لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أسير الڤيتو

سليمان جودة

أسير الڤيتو

سليمان جودة
07:00 م الأحد 29 أكتوبر 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أول مشروع قرار تلقاه مجلس الأمن عن الحرب في غزة كان مشروعاً روسياً ، ولكن الڤيتو الأمريكي كان كالعادة في انتظاره ، وكان له بالمرصاد ، ولم يستطع الروس تمرير مشروع قرارهم ، لأنه لم يصادف هوىً لدى ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن .
وهو لم يصادف هوىً لأنه كان يطلب وقفاً فورياً لإطلاق النار لأسباب إنسانية ، وكان يرفض الهجمات الوحشية على المدنيين ، وكان يندد بهجمات السابع من أكتوبر .. ورغم تنديده بالهجمات ، ورغم أنه يرفض استهداف المدنيين في العموم ، أي أنه يرفض الإستهداف للمدنيين الإسرائيليين ، بمثل ما يرفضها للمدنيين في قطاع غزة ، إلا أنه لم يفلت من الڤيتو الأمريكي !
والسبب طبعاً واضح ، وهو أن ادارة بايدن لا ترى مبرراً لوقف إطلاق النار ، لأنها لا ترى سبعة آلاف فلسطيني سقطوا في القطاع حتى كتابة هذه السطور ، والغالبية فيهم كما نرى ونحن نتابع إنما تنحصر في الأطفال ، والنساء ، والشيوخ ، الذين لا ذنب لهم في هجمات السابع من أكتوبر ، ولا علاقة لهم بها من قريب ولا من بعيد .
وإذا كانت كتائب عز الدين القسام هي التي نفذت الهجمات ، فالضربات الوحشية يتلقاها أبناء القطاع ولا تتلقاها كتائب القسام .. والعقاب الجماعي يجري توقيعه على كل فلسطيني شاء له سوء حظه أن يكون من أبناء غزة ، وبغير أن يكون من ضمن عناصر القسام ، ولا حتى من بين أعضاء حركة حماس التي تمثل كتائب القسام جناحها العسكري .
ومن بعد مشروع القرار الروسي جاء مشروع قرار برازيلي ، ولكن حظه لم يكن بأفضل من حظ مشروع القرار الروسي السابق عليه ، لا لشيء ، إلا لأنه كان يريد وقف هذا الجنون الإسرائيلي الحاصل تجاه القطاع منذ السابع من أكتوبر !
وفي مساء الخامس والعشرين من أكتوبر كان المجلس على موعد مع مشروعين ، أحدهما كان أمريكياً أسقطه الڤيتو الروسي والڤيتو الصيني ، والآخر كان روسياً أسقطه الڤيتو الأمريكي والڤيتو اليريطاني ، وبقي الجنون هو سيد الموقف في غزة .
ولم يكن من الممكن أن توافق روسيا على مشروع القرار الأمريكي ، لأنه كان لا يهتم بشيء قدر اهتمامه بإقرار حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، وضرورة أن تطلق حركة حماس سراح الرهائن المحتجزين لديها دون أي شرط .
ولا ينكر أحد بالطبع حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ، ولكن لا أحد لديه ذرة من عقل يمكن أن يقر هدم غزة فوق رؤوس أهلها بمبرر الدفاع عن النفس ، ولا أحد لديه بقية من ضمير حر يُقر بتدمير أنحاء القطاع من شماله إلى جنوبه باسم حق الدفاع عن النفس .
ولكن هذا ما تراه تل أبيب وتمضي في طريقه ، وهذا ما توافقها عليه واشنطون دون أن تسأل نفسها عما إذا كان ذلك يتسق مع المعاني التي يقولها تمثال الحرية الأمريكي الشهير ، وهو واقف في مكانه عند مدخل مدينة نيويورك ؟
لا شيء نخرج به من هذا المشهد المؤلم في مجلس الأمن ، إلا أنه قد صار أسيراً للڤيتو ، ولا شيء يشعر به أهل غزة سوى الخذلان ، ليس فقط من جانب بلاد تمثال الحرية ، ولكن أيضاً من جانب عواصم الغرب التي لا تتوقف عن اعطائنا دروساً في حقوق الإنسان .

إعلان