لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

 مركز الحكومة والتخطيط

د.غادة موسى

مركز الحكومة والتخطيط

07:21 م السبت 03 سبتمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تشير تجارب الدول الآسيوية وبعض التجارب الأوروبية الحديثة إلى وجود مركز للحكومة يتولى عملية التنظير وتحديد الرؤى ووضع الخطط التي توجه السياسات وعمل التنفيذيين.

قد يرى البعض أن مركز الحكومة هو رئاسة الوزراء أو مكتب رئيس الوزراء أو حتى المراكز التابعة له واللصيقة به مكاناً ووظيفة. وقد يكون ذلك صحيحاً في بعض التجارب ولكنه ليس صحيحاً من حيث الإطلاق.

وكما يشير المسمى " مركز الحكومة" Center of Government بأنه القلب الذي يضخ الدماء في جسد السلطة التنفيذية بشكل رئيسي. والمركز هنا ليس هو مكان بعينه داخل مجلس أو رئاسة الوزراء، وإنما وظيفة. فما يهمنا هو البعد الوظيفي لهذا المسمى. كما أن مركز الحكومة لا يتكون من الوزراء أو التنفيذيين، وإنما من منظرين وأصحاب الرؤى والمنهج. وبالتالي يتكون من أفراد لا يعملون في الحكومة، وإنما لديهم خبرة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى خبرتهم ودراستهم للنماذج التنموية المختلفة في دول العالم.

يضاف لما سبق المهارات والقدرات التي تتوافر في أعضاء مركز الحكومة من حيث المهارات التقنية والقدرة على التفكير النقدي وإدراك وإدارة المخاطر وحساب العائد والخسارة للسياسات المتنوعة، ومن ثم وضع خطط تنموية مستدامة.

وكما هو القلب بالنسبة للحكومة، فهو أيضاً العقل المفكر والمُنظر للأفكار والرؤى المختلفة. ونعم، تحتاج الحكومة إلى منظرين يوجهون السياسات والخطط في الاتجاه الذي يحقق التنمية المنشودة.

فعلى سبيل المثال يقوم مركز الحكومة بدراسة تجارب الإصلاح الاقتصادي في التجارب الدولية الناجحة وفي مصر بشكل رئيسي ويحدد المنطلقات الفكرية لتلك التجارب، بمعنى هل تنطلق من رؤية أكبر لدور الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الفقراء. وبالتالي تكون العدالة والحماية الاجتماعية هي المنطلقات الفكرية لرسم خطة للإصلاح الاقتصادي في مصر، ولتحديد الفواعل التي تطبق تلك الخطة. كما يقوم مركز الحكومة في تحديد الفترة الزمنية وفقاً لنظريات تنموية، بمعنى هل تصير العدالة الاجتماعية موجهة للإصلاح الاقتصادي إلى ما لا نهاية أم فقط لحين تحقيق الانطلاق وفقاً لنموذج " روستو " في التنمية الاقتصادية. أم يكون التعليم والنهوض بالتعليم هو الموجه لسياسات الإصلاح الاقتصادي مثل تجربة اليابان في نهاية القرن التاسع عشر...وهكذا.

وبالتالي، من الأهمية بمكان وجود وعي بأن التنظير والأفكار وتحديد الرؤى متطلبات ضرورية وهامة لنجاح السياسات في أي مجال، وأن دور مركز الحكومة هو تحقيق تلك المتطلبات.

ويثور التساؤل حول أين يوجد مركز الحكومة في الحالة المصرية؟ بتتبع فكرة ووظيفة مركز الحكومة نجده قد تحقق نسبياً في الخمسينيات في الحكومات الحزبية مثل الحكومة الوفدية على سبيل المثال، حيث عادة ما يكون لدي الحزب السياسي رؤى وعقيدة فكرية تنعكس في سياساته الإصلاحية. ثم انتقل مركز الحكومة بعد الاستقلال ليكون في داخل مؤسسة الرئاسة بشكل أساسي، حيث تحدد تلك المؤسسة العقيدة والأفكار السياسية الموجهة للسياسات والخطط التنموية حتى في ظل وجود حزب واحد أو تعددية حزبية كما كان الوضع في عهد الرئيسين عبد الناصر وأنور السادات. ثم انتقل مركز الحكومة إلي وزارة التخطيط في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وقد يتساءل البعض حول ما إذا كان مركز دعم واتخاذ القرار هو الذي يقوم بوظيفة دور مركز الحكومة. والإجابة هي نعم ولا في آن واحد. فنعم لأنه من المفترض أن يدعم القرار الحكومي التنفيذي بالرؤى المستندة إلى نظريات وأطر فكرية، ومن ثم سيناريوهات تطبقها الحكومة. ولا، لأن وظيفة مركز الحكومة – كما تم تحديدها سالفاً- تقوم بها العديد من الجهات في العديد من المؤسسات الرسمية، وهو ما ينفي عن تلك الوظيفة صفة " المركز". والمركز مهم لوضع الخطط وليس للتنفيذ.

ومصر تحتاج لمفهوم المركز ( القلب) الذي يفكر وينظر ويدير مخاطر ويضع خطط.

إعلان

إعلان

إعلان