إعلان

كيف ساهمت السوشيال ميديا في إفشال التحول الديمقراطي في مصر؟

02:41 م السبت 08 أكتوبر 2016

السوشيال ميديا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – رنا أسامة:

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكيّة تقريرًا السبت استعرضت خلاله دور مِنصات التواصُل الاجتماعي في عمليّة التحوّل الديمقراطي في مصر منذ قيام ثورة يناير عام 2011 وحتى وقتنا هذا.

استهلّت الصحيفة الأمريكيّة تقريرها بالقول إن "ثورة يناير باتت مُرادِفًا للأسلوب الناجح التي تم من خلاله استخدام الشبكات الاجتماعيّة في عمليّة الإطاحة بنظام قمعي استبدادي، كما مثّلت مصدر إلهام للعديد من النُشطاء، من البحرين وتركيا وصولًا إلى أوكرانيا وسانت لويس، تعلّموا من خلالها طُرق احتجاج يُمكن تطبيقها في بلادهم، مثل إقامة المُخيّمات في الأماكن العامة، والإعداد لوسائل يُمكن من خلالها صدّ هجمات الشرطة، وتنظيم أماكن وتوقيتات التظاهرات على صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ورفع صور ومقاطع فيديو حيّة من قلب تلك التظاهرات بسرعة لنقلها إلى كافة وسائل الإعلام."

بيدَ أنه لا يُمكن إغفال أن محاولات التحوّل الديمقراطي في مصر التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك انتهت باستقطاب سياسي عنيف وانقلاب عسكري.

هُنا أثارت الصحيفة الأمريكيّة السؤال: "هل ساهمت الشبكات الاجتماعية في إفشال التحوّل الديمقراطي في مصر؟!

في هذا الصدد، استعانت الصحيفة ببيانات فريدة من فيسبوك وتويتر لاكتشاف الكيفيّة التي ساهمت من خلالها الشبكات الاجتماعيّة في انتشار الاستقطاب والخوف في مصر، ما أدى إلى تقويض تحوّلها الديمقراطي.

تقول الصحيفة إن "مواقع التواصل الاجتماعي هي، بالطبع، ليست الوحيدة، أو العامل الأكثر أهميّة، الذي سبّب هذا الفشل، إلا أننا نرى أنها تواجه وتتحدّى عملية تعزيز الديمقراطيّة، من خلال تكثيف الميول الخطيرة مثل: الاستقطاب والخوف. سُرعة وعاطفيّة وتركيز المُحتوى الذي تبثّه مواقع التواصل الاجتماعي يجعل أولئك المُعرّضون له يختبرون ردود فِعل أكثر تطرّفًا. الشبكات الاجتماعيّة تثعد ملائمة بشكل خاص لعمليّة تفاقُم الاستقطاب السياسي والاجتماعي؛ لقُدرتها على نشر الصور العنيفة والشائعات المُخيفة بشكل مُكثّف وسريع للغاية في مُجتمعات مُنغلقة التفكير نسبيًا."

وأشارت الصحيفة إلى قيامها بتكوين قواعد بيانات من مواقع التواصل الاجتماعي للتعرّف على ما إذا كان هُناك دليل تجريبي لهذه الافتراضات، فطوّرت قاعدة بيانات لكل تغريدة على تويتر، احتوت على مُصطلح "مصر" باللغة الإنجليزيّة أو العربيّة، في الفترة ما بين يناير 2011 وأغسطس 2013. شملت ما يقرُب من 62 مليون تغريدة لأكثر من 7 مليون مُستخدم.

كما قامت ببناء قاعدة بيانات فريدة لفيسبوك اعتمادًا على تحليل منشورات الصفحات العامة على المِنصةّ، فأخذت عينات عشوائيّة لـ 1000 منشور على كل صفحة على مدى عام في الفترة من حُكمن الرئيس المدني المُنتخب محمد مرسي في يونيو 2012 وحتى الإطاحة به في يوليو 2013، وتم استخراج كافة التعليقات التي وصل إجمالي عددها إلى 593,428.

خلُص التقرير إلى عدة نتائج، فيما كانت النتيجة الأكثر إثارة بينهم هي الاكتشاف بأن "مجموعات مُستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أثّروا على نحو غير متساوٍ في تفشي مشاعر الخوف".

أهميّة تحديد الجماعات غير السياسيّة

خلال الأيام العنيفة التي شهدتها أحداث الثورة، بدت مواقع التواصل الاجتماعي وكأنّها تقوم بتوحيد المصريين عبر تيارات إيديولوجيّة مُتباينة حول هدف محدود مُشترك، وهو الأمر الذي لم يدُم طويلًا. بمرور الوقت، أصبحت الشبكات الاجتماعيّة تُشجّع المجتمع السياسي على الفصل الذاتي والانخراط بداخل مجموعات تُشاطرها نفس الآراء، وتكثيف الاتصالات بين أعضاء المجموعة الواحدة، فضلًا على زيادة التباعُد بين المجموعات المُختلفة.

من خلال تحليل نماذج التغريدات على موقع تويتر، تم تحديد عدة مجتمعات، منها: "العام السياسي، النُشطاء، والإسلاميّون"- وفقًا لتسميّات الصحيفة- كما لاحظت وجود مجموعات كبيرة لا تنتمي لأي فصيل سياسي، عادة ما تنشغل باهتمامات أخرى مثل الموسيقى، الحفلات، النكت، الطبخ، وهو ما ما أُطلِق عليه "حزب الكنبة"، الذي كان بمثابة قاعدة الدعم الرئيسيّة لحركة تمرّد في 30 يونيو، في مواجهة حكم مرسي، لصالح النظام السياسي الحالي لاحقًا.

"أكثر انعزاليّة"

قامت الصحيفة بحساب أربعة مؤشرات إحصائيّة للديناميات الخاصة بجمهور المصريين على الإنترنت، كشفت جميعها زيادة انعزال المجموعات الرئيسيّة، إذ لاحظت أن المجموعات ذات أيديولجيّة فكرية مُماثلة، وسياسيّة مُختلفة، نأوا بأنفسهم بمرور الوقتت: المجموعات الإسلاميّة المتعددة صبّت في مجموعة إسلاميّة واحدة، ومجموعات النُشطاء المتعددة اصبحت مجموعة واحدة، وهكذا دواليك.

انعزلت تلك الجموعات أكثر فأكثر بمرور الوقت، فأصبحت تتشارك مُحتوى أقل وتتفاعل بشكل أقل تنظيمًا مع المجموعات الأخرى، كما زاد التباعد بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الجمهور السياسي الواسع والنشطاء وحزب الكنبة، بشكل ملحوظ مع مرور الوقت.

كيف اثّرت تكتّلات الشبكات الاجتماعية على إثارة مشاعر الخوف العنف؟

أحد التأثيرات السياسيّة لتلك التكتّلات بدا في كونها ساهمت في تكثيف حِدة العنف الحقيقي وشاعات العُنف والصراع السياسي، فأدت إلى انتقال الصور والمعلومات المُفزِعة على نحو غير مُتساوٍ عبر المجتمع السياسي المصري، كما انتقلت بشكل سريع إلى الشبكات الاجتكاعيّة الموثوق بها بطرق ساهمت في زيادة تأثيرها.

الخوف تفشّى.. فقط في بعض المجموعات!

في أواخر يوليو 2012- قبل اندلاع أحداث العنف الأولى في أكتوبر- لاحظت الصحيفة زيادة في استخدام مُصطلحات مثل: العنف، الخوف، الفوضى على مِنصات التواصل الاجتماعي، تباين تداولها بين المجتمعات خلال أوقات مُختلفة حيال قضايا مُختلفة. في ديسمبر 2012- على سبيل المثال- أنتجت الاشتباكات التي اندلعت خارج القصر الرئاسي في الاتحاديّة والمرور القسري للدستور الجديد أنماط سرد ومصطلحات جديدة بين التكتّلات، وهكذا جرى الأمر إبان هجمات مارس 2013 التي وقعت ضد مكاتب جماعة الإخوان المسلمين.

خِلافًا للتصوّرات النمطية التي تنظر إلى مصر باعتبارها مُجتمع مُستهلك بمشاعر الخوف والفوضى أثناء تلك الفترة، لوحِظ أن المجموعة السياسيّة لم تكُن مُستهلكة بمشاعر الخوف، أو على الأقل لم تتحدّث حوله على تويتر، فيما بدت موجودة بشكل أكبر في مجموعة النُشطاء والإسلاميين.

لفتت الصحيفة إلى أن ما خلُصت إليه من نتائج لا يُعد مُهمًا للتجربة المصرية فقط، وإنما لكل مُحاولة تحوّل مُستقبليّة تنبثق من بيئة نشِطة على مِنصات التواصُل الاجتماعي، قائلة إن: "التكتّلات على الواقع الافتراضي- في مجموعات ذات تفكير مُشترك وآراء مُماثلة - تحمل تبِعات تؤثّر على تعزيز الديمقراطيّة في العالم الحقيقي."

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان