحفاظ على "نزاهة" العمل التطوّعي.
وأكّد رؤساء الجمعيات الخيرية بالمِنطقة على وجود مُشكلة خطيرة، مُعربين عن تخوّفهم من سلوك همجي عدائي متوحّش من قِبل المُتطوّعين والمُتطوّعات، رُبما يكون من الصعب السيطرة عليه نظرًا لعدم التزام غابة كالييه بالمعايير الإنسانيّة العالمية، ما يعني غياب مُنظمّات إغاثة رسميّة تحكم عملية اختيار الأفراد الذين يدخلون للتطوّع.
"في نهاية الأمر، لا يُعترف بأنه مُخيّم رسمي للاجئين، إنه استيطانيّة غير قانونيّة، لذا لا نملك صلاحيّة إجبار أي شخص على المُغادرة، وهُنا تكمُن الصعوبة"، هكذا قالت كلير موزلي- مؤسّس جمعيّة Care4Calais- واحدة من أكبر الجمعيّات الخيريّة العامِلة في كالييه- التي تتبنّى سياسة عدم التسامح في تعامُلها مع اللاجئين.
خرجت تلك القضيّة إلى النور بعد نقاش مرير وسِجال طويل على شبكة الإنترنت بين المُتطوّعين، تم مسحه بعد عدة ساعات من نشره؛ خوفًا من أن تتحوّل تلك النِقاشات إلى فضيحة إذا وصلت إلى الصحفيين، غيرَ أن صحيفة الإندبندنت البريطانيّة نجحت في حفظ نُسخة قبل مسحها.
بدأت النقاش مع مُتطوّع على مجموعة على فيسبوك، تضم أكثر من 36 ألف عضوًا من العاملين بالمُخيّم، تُدعىCalais People to People Solidarity، قرّرت الصحيفة عدم الإفصاح عن اسم ذاك المُتطوّع.
كتب المُتطوّع: "سمعت عن أولاد، يُعتقد أنهم تحت سن الرُشد، يُمارسون الجنس مع المُتطوّعين، كما سمعت قصصًا عن رجال يستخدمون العاهِرات في الغابة أيضًا".
وتابع: "سمعت عن مُتطوّعين يُمارسون الجنس مع عدة أفراد في يوم واحد، فقط ليتمكّنوا من السير على ذات المِنوال في اليوم الذي يليه، وأعلم أن كل ما أسمعه لا يُمثّل سِوى جزء صغير من الحقيقة الكاملة."
وذهب المُتطوّع إلى القول إن هذه العلاقات الجنسيّة تُلحِق ضررًا بالِغًا للاجئين، ممن هُم في وضع غير مُتكافئ تمامًا مع أولئك ممن هُم في مركز قوة، ويعتمدون بشكل كُلي على المُساعدات التي يمنحها لهم المُتطوّعون، ما يُمكن أن يوصف بأنه "اعتداء أو استغلال جنسي".
واستشهد بأحد بنود مُدوّنة السلوك الخاصة بمفوضيّة اللاجئين، الذي أدانت خلاله بشدّة العلاقات الجنسيّة بين الموظّفين المأجورين والمُنتفعين، لأنها "علاقة غير مُتكافئة القوة".
وأضاف الرجل أن الغالبية العُظمى من الحالات الموضوعة في دائرة الاتهام، تتمحور حول مُتطوّعات إناث ولاجئين ذكور، الأمر الذي من شأنه تشويه صورة النساء المُتطوّعات في المُخيّم.
وكتب: "المُتطوّعات اللائي يُمارسن الجنس، يفرضن وجهة النظر- التي يتبنّاها كثيرون- وتذهب بأن الوظيفة الأساسيّة للمتطوّعين هُنا هي الجنس، ما يُزيد من تشويه صورة النساء في المُخيّم."
في تصريح خاص لـ "الإندبندنت"، قالت السيّدة موزلي إن أحد المُتطوّعين قام بالإبلاغ مؤخرًا عن سلوك غير لائق تم مُمارسته مع إحدى اللاجئات، إلا أن رؤساء الجمعيات الخيريّة لم يكن لديهم صلاحية طرده من المُخيّم.
وأضافت: "عِمِل هذا الشخص في البداية مع جمعية خيرية أخرى تُدعى Auberge des Migrants، ولكن تم توجيه شكاوى ضده تتصل بمُمارسات غير لائقة مع اللاجئات، فأمروه بالمُغادرة."
وتابعت: "ثم جاء بعد ذلك إلى هُنا لمدة يوم، حتى قاموا بمُحادثتنا هاتفيًا وتحذيرنا، فقُمنا بطرده، إلا أنه ذهب إلى مُخيّم مُستقل خاص به، فلم نتمكّن حينها من إجباره على المُغادرة"، مُشيرة إلى أن خُمس المُتطوّعين مُستقلون عن أي جمعية أو مُنظّمة.
ردًا على تقارير الاستغلال الجنسي في "كاليه" الفرنسيّة، أوصت مفوضيّة شؤون اللاجئين بضرورة معالجتها على وجه السرعة.
وصرّح متحدث باسم المفوضيّة للصحيفة البريطانيّة، قائلًا: "لن تتعامل المُفوضيّة بهوادة تجاه سلوك مُماثِل كما الاعتداء أو الاستغلال الجنسي للاجئين، وعلى السُلطات الفرنسية - أولًا وقبل كل شيء- مُعالجة هذه التقارير وتلك المزاعم."
من جانبه، رأى أستاذ الجغرافيا البشرية من جامعة وارويك- توم ديفيس- أن الاستغلال الجنسي المزعوم يُمثّل أحد عوارض الحقيقة التي تُقِر بأن الغابة ليست مُعترف بها كمُخيّم لاجئين رسمي مدعوم من السلطات.
وقال ديفيس: "تكشف تلك القضيّة الحالة الاستثنائيّة التي تُحيط بمخيّم كاليه وغيرها من المُخيّمات غير الرسمية الأخرى في أوروبا، وتؤكّد أن السبب وراء وقوع هذا الأمر يرجع إلى كونه غير رسمي أو مدعوم من قِبل الأمم المتحدة أو الدولة الفرنسيّة."
فيديو قد يعجبك: