إعلان

فيسبوك يدير ظهره لصنّاع الأخبار!!

علاء الغطريفي رئيس التحرير التنفيذي لمؤسسة أونا

فيسبوك يدير ظهره لصنّاع الأخبار!!

علاء الغطريفي
05:22 م الأربعاء 21 سبتمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

على نيل القاهرة، حضرت لقاء مع ممثلي فيسبوك وإنستجرام في منطقة الشرق الأوسط، تجاورت فيه مؤسسات الأخبار ووسائل الإعلام مع الجيمرز وصناع المحتوى "فيسبوكر وإنستجرامر"، حتى التمثيل العددي لم يكن في صالح وسائل الإعلام، فالأغلبية كانت لمنشئ المحتوى والجيمرز. لسنا هنا بصدد تحرّي المحاصصة أو التمثيل، ولكنها الدلالات التي تعكس توجهات واهتمام فيسبوك خلال الفترة المقبلة.

استمر اللقاء أكثر من 5 ساعات جاءت ما بين الممارسات الأفضل للمحتوى المرئي على منصات ميتا وتوسّع فيسبوك وإنستجرام في الفيديوهات القصيرة "الريلز" والخواصّ الجديدة التي توفرت لإنتاج مزيد من المحتوى في هذا المجال، وكانت النهاية بالتشبيك والتشارك بين الحضور لضمان الأثر وتحقيق النتائج من اللقاء.

بعض العروض خلال اللقاء كانت جيدة، في حين كان العرض الأفضل هو "ميتافيرس"، الذي مازال لغزًا؛ لأنه في طور البناء. العرض المتميز والتبسيط الذكي من محمد عمر، مدير شراكات الأخبار في فيسبوك الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أعطى للحضور كما رأيت، فرصة للاقتراب أكثر من توجه ميتا، ورسم صورة لفهم أفضل لما سيكون عليه هذا العالم، والتدرّج الذي سار فيه العالم وصولاً لإعلان الميتافيرس، فما كان مستحيلاً أصبح واقعًا، وأعجبتني الإشارة إلى الإمكانيات التي توفرها AR Effects للميديا واستخداماتها.

عكست أجندة اللقاء، الدلالات التي تفسّر توجهات واهتمام فيسبوك خلال الفترة المقبلة. الحديث والعروض التي جرى تقديمها، جميعها تدور في فلك صناعة المحتوى المرئي المناسب للأجيال الجديدة ورغبة فيسبوك في جذب أكبر عدد من المستخدمين على منصتيه "فيسبوك وإنستجرام" حتى الحديث عن وسائل الإعلام كان عرضيًا، لأنها ليست المستهدف كما تشي الجلسات أو العروض أو حتى النقاشات نفسها.

الحديث العرضي عن وسائل الإعلام جاء من مقاطعة من أحد ممثليها في القاعة، ولم يكن كافيًا أو وافيًا لكي يجيب على التساؤلات والتحديات التي تشغل صناع الأخبار والإعلام في علاقتهم مع ميتا، خاصة فيسبوك المنصة الأولى عالميًا بين منصات التواصل الاجتماعي، حتى الأحاديث الجانبية بين العروض والجلسات رسّخت ما رأيناه من البداية، بأن اللقاء جاء في الأساس لصناع المحتوى والجيمرز، وليس صناع الأخبار ووسائل الإعلام.

بالنظر إلى الإحصائيات الخاصة بفيسبوك، استهلاك الأخبار يمثل 4% فقط على المنصة، في حين أن 96% الباقية هي لأمور أخرى، منها الطبخ والملابس وغيرهما من مناحي الحياة؛ إذن ليست هناك فرصة لإعطاء مزيد من الاهتمام بـ4% مقابل 96%؛ ومن ثم فعلى مجتمع 4% أن يتكيّف مع مجتمع 96% حتى يظل ويبقى على منصة فيسبوك، هكذا ترى ميتا!!

هذا التكيّف بالطبع سيكون صعبًا لصناع الأخبار ومؤسسات الإعلام، لأنهم لن يضاهوا صناع المحتوى الذين يقدمون محتوى مختلفاً عبر طرائق بعيدة تمامًا عن قواعد صناعة الأخبار الصارمة ومعاييرها المهنية والأخلاقية.

تتعامل وسائل الإعلام مع فيسبوك على أنه مجرد منصة توزيع، تحوّل مع المحتوى المرئي إلى شاشة عرض؛ ومن ثم فأي مؤسسة ترغب في أن تتوافق مع هذا التوجه عليها أن تتنافس مع الساحر فلان او الجيمر علان لجذب المستخدمين، إذا أرادت أن تجد لها مكانًا في هذا العالم، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة محتواها وأدوارها في المجتمع.

وإذا قررت أن تخالف ما تأسّست من أجله، فستجد نفسها مجرد حساب غير مهني على المنصة، لن يستطع بحال مصارعة حساب لمنشئ محتوى أو جيمر شهير، وسينتهي بها الحال مهزومة بإغراءات التايم لاين.

التكيّف كما أراه، لن يكون إلا باستراتيجية جديدة لوسائل الإعلام وصنّاع الأخبار، للحضور على منصات التواصل الاجتماعي، تضع في الحسبان أنها مجرد نافذة، وليست النافذة الوحيدة للوصول للجمهور، وأن فيسبوك ورفقاءه، لن يكونوا بحال جمعيات خيرية أو بنوك طعام، وأن البقاء والاستدامة للإعلام، لا يبنى على خوارزمية، تستعبد وسائل الإعلام. خذ من فيسبوك ما تراه مفيدًا واحذر أن تعمل لديه. هذه هي المعادلة وكفى.

إعلان