لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن كرة القدم ونُخبها وإعلامها ..

د.هشام عطية عبد المقصود

عن كرة القدم ونُخبها وإعلامها ..

د. هشام عطية عبد المقصود
07:00 م الجمعة 26 أغسطس 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أشياء كثيرة تستدعي النظر في هذا الكم من البرامج الرياضية المكثفة المتتالية والمتزامنة معا عبر القنوات، سيجبرك هذا الإقبال الكبير والطلب المجتمعي الضخم على برامج الرياضة أن تتوقف وتسأل عن المبرر، كما سيدهشك أكثر كم الضجيج والصراعات والمناوشات المتناثرة ازدحاما على القنوات والمواقع ومنصات التواصل عن كرة القدم وأنديتها وفرقها ونجومها بل ورؤساء أنديتها.

سيدهشك ما تراه بينما تعبر بكل هذا الكم الضخم من المحتوى الرياضي وأزماته ونقاشاته المحتدمة على "هوا" البرامج، ثم تتابع تجلياتها فى إعلانات ولافتات للبرامج والشخصيات في بعض الطرق وسيكبر السؤال مع ظهور برامج جديدة على الشاشات وعبر المنصات كل يوم حتى لا تكاد تخلو قناة أو منصة من ذلك تكرارا وازدحاما، ثم تنظر كيف تضخم محتوى تحيز المحتوى في كثير من البرامج تشبها بما يفعله "الهواة" على منصات التواصل أو نقلا عنه وتقليده، وبما يستحق التوقف عجبا من تحيزات واضحة كشمس منتصف النهار لهذا النادى أو ذاك أو هذا الشخص أو ذاك فى الأندية الرياضية كأنهم متحدثون عنهم، ستفكر كيف يمكن لكل هذا أن يكون مجرد تعبير تلقائي عن رياضة هى بطبيعتها تطوعية تتضمن منافسات طيبة، لأن الوضوح والتكرار سيحول دون طفولة الإجابات.

تتابع فترى كيف أن كثيرين من أصحاب الأعمال والوظائف الكبيرة يسعون للارتباط بالأندية ربما حبا لهذا النادى أو ذاك وربما أيضا دعما لرغبتهم في تأكيد قيمتهم الاجتماعية خارج حدود العمل والوظيفة التقليدية وربما لإبقاء جسور تأييد وحشد من جماهير الأندية وتسأل حائرا لماذا؟، وقد قرروا المشاركة حبا وفداء للنادى والذي من أجله يضحون بأموال ووقت ثمينين، وقد أبعدوا فى إصرار يليق بمحب كل ما يكون في عرفهم هاما أو ملحا من أجل عمل "تطوعى" هو عضوية مجالس الأندية أو مسؤوليات هيئاتها، تقول لو أن شيئا من ذلك يحدث في مختلف جوانب حياتنا الاقتصادية والاجتماعية لتغير الحال كثيرا وتسارعت وتيرة ما نستهدفه من تحققات ولتم تخفيف عبء أزمات هى أولى بالعمل عليها كثيرا، لكن يبدو أن العطاء لدى البعض مشروط غالبا بالأندية أو بالأحرى الكرة قدما وفقط وفي أندية بعينها قصرا وحصرا.

لن تجد إجابة سهلة تطفو على سطح عقلك وأنت تداعب الاحتمالات المفسرة، تفكر هل هو مجرد ترف الاسترخاء تدعمه الرغبة في الاستراحة التي هى بين شوطى كل مباراة وتنقلها الكاميرات والصحف والإذاعات حصريا، ثم الفرحة التي تكسو الملامح عندما يظهر في احتفال لتسلم كأسا أو تسليم درع، ثم منتهى التحقق إنشغالا بالمشاركة في وضع ميداليات الفوز والإنتصار في أعناق اللاعبين وما يعقبه من ذكر متكرر على صفحات وتجمعات مشجعي الأندية واستضافته عبر القنوات هل هى حقا كذلك؟!

وكيف صارت عضوية مجالس إدارت الأندية وهيئاتها التطوعية مغرية هكذا بل ومهمة لدى البعض؟ السؤال محير تماما، وماذ وراء كل هذا الاهتمام والجهد والإنفاق والتنافس والمنابذات والتشاحنات تلك التي تظهر وتختفي وتنقل عبر وسائل الإعلام لتبقى؟، وهل هي وجاهة الحضور أم رغبة في النفوذ والتواجد على الشاشات والقنوات مصحوبا بأنه من يطلق الكلمة الحاسمة فى شأن بقاء او انتقال لاعب يتابعه ملايين المشجعين؟ .

إن أصعب ما يمكن أن تشاهده في مجال متابعة الآداء الإعلامي لهذا المحتوى الرياضي الإعلامي هو تجليات التحيز المكثفة وإذكاء الخلافات وتصعيدها، وسريان ثم توالى الدعاية الفجة والسافرة عبرها وإن لم تذكر بشكل مباشر أنها إعلان مدفوع لنادٍ أو شخص، رغم أنه يقطر ويسيل معا طابعا إعلانيا مباشرا فجا.

ننسى أحيانا نظرا لكونها مجرد "كرة قدم" أن مجال الكرة في محتواه الإعلامي هو شأن ربما له خطورته من زاوية أن جمهور هذا المحتوى يغلب عليه طابع الشباب وأن ذلك قد يمرر ويرسخ فكرة التحيز خيارا ثم التعصب توجها ذهنيا ويمضي بها تلقائيا نحو غايات أشق وأخطر، وقد أفضت سابقا إلى كوارث وضحايا.

ثم إن أيضا ما يجري ضخه من إنفاق مالي في الأندية الكبرى أدت إلى أن يسمع الجمهور عن الأرقام المليونية الضخمة للاعبين متصاعدة لا توقفها إشكالات اقتصادية ولا أولويات ترشيد إنفاق ويترافق معها استقدامات المدربين واللاعبين الأجانب بملايين الدولارات كأنها لا يحدها شيء ولا تتأثر بعارض وفي ظل ما يجرى في العالم حتى في منظومة في دوله الكبرى الغنية من توجه نحو ترشيد مجمل الإنفاق، وهو أمر يحتاج أيضا إلى وقفة، والسؤال هنا ليس عن مدى قانونية هذا الإنفاق فالمؤكد كونه يتبع سبلا قانونية ولكن عن زمنه وتوقيته وسياقات نموه واستمراره بصرف النظر عن أى وكل ما يحدث محليا ودوليا، ثم كيف يتدفق يسرا هكذا من الأندية ومن أولئك "المتطوعين" نحو كرة القدم بينما يقل تدفقه في مساحات عمل اجتماعي وإنساني أولى بالرعاية؟.

إعلان