واشنطن بوست: سباق إيراني سعودي لدعم الجيش اللبناني بمليارات الدولارات
كتب - محمد عبد العزيز:
عرضت المملكة العربية السعودية وإيران، العدوتان اللدودتان في الشرق الأوسط، تقديم حزمة مساعدات للجيش اللبناني الصغير والمتواضع، والذي يواجه هجمات في الداخل يشنها مسلحون مرتبطون بمتطرفين يقاتلون في سوريا.
المساعدات العسكرية المقترحة، التي بلغت في مجملها مليارات الدولارات، تتمثل في أسلحة خفيفة ويسلط ذلك الضوء على القلق المتزايد من الرياض وطهران حول استقرار لبنان الذي يعتبر مركزا تستثمر فيه كلا الدولتين موارد ضخمة.
وتتخطى هذه المساعدات ما قدمته الولايات المتحدة للبنان عام 2006، والتي بلغت أكثر من مليار دولار، لتدريب وتجهيز الجيش اللبناني الذي يبلغ قوامه 65 ألف جندي ولا يمتلك الكثير من القوة أمام ميليشيات حزب الله التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد جماعات المعارضة السنية المدعومة من السعودية.
خبراء كثيرون يقولون إن عروض المساعدات المقدمة من الرياض وطهران لا تعتبر سوى مزايدات من قبل الدولتين القويتين.
يقول الجنرال المتقاعد في الجيش اللبناني إلياس حنا ''يجب النظر إلى ذلك بشكل إقليمي، وفي إطار المنافسة الشرسة بين الجانبين من أجل بسط نفوذهما''.
ويضيف ''عندما يقدمون الدعم للجيش اللبناني، فإنهم يعرفون أن ذلك يعني تمكنهم من التدخل في سياسته ومدى تدريبه وتجهيزه''.
دوافع التنافس بين إيران والسعودية
في ديسمبر الماضي، وافقت السعودية على منح أسلحة فرنسية بقيمة ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني في موعد لا يزال غير محدد. كما قدمت مليار دولار كمساعدة طارئة لوكالات عسكرية واستخباراتية لبنانية في أغسطس بعد سيطرة ميليشيات في سوريا على بلدة عرسال الحدودية. كما تعهدت بتوفير أكثر من ضعف الميزانية التقديرية السنوية للجيش اللبناني.
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال في بيان إن السعودية وقعت عقدا أمس الثلاثاء مع فرنسا لإكمال صفقة الأسلحة التي تبلغ تكلفتها ثلاثة مليار دولار إلى لبنان. ولم يذكر فابيوس تفاصيل عن الصفقة أو موعد تسليمها أو نوع الأسلحة التي سيحصل عليها الجيش اللبناني.
على الجانب الآخر، وخلال زيارة إلى بيروت في سبتمبر الماضي، قدم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي شمخاني عرضا بتوفير أسلحة إيرانية للجيش اللبناني. وذكرا وسائل إعلام لبنانية أن العرض يتضمن اسلحة مضادة للدبابات ومدافع ورشاشات ثقيلة.
لكن الدعم الإيراني للجيش اللبناني يبدو أنه سيعرقل الرغبة المشتركة لواشنطن والرياض باستخدام الجيش اللبناني كمنافس لحزب الله، الذي تعتمد عليه إيران بقوة كسلاح لمواجهة إسرائيل في إطار اتفاق عام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت خمسة عشر عاما.
في الوقت الحالي، تتماشي مصلحة طهران في مواجهة تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا مع اهتمامات واشنطن والرياض. ووافق التحالف الدولي، الذي يشن غارات جوية ضد التنظيم، على عدم استهداف القوات الموالية للأسد. لكن الغارات قد تستهدف مقاتلين من حزب الله وإيران، وكلاهما حلفاء الأسد.
الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أرام نركيزيان يقول ''هناك أيضا اعتراف واسع النطاق بين الجماعات الدينية المتصارعة في لبنان بأن هناك حاجة لتعزيز الجيش كي يواجه الهجمات التي يشنها مسلحو الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة للقاعدة''.
ونجح الجيش اللبناني الشهر الماضي في قمع تمرد شنه مسلحون سنة بمدينة طرابلس شمالي البلاد.
ويقول نركيزيان ''هناك نخبة طائفية ليس لديها خيار سوى السماح للجيش اللبناني في المساعدة لتوفير الاستقرار''.
وأصبح حزب الله، متأثرا بإرسال آلاف من مقاتليه إلى سوريا، يعتمد بشكل متزايد على الجيش للحفاظ على الاستقرار الداخلي.
''هناك حاجة للجيش، إنهم يدركون ذلك تماما''، حسبما قال دبلوماسي غربي في لبنان اشترط التكتم على هويته لأنه غير مخول بمناقشة الأمر مع وسائل الإعلام.
لكن هذه العلاقة بين الجيش وحزب الله أثارت عضب الكثيرين من السنة في لبنان، الذين يتعاطفون مع المقاتلين المناهضين للأسد في سوريا.
عرض لإثارة الانقسام
وحتى الآن، لم تصل المساعدات العسكرية الإيرانية إلى لبنان. كما توجد حالة إحباط لدى الجيش اللبناني بسبب تأخر تنفيذ صفقة الاسلحة الفرنسية التي تشتريها السعودية.
وقال العميد علي قانصو، متحدث باسم الجيش اللبناني، إن الجيش قدم أوائل العام الجاري قائمة بالأسلحة المطلوبة للمملكة العربية السعودية وفرنسا، بما في ذلك ذخائر دبابات ومدفعية ومعدات لعمليات مكافحة الإرهاب.
ويأمل مسؤولون عسكريون أن تتوافق هذه المساعدات مع خطة إصلاح الجيش اللبناني التي أطلقت منذ عشر سنوات وتتضمن عملية إعادة الهيكلة يشرف عليها مستشارون أمريكيون و ثلاث وحدات من القوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي. ونفى قانصو الشائعات التي انتشرت بأن واشنطن حثت الجيش على رفض العرض المقدم من إيران.
''المساعدة العسكرية الملموسة الوحيدة تلقيناها من الولايات المتحدة وبريطانيا''، هكذا قال قانصو خلال مقابلة الأسبوع الماضي، مضيفا أن الجيش اللبناني لم يحصل على شيء من السعودية وإيران سوى ''الكلمات''.
وخلال زيارة لطهران الشهر الماضي، رفض وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل الرد رسميا على العرض الإيراني بسبب القلق من أن يعد قبوله انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 2007 لتقييد تجارة الأسلحة، حسبما قال دبلوماسي لبناني بارز تحدث شريطة عدم ذكر اسمه.
ويشتبه حلفاء الرياض في لبنان في أن الأسلحة الإيرانية قد تكون متجهة إلى حزب الله. كما يشتبه آخرون في أن طهران تشعر بقلق بالغ وتسعى لمواجهة النفوذ السعودي أكثر من مساعدة الجيش اللبناني.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: