العراق "يكشّر عن أنيابه" لاستعادة الموصل من داعش
كتبت – رنا أسامة:
أعلنت العراق عن بدء الهجوم على المنطقة الشماليّة من الموصل، اليوم الاثنين، في عملية تُعد الأكبر في البلاد ضد العناصر الإسلاميّة المُتشدّدة.
في الساعات الأولى من صباح الاثنين، أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبّادي بيانًا تليفزيونيا، تعهّد خلاله برفع العلم العراقي على الموصل.
تهدف العمليّة لطرد الجماعات المُسلّحة عن ثاني أكبر المدن العراقيّة، الموصل، التي تُحكِم داعش سيطرتها عليها مع أكثر من مليون مدنيا، محاصرين المدينة.
عشرات الآلاف من القوات العراقيّة توحّدت من أجل تحقيق ذاك الهدف، هُم: جنود البيشمركة الكُردية، ومقاتلو القبائل السُنيّة، والقوات المُسلّحة، وضثباط الشرطة، والمليشيات الشيعة (الحشد الشعبي)، ووحدات مُكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى دعم جوي وأرضي من من قِبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
الموصل، التي تبعُد نحو 400 كيلومترا شمالي بغداد، تُعد أكثر المعاقل التي يُسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق، والمدينة التي تجسّدت فيها روح النفوذ المُتنامي لداعش، بداخل الجامع العظيم في الموصل، حيث نصّب رئيس التنظيم أبو بكر البغدادي نفسه خليفة مزعوم على المسلمين منذ أكثر من عامين.
غير أنه منذ ذلك الحين، أخذت قبضة التنظيم في الانهيار، بعد أن أعادت القوات العرقيّة سيطرتها ثانية على تيكريت ورامادي والفولاجة.
"إنها فقط مسألة وقت،" قالها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبّادي.
وأضاف: "سنلتقي قريبًا في الموصل للاحتفال بالحرية، وإعادة بناء ما قامت العصابة الإجراميّة بتدميره."
ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكيّة عن أحد المسؤولين العسكريين – الذي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويّته- القول إن "التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شّن قصفًا مدفعياً وغارات جويّة في وقت مبكر اليوم، على المناطق التي يُتوقّع تقدّم القوات البريّة بها بعد شروق الشمس.
اصطفّت العشرات من سيارات الإسعاف على نقاط التفتيش على حواف شمال إقليم كُردستان العراق، استعدادًا لنقل القتلى والضحايا. آلاف القوات العراقيّة تحرّكت إلى موقع المعركة في الأسابيع الأخيرة، فيما ظهرت نقاط انطلاق عسكريّة جديدة على طول حدود الجبهة.
شارك أكثر من 80 ألف من القوات، بما في ذلك المُهندسين والدعم اللوجيستي، حسبما أفاد الرائد سلمان جاسم- القائد في القوات الخاصة العراقيّة.
في قرية صغيرة بالقُرب من خازر، شرق الموصل، كان جاسم ورجاله في انتظار "ساعة الصفر" التي طال انتظارها وسط تسويف الجنود وانشغالهم عن المعركة بالعثور على ما يُساعدهم على الترفيه عن أنفسهم، ما بين ألعاب البطاقات والدومينو، في المنازل التي باتت خاوية بعد نزوح أهاليها بسبب أعمال القتال، فدُفِنت خطط المعركة بالحبر الأسود على الجدران والطاولات البلاستيكيّة.
"نعلم أننا تأخّرنا"، قالها جاسم بينما يحتسي أحد مشروبات الطاقة المُفضّلة لدى القوات العراقيّة. وتابع "لا شكّ في ذلك".
وذكرت الصحيفة أن الجيش العراقي وقوات الشرطة يتحرّكون من قاعدة القيارة الجويّة، الواقِعة على بُعد نحو 55 كيلومترا جنوبًا، ضاربين في الأرض من العاصمة بغداد، التي تبعُد بمسافة 250 ميلًا.
الشاحنات المُحمّلة بالجنود العراقيين والمركبات العسكريّة أغلقت الشوارع من كثرتها بعد انتقال القوات إلى المكان، فيما تم سحب الخزانات، والعربات المُدرّعة، والأسلحة من العاصمة، وَفقًا لما أوردته الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن ضبّاط عراقيّين قولهم إن قواتًا كُرديّة معروفة باسم "البيشمركة"، ستقود الهجوم على الجبهة الشرقيّة، مُرجّحين تقدّمهم إلى أطراف المِنطقة المُتنازع عليها مع بغداد.
"سنبدأ ونتحرّك بعدهم دعمًا لهم"،- هكذا قال العميد. الجنرال حيدر عُبيدي- قائد آخر بالقوات العراقيّة الخاصة.
ومن المُتوقّع أن تلعب قوات "الحشد الشعبي" الشيعية دورًا، مع مُلاحظة أنهم ليسوا جزءً من القوة المسموح لها الدخول إلى المدينة، في ضوء المخاوف من وقوع أيّة تجاوزات طائفيّة في المدينة ذات الأغلبيّة السُنيّة.
وقال المصدر العسكري إن الهجوم المُخطّط المُتزامن وقوعه من قِبل الشمال لن يمضي قُدُمًا يوم الاثنين، لكنه قال إنه لا يعلم السبب، وسط تبايُن الآراء حول مُدة المعركة المُنتظرة ومدى قوّتها.
في الوقت الذي تعهّد العبّادي بإعادة المدينة ثانية تحت سيطرة الحكومة العراقيّة بحلول نهاية العام، لا يزال "جاسم" مُتشككًا حيال إمكانية حدوث هذا، خاصة وأن الدولة الإسلاميّة حصّنت دفاعات المدينة في الشهور الأخيرة، من خلال إقامة الجدران الخرسانيّة وحفر الخنادق.
المدنيّون أيضًا سيُزيدون المعركة تعقيدًا، فلا يزال قابِعًا في المدينة ما بين 1.2 إلى 1.8 مليون مدنيًا - على حدّ قول العبّادي، مُشيرًا إلى أن الحكومة العراقيّة طلبت من المدنيين البقاء في منازلهم؛ تجنّبًا لوقوع أزمة إنسانيّة.
وتوقّع عُبيدي أن تستغرق العمليّة المزيد من الوقت بسبب صعوبة الدعم الجوي، وعدم التمكّن من تطهير كافة الأحياء من العناصر المُسلّحة؛ إذ يستوجب هذا الأمر توفير قوة لكل حي من الأحياء لمسح كُلٍ منها على حِدة.
حتى الآن، فإن التحالُف الذي تقوده الولايات المتحدة يُقدّم دعمًا لتلك العملية أكثر من أي عملية آخرى.
وقال العُبيدي إن التحالف طلب مسح المجال الجوي من الطائرات العراقيّة، التي سيتم تحديد الدعم الجوي لها ليقتصر على المناطق التي تتمركز فيها المليشيّات الشيعيّة.
الجانب الغربي من المدينة سيتم تركه مفتوحًا إلى حدّ كبير، وهو ما يُمكن أن يُزيد مثدة المعركة بالداخل حال تمت مُحاصرتها. "سنُحاول منحهم الفرصة للهرب إلى سوريا"، هكذا قال الرائد جاسم.
بينما عارضه المتحدث باسم الجيش العراقي- اللواء يحيى رسول، قائلًا إنه في حال ترك الجانب الغربي مفتوحًا، لن يتم التمكّن من توفير مساحة آمنة للفرار من تنظيم الدولة الإسلاميّة. "إذا فعلنا ذلك، ستتحوّل تلك المِنطقة إلى ساحة قتال بينما نستهدفهم بطائراتنا."
فيديو قد يعجبك: