إعلان

الحاكم الوطني ودرس التاريخ

د. أحمد عمر

الحاكم الوطني ودرس التاريخ

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 28 أغسطس 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

علّمنا درس التاريخ أن الإخلاص والأمانة والصدق مع الله والوطن لا تضمن بمفردها، نجاح الحاكم الوطني في تأسيس دولة جديدة وقوية، وإحداث طفرة اقتصادية وسياسية وثقافية، ومواجهة تحديات ومخاطر الداخل والخارج؛ بل لا بد من توفر حضانة اجتماعية للسلطة الحاكمة ومشروعها، وتوفر حد أدنى من التوافق مع الجماعة الوطنية حول رؤيتها وخياراتها.

كما يتطلب ذلك النجاح إقامة دولة مؤسسات راسخة وقوية، وتوفر نظام سياسي متماسك، ونخبة وطنية حقيقية، ورجال دولة مؤهلين للقيام بأدوارهم بمهارة كبيرة ونزاهة وشجاعة ومصداقية.

ولعل أكبر شاهد على ذلك من تاريخنا الوطني هو الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؛ فلا يوجد إنسان مُنصف يستطيع أن يتهم الرئيس عبد الناصر في وطنيته ونزاهته ومحبته لوطنه ولجموع الشعب المصري، وأنه كان زعيماً وطنياً كبيرًا، يملك حلمًا عظيما للدولة المصرية.

غير أن كل تلك السمات والمقومات الشخصية، والنوايا الإنسانية والوطنية الحسنة، لم تمنع نظام حكمه الرئيس عبد الناصر من القيام بأخطاء كبيرة اعترف هو شخصيًا بها في بيان 30 مارس 1968 الشهير الذي صدر بعد الصدمة التي أحدثتها في دوائر الحكم، ولدى الشعب المصري بكل مكوناته، نكسة يونيو 1967.

وقد اعترف الرئيس جمال عبد الناصر في بيان 30 مارس بشجاعة كبيرة بالأخطاء الكارثية التي ارتكبها نظام حكمه، وبعض رجاله، وقدم برنامجًا وطنيًا لرصد ومعالجة الأسباب التي أدت للنكسة.

كما أبدى استعدادا كبيرا للاستجابة لطموحات الأجيال الجديدة من الشباب، وقام بوضع خطة جديدة للعمل الوطني، وخريطة للإصلاح السياسي الداخلي بهدف إحداث تغيير عميق في رؤية وأسلوب وممارسات الحكم من أجل تجنب أخطاء الماضي، وصنع مستقبل واعد يُلبي طموحات مصر والمصريين، ويُساعد في إزالة أثار العدوان، وتحرير الأرض المُحتلة.

وفي هذا الصدد كتب الراحل الأستاذ صلاح عيسى يقول:

"أدرك عبد الناصر بذكاء سياسي أنه لا جدوى من تجاهل حقيقة أن هناك عوامل موضوعية وراء سخط الشعب، وأن عليه أن يسعى للالتقاء مع الساخطين في منتصف الطريق؛ فقدم رؤية للمستقبل يمكن أن تكون أساساً للتوافق، وهو ما أتاح له أن يضمن هدوء الجبهة الداخلية واصطفافها خلفه، خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكمه".

وهذا يجعل من الأهمية بمكان إعادة قراءة بيان 30 مارس 1968، ودراسة سياق ظهوره، ومضمونه ودوافعه وغاياته، لكل مهتم بماضي وحاضر ومستقبل الدولة الوطنية المصرية التي تأسست على شرعية ثورة يوليو 1952.

إعلان