لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أهم ما في بلاد العم سام

سليمان جودة

أهم ما في بلاد العم سام

سليمان جودة
07:01 م الأحد 06 أغسطس 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


وجه الغرابة ليس في أن يظهر دونالد ترمب في الولايات المتحدة الأمريكية، بكل ما نراه منه ونتابعه عنه، ولكن وجه الغرابة أن يظهر معه بالتوازي في إسرائيل بنيامين نتنياهو، وأن يتزامن ظهورهما على سطح الحياه السياسية في البلدين.

فكلاهما يقاتل إما من أجل العودة إلى السلطة، كما هو الأمر في حالة ترمب، وإما من أجل البقاء فيها كما نرى ونتابع في شأن نتنياهو.

وربما يكون القتال مفهوماً في حالة الثاني، لأنه يعرف أن خروجه من رئاسة الحكومة معناه الذهاب إلى السجن، ولذلك، فهو يعمل على أن يتفادى هذا المصير بكل طريقة ممكنة، بل وبكل طريقة خارجة عن كل سياق .

وقد رأينا الخارج عن كل سياق متجسداً في مشروعه للإصلاح القضائي الذي قسم إسرائيل قسمين ، وأخرج المتظاهرين بلا عدد إلى الشوارع والميادين، ومع ذلك، فإنه لم يتراجع عن مشروعه ، وتمسك به ، وذهب به إلى الكنيست ليحصل على الموافقة من الغالبية ، ونجح نسبياً في ذلك ، ولم يشأ أن يبالي بالاحتجاجات التي لم تعرفها بلاده من قبل !

وقد كانت تل أبيب تتباهى دائماً بأنها واحة للديمقراطية في منطقة لا تعرف الديمقراطية ، وكانت تزهو بهذه المسألة ولا تخفيها ، وكانت تعلن عنها في كل مناسبة ، وكان هذا صحيحاً على نحو من الأنحاء ، ولكنها بعد ما فعله ويفعله رئيس وزرائها لا تستطيع أن تعود لتقول ما كانت تقوله من قبل في هذه المسألة ، وعليها أن تفكر ألف مرة قبل أن تعود لتكرر على أسماعنا ما كانت تردده في مرحلة سابقة بهذا الخصوص ،لأن مشروع نتنياهو الإصلاحي قد أفرغ كل ما كان يقال في هذا الإتجاه من مضمونه ، بمثل ما أفرغه من الجدية والمصداقية .

ولأن ما وافق عليه الكنيست في المشروع مجرد بند من بنود ، فلا يزال في الموضوع ما يمكن أن يأتي في المستقبل، ولا يزال أمامنا المزيد مما سوف نتابعه بإذن الله، ولا تزال في القصة بقية سوف تتكشف عنها الأحداث في الفترة المقبلة .

أما ترمب فهو حكاية أخرى ، فهو رجل عنده من المال الكثير ، ولا تنقصه أسباب السعادة بالكثير من معانيها ، وقد دخل البيت الأبيض لأربع سنوات ، وذاق حلاوة السلطة طوال السنوات الأربع ، ولكن حلاوتها لا تزال في فمه فيما يبدو .

لا ينقص الرجل شيء تقريباً ، ولكن المشكلة أنه ينطبق عليه المعنى في تلك العبارة الشهيرة التي قالها جبران خليل ذات يوم .. قال : أعرف رجالاً فقراء جداً لدرجة أنهم لا يملكون غير المال !

لقد بلغ الهوس بالبقاء في البيت الأبيض لدى ترمب ، إلى حد أنه لما خسر في ٢٠٢٠ أمام جو بايدن ، قال ما معناه إنه لن يغادر مكتبه البيضاوي ، لأن الانتخابات جرى تزويرها ، ولأنه هو الرئيس الشرعي بالتالي وليس بايدن .

وعندما صدر عنه كلام بهذا المعنى ، أدركت الدولة الأمريكية العميقة أنه وصل إلى حد لا يمكن السكوت عليه ، فأرسلت إليه مَنْ أفهمه في لطف وهدوء ، أنه يجب ألا يقول هذا الكلام ، لأن فترته إذا انتهت فإن الحرس الذي يرافقه سيتولى بنفسه التعامل مع الموضوع بطريقته ، ولأن هذا الحرس لا يفهم والحال هكذا سوى إخلاء البيت الأبيض للساكن الجديد .

وكان المعنى أن الحرس الخاص سوف يطرده إذا ما تباطأ في المغادرة عن موعدها ، وكان المعنى أيضاً أن ما يمارسه ترمب جملة عابرة في التاريخ الأمريكي ، وأن عبقرية العملية الديمقراطية في بلاد العم سام تظل في أشياء كثيرة ، ولكن الشيء الأهم أنها قادرة طول الوقت على تصحيح خطواتها بنفسها ، وأن ذلك يحدث أولاً بأول .

إعلان

إعلان

إعلان