إعلان

السوشيال ميديا تتحدى هيمنة الإعلام الغربى بتأثير ضحايا غزة .. التحول التاريخى الكبير

د.هشام عطية عبد المقصود

السوشيال ميديا تتحدى هيمنة الإعلام الغربى بتأثير ضحايا غزة .. التحول التاريخى الكبير

د. هشام عطية عبد المقصود
05:37 م الجمعة 10 نوفمبر 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

اعتدنا أن نتحدث طوال عقود وفى مختلف الأزمات التى تشكلت ونمت عبر مختلف مراحل تطور الصراع العربى الإسرائيلى ومنذ عام 1948 عن دور الإعلام الغربى المتحيز، ليس فقط فيما يخص القضية الفلسطينية بل وفى مختلف الأزمات التى تطرأ وتواجه هذه الدولة العربية أو تلك فى علاقتها بالغرب خاصة أمريكا ودول أوروبا الفاعلة، سواء فيما يخص توترات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو حتى ثقافية فى مجال تلك العلاقة، أو ما يصنعه الإعلام الغربى من ضغوط نتيجة الصمود فى مواجهة رغبات غربية يراد فرضها قد تتستر أحيانا بدعاوى مختلفة منها ما يرفع أحيانا شعارات براقة تستميل النفوس خداعا، والتى أكد عدم الاكتراث لها ولا الإيمان الحقيقى بها عدم الاكتراث بعدد الضحايا المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن فى غزة، وأنها شعارات تحضر وفقط عندما تقتضى رغبة الإملاء والفرض ذلك.

تتوازى دوما فى مسار تلك العلاقة ورغبة الإملاء هجمة إعلامية على تلك الدولة أو أخرى فى سياقات سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية وثقافية عندما يرغبون، لم تفلت منها دولة عربية واحدة مهمة فى وقت أو آخر، وهى توصف فى ميزان علاقتها مع الغرب بالصديقة أو الصديقة نسبيا أو حتى ذات العلاقات المتوازنة، فمتى طرأ حدث يرونه موضعا لضغط أو اكتساب أو توجيه زادت الضغوط وتوازت معها أحيانا تغطية هنا أو هناك من واحدة أو أكثر من أهم وأكبر وسائل الإعلام الغربية "المستقلة" لتسبق أو تتوازى مع الضغوط، هذا ما حدث طوال عقود واستمر.

لكن الجديد هنا فى عصر المنصات التى تكتسب زخما جماهيريا ودورا مؤثرا فى صناعة رأى عام موسع ومختلف حقا، أنه بينما تتحيز غالبية وسائل الإعلام الغربية الرئيسية فى مراكز صنع القرار الغربى وتهمش فى تأطيرها وتغطيتها أحداث وسياسات قتل المدنيين وأعداد الضحايا من الأطفال والنساء وتدمير البيوت واستهداف حتى الخدمات الصحية وممثليها سواء كمؤسسات وفرق عمل والعمل على تهجير قسرى وتشريد لعموم المواطنين السلميين، فإن منصات التواصل وخاصة منصة تويتر "X" التى أثبتت حضورا مستقلا ونوعيا قد مهدت ودعمت وصنعت رأى عام دولى وغربى تحديدا لم يتصوره أحد، وغير مسبوق إعلاميا بشكل عام وتاريخيا فى دعم مواقف عربية تدعو لوقف إطلاق النار وتلك الحرب المعلنة والمؤيدة من دول الغرب الكبرى على مواطنى غزة وتصدير مشكلات لدول الجوار العربى.

واستطاع هذا الرأى العام المتشكل غربيا أن ينظم فعالياته، وأن ينقل رؤيته الداعية والضاغطة لوقف الحرب لتشمل مسيرات مناهضة لسياسات دعم الدول الغربية الكبرى غير المشروط لإسرائيل، مما اضطر أكثر تلك الدول إلى البدء بحديث خافت صار يعلو عن هدنة ووقف إطلاق نار، بل امتد تأثير ما تنقله منصات التواصل من فظائع يومية تصيب المدنيين إلى ساحات المجالس النيابية بل وساحة بعض موظفى وزارة الخارجية الأمريكية فضلا عن العديد من الجامعات الغربية الكبرى، جميعها تثير جدلا وتصنع خطابا رافضا للسياسات الغربية فى هذا الشأن وتمثل اتساقا مع الموقف العربى فى عمومه، وهو تحول جديد ومهم فى صناعة الصور الإعلامية يحتاج مننا إلى فهم لكيفية ترويج مواقفنا العادلة وسياساتنا فى تلك المنصات.

يوجب ذلك ضرورة بناء استراتيجيات لا تراهن وفقط على قناة أو سيلة إعلامية غربية أو مذيع شهير هنا أو هناك، بل تؤسس حضورا مهما طوعيا للتأثير الواسع عبر الجمهور العام الدولى من المتفاعلين على تلك المنصات، وكلما كان هناك احتياج لشرح والتوعية بالقضايا والمواقف العربية فى مختلف سياقات علاقتها مع الغرب، وخاصة فى مواجهة ضغوط متحيزة وفرض مواقف غير عادلة.

وقد كشف تحليل محتوى منصات التواصل أيضا عن أن الأزمات والحروب يتسع نطاقها ليوظفها أطراف كل أزمة على تلك الشاشات المضيئة التى صارت تصنع الرأى العام، وخاصة لدى قطاعات الشباب والجمهور الغربى والدولى والذى فى غالبه هو غير مسيس وليس له رأى يقينى راسخ مؤدلج تجاه قضايا وأحداث الشرق الأوسط، بل تحركه مشاعر إنسانية فطرية.

وهكذا وبعد أن احتكرت وسيطرت وسائل الإعلام الغربية على بناء صور الصراعات وأطرافها، صارت مضطرة أن تنقل وتتفاعل وتناقش ما تصنعه منصات شاشات الموبيل حاملة الجمهور الأكبر من المشاهدين، وحيث تمنح مؤشرات هنا ما يؤكد على أن وسائل الإعلام التقليدية بما فيها التليفزيون والذى صمد طويلا من بين الوسائل الإعلامية التقليدية قد صارت بشكل نسبي موسع خارج اهتمام ومتابعة القطاعات الأوسع من النشء والشباب فى العالم، وأن تعرضهم لبعض محتواه إنما يتم بشكل محدود وكثيرا ما يكون عبر وسائل التواصل الاجتماعى ذاتها، وحيث تتضاءل دوما نسب مشاهدتها مع الوقت بحكم رسوخ عادات استخدام منصات التواصل واحتكار حضور وهيمنة شاشات الموبايل على استخدامات أجيال النشء والشباب وهى تكبر عمرا، فهل تجهزنا لذلك مصريا وعربيا ؟!.

وعلينا ألا ننسى هنا أنه وفى مجال الأزمات الدولية التى تدخل ضمن بيئتنا الحيوية يكون موازيا ومكملا وواجبا لإعلان المواقف والقرارات والضغط فى مجال دوائر صناع السياسات دوليا، أن يتم إعادة موضعتها ترويجا وإتاحة وتفاعلا على منصات التواصل للرأى العام الدولى، وحيث صار ذلك جزءا من اكتساب الدور والمكانة وبناء الفهم العالمى لتلك المواقف ودعمها.

إعلان