- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في الحفل الذي أعقب افتتاح الدورة السادسة والخمسين بمهرجان كارلوفي فاري الممتد بين ١-٩ يوليو ٢٠٢٢، عرفني عليها الناقد السينمائي الشاب والمبرمج المسؤول عن أفلام الشرق الأوسط والمنطقة العربية جوزيف فهيم قائلاً: «هذه دانيا بدير تُشارك بفيلم (ورشة) ضمن قسم (براغ شورتز)» رحبت بها فأخبرتني بمواعيد العروض.
أثق في رأي جوزيف حين يقول إن: «هذا أو ذاك الفيلم مهم»، حتى لو اختلفنا حول تفاصيل تقييم العمل لاحقاً، لكن يبقى رأيه جديراً بالتقدير، فهو لا يختار أفلاماً من المنطقة العربية أو الشرق الأوسط إلا إذا كان بها شيء فني أو فكري لافت، حتى لو اختلفنا حول المضمون أحياناً. من هنا كان حرصي على ملاحقة الفيلم حتى وإن فاتني بعض عروضه.
يستيقظ الشاب محمد مبكرا في غرفة مكتظة بالأْسِرَّة. يدخل الحمام، يستخرج صورة مقتطعة من مجلة. يثبتها على المرآة. يقف أمامها متأملاً، يستعد لاتخاذ حركة ما فينطلق الدق الجماعي بالأيدي على باب الحمام مصحوباً بالكلمات المُهينة. يتراجع محمد بسرعة، يُخفي الصورة، ويفتح الباب، لينهال عليه مزيد من الكلمات الساخرة، لكنه لن ينطق بكلمة واحدة. الحقيقة أنه لن ينطق بكلمة واحد طوال الفيلم سوى «الآه» فقط.
عزاء قبل الأوان
في السيارة الميكروباص المتجهة إلى الورشة؛ حيث يعمل محمد على أحد الأوناش بإحدى العمارات - تحت التشييد - نعرف أن رياض زميلهم الذي كان يعمل على إحدى أعلى الرافعات في بيروت قد مات في حادث بمقر العمل. إنه أحد مخاطر مهنتهم، أو بالأحرى ضريبة الحصول على عمل. كما أن الإدارة تبحث عن بديل له. في اللقطة التالية نرى محمد يقف أمام الشخص المسؤول الذي لا نراه، إنه يقبع خارج الكادر، كما هو في الواقع حين تقع حادثة سيكون غير مسؤول عنها. سنسمع صوته فقط، متسائلاً في تأكيد عن رغبة محمد في العمل على هذه الرافعة؛ إذ إنها مختلفة عن ذلك الونش الذي كان محمد يعمل عليه، لكن محمد لن يرد.. سيكتفي بهز رأسه.
في المصعد، بين الآخرين، نرى السائق يسأله في تعاطف وشفقة كأنه يُعزيه في نفسه مقدماً وكأنه سيلقى نفس مصير رياض: «سمعت أنهم وضعوك في هذا المكان؟»، لكن محمد يرمقه طويلاً فقط دون أن يرد.. هنا سُيقدم له الرجل شيئا أسفل الكادر وخارجه، وسيقبله محمد دون أن ينبس بكلمة.
باب للحرية
نرى محمد عند الوصول إلى القمة بينما يخرج من المصعد كأنه يخرج من السجن، وهو تمهيد لكل ما سيأتي لاحقاً، مع ذلك سنشعر - معه - بالخوف حد الفزع أثناء عبوره المسافة أفقياً بين العمارة وصولا للرافعة الشاهقة.. ثم مواصلته الصعود رأسياً للمكان الذي سيُمثل مقر وجوده أثناء العمل، أثناء ذلك سنسمع صوت الرئيس - عبر جهاز الهاتف اللاسلكي - ينادي عليه في خوف دون أن يجيبه محمد أبداً.
يصل محمد أخيراً إلي القمة. يجلس. يأخذ نفساً عميقاً بينما يتصبب عرقاً، بعد لحظة ينظر للمكان من حوله، يمسحه بعيونه، فيرى جمال بيروت واتساع الأفق، مع اكتساء السماء بقليل من السحب، يرى الشاطئ ومبانيه تعانق البحر. يبدأ محمد في تدخين سيجارته المهداة من عامل الأسانسير. يلمح محمد راديو قديماً يخص زميله المتوفى، يفتحه، يُبَدِّل في المحطات الإذاعية وفجأة يسمع صوت أم كلثوم منطلقاً في تحدٍ بواحدة من أشهر أغنياتها.
تلمع عيونه ببريق مفاجئ، كأنه استيقظ من خوفه، يمدّ يده في جيبه، يستخرج الصورة التي كان يتأملها في بداية الفيلم. يتأملها مجددا، ثم يضعها أمامه مثبتاً إياها، ويبدأ في ترديد كلمات الأغنية بصمت مع حركات تعبيرية معبرة عن انفعال داخلي مكبوت، وبعد قليل نراه هو ذاته في مشهدية متخيلة بين السماء والأرض، كأنها كشف عما في عقله الباطن، تُعبر عن شغفه الذي يُخفيه عن المجتمع. ويستمر الأمر في مشهد ساحر إلى أن يبدأ صوت الأغنية والموسيقى في التلاشي تدريجيا، ثم يأتي الإعلان بانتهاء وردية العمل. نسمع الأذان، بينما محمد يستعد للوضوء والصلاة، في اللقطة التالية نراه من خارج السيارة ووجهه عليه ابتسامة فيها سعادة بينما عيونه ترمق الرافعة التي ستكون خارج الكادر.
موهبة تُعلن عن نفسها
«ورشة» هو فيلم كاشف عن موهبة دانيا بدير السينمائية. إنها من دون شك تنتمي لسينما المؤلف بجدارة، موهبة تعرف كيف تخلق حالة إنسانية في نحو ١٥ دقيقة فقط، لأنها تُدرك المكنون النفسي لشخصياتها وتشتغل عليه، فقد جعلتنا خلال ربع ساعة فقط نعيش مُعضلة هذا الشاب الذي يخفي حقيقته، بسبب قهر المجتمع، هذا الإنسان الذي يعيش تناقضاً، وانفصالاً بل اغتراباً عن ذاته، هذا الشاب غير القادر على الدفاع عن نفسه، أو الذي لا ينطق، لكن بداخله نيران متأججة وموهبة مكبوتة.
يكشف الفيلم أيضاً أن المخرجة اللبنانية دانيا لديها إحساس قوي بمفردات اللغة السينمائية المعبرة الكاشفة عن الحالة الجوانية لبطلها، وهنا تتجلى موهبتها في إدارة بطلها، فليس المهم ما ينطق به من ألفاظ، لكن عيونه وإيماءات جسده تنطق بالكثير، كذلك قدرتها أيضاً على توظيف المفردات من خارج الكادر لتدفع بالصورة للأمام. إضافة إلى مهارتها في رسم حدود الكادر، زوايا الكاميرا، كيف تُوظف الموسيقى؛ متى تبدأ وتنتهي أو تختفي تماماً. إنه فيلم قصير بليغ أدبياً، ولعله أشبه بقصة قصيرة مثل طلقة الرصاص.
بقي أن نشير إلى أن دانيا أخرجت العديد من الأفلام القصيرة المتنوعة المتميزة، بعضها فني بحت، وبعضها تجاري، وأحدها لقطة قصيرة فرعية مُنتقاة من فيلم روائي طويل تستعد لإخراجه، المهم أن الأفلام جميعاً تؤكد على الخصوصية وتفرد الموهبة. تم عرض عدد من أفلامها في أغلب المهرجانات السينمائية المهمة، وحصدت العديد من الجوائز، مثلما عُرض «ورشة» في ٦٠ مهرجاناً حول العالم وربح ١٩ جائزة فقط في ٦ أشهر، وستكون المهرجانات العربية محظوظة إن قامت بعرضه في برمجتها.
إعلان