كيف يعيش المواطنين في الرقة والموصل؟
كتبت- هدى الشيمي:
الجميع يقصف الرقة السورية الآن، روسيا وأمريكا، وفرنسا، ومؤخرا بريطانيا، إلا أن النساء استطعن العثور على وسيلة للشعور بلحظات من الحرية وسط المدينة التي تضم حوالي مليون نسمة يحاول مقاتلي تنظيم داعش الاندماج بينهم، للحفاظ على أنفسهم، وذلك بحسب ما ورد في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية.
عن طريق مجموعة من الحوارات التي أجرتها الصحيفة مع مواطنين يعيشون في مدينة الرقة، والموصل ثاني أكبر المدن التي تسيطر عليها داعش، استطاعت معرفة الطريقة التي يسيطر بها التنظيم عليهما، وكيف يحكمهما بالطريقة السوفيتية التي لم تتمكن من توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وحكمهم بالعدل، ففي الموصل بالعراق والتي يحكمها الجهاديين، هناك الكثير من الفروض والقيود على المواطنين، فقالوا "القيود المفروضة علينا تبدأ من الأرض وتصل للسماء".
ذكرت الجارديان أن الضغط على داعش من قبل الدول الأوروبية وأجنبية والذي ازداد خلال الفترة الماضية، لم يؤثر على شدتها وطريقة حكمها للمدينتين، ولم يؤثر على الرغبة الشديدة للمواطنين في الحصول على حريتهم المفقودة.
يقول الناشط السياسي تيم رمضان، وهذا ليس اسمه الحقيقي، إن النساء تخرجن للشرفات والنوافذ لاستنشاق الهواء وإلقاء نظرة على مدينتهم، مشيرا لحدوث الكثير من التغييرات خلال العامين الماضيين، واصفا الحياة في الرقة بـ"السجن الكبير"، فمن الصعب التواصل مع الأفراد الذين يعيشون في الرقة، بعد منع داعش الانترنت في المنازل، واغلاقها لكل المقاهي والمحلات التي توفره.
ويتابع قوله "النساء نادرا ما يخرجن من المنازل، خوفا من اعتراض مقاتلي داعش طريقهم، أو الجماعة النسائية المعروفة باسم كتيبة الخنساء، والتي تعاقبهم على أبسط الأفعال مثل حمل حقائب ملونة".
يشير عبد الكريم، أحد سكان الموصل، إلى أن ظروف الحياة تدهورت تماما، فلا يوجد مال أو فرص عمل، والناس مرعوبين من القصف التحالف للمدينة، والقتل والرجم على يد تنظيم داعش.
وبحسب عبد الكريم، فإن حياة المواطنين في بداية حكم داعش كانت رائعة أفضل كثيرا من حكم الحكومة العراقية، وأصبحت الحركة المرورية أفضل كثيرا، تحسن الوضع الأمني، ولفترة قصيرة تحسنت الخدمات مثل الكهرباء والماء، ونظفوا الشوارع.
كان عبد الكريم في بداية الأمر سعيدا بدفع الضرائب من راتبه الذي يبلغ حوالي 835 ألف دينار لداعش، وأحيانا كان يدفع أكثر من المبلغ نوعا من التطوع نظير ما يقدمه لهم التنظيم من خدمات، كما عاملهم مقاتلي التنظيم بطريقة جيدة محترمة عندما يمرون في أحدى الشوارع الذين يتواجدون فيها، إلا أن الوضع تغير تماما، بعد حلول الشتاء الثاني تحت حكم داعش، فالاقتصاد تدهور، وبدأ قصف التحالف الذي تقوده أمريكا، و توقفت بغداد عن ارسال الرواتب للموظفين الحكوميين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، من بينهم عبد الكريم، مما يعني أن المواطنين غير قادرين على شراء البضائع الجيدة، فأغلقت الكثير من المحلات التجارية، وارتفع ثمن الوقود خمسة أضعاف.
ووفقا لرفعت الذي يعيش في أربيل والمسئول عن شبكة إعلاميو نينوى، التي تحاول توثيق ما يحدث في العراق، فإن اليأس كان السبب الأول في اقبال المواطنين على الانضمام لداعش، هناك 60 أو 70 شخص اعلنوا ولائهم لداعش في مسجد عمر الأسود من أجل الحصول على راتب شهري صغير.
وأضاف رفعت الذي قتل والده على يد المتطرفين عام 2003 "الموصل أصبحت كالسجن والمواطنين فقدوا أي أمل في تغير الوضع يوما ما".
كما أشار ماجد، الميكانيكي البالغ من العمر 56 عاما وأب لـ11 طفل، إلى تعاون المواطنين مع التنظيم للحصول على المزيد من الوقود والطعام، مؤكدا أن الوضع الآن أصبح لا يحتمل، وقال "الحياة تصبح أصعب يوما بعد يوم، فحتى إذا كنت تعيش في أسوأ مكان في العالم فإنك تحتاج للماء والطعام والكهرباء حتى تتمكن من النجاة".
يحصل ماجد على راتب يصل إلى 80 ألف دينار، و15 كيلو من الدقيق، و10 كيلو أرز، وكميات من الطعام من قبل داعش، إلا أنه لا يستطيع العيش مقابل هذه الكمية نظرا لعائلته الكبيرة.
منعت داعش المواطنين من استخدام الهواتف المحمولة، أو التدخين، ومن يستمع للموسيقي يُعاقب، فمنذ حوالي شهر، وجدت المقاتلين رجل يستخدم هاتفه فضربوه 45 جلدة.
بالقرب من كركوك كان على محمد، المسئول عن تسهيل عمليات الهجرة من الأراضي الواقعة تحت سيطرة داعش، وقال إنه جمع ثلاث جثث لأطفال ماتوا من الجوع حيث ساروا برفقة عائلاتهم لساعات طويلة من أجل الوصول لمواقع البشمركة.
استطاع صالح، 34 عاما ضابط شرطة سابق، الهرب من الموصل عن طريق السباحة في نهر زاب الكبير حتى مواقع القوات الكردية، ويقول "إذا كانت واحد منهم يعاملوك معاملة جيدة جدا، وإذا لم تكن تتلقى معاملة من الدرجة الثانية".
فيديو قد يعجبك: