إعلان

الحوار الوطني: منهج واستدامة

د.غادة موسى

الحوار الوطني: منهج واستدامة

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م الجمعة 03 يونيو 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

دعا السيد رئيس الجمهورية إلى عقد حوار وطني في مصر. وتزامنت تلك الدعوة مع الدعوة لانعقاد حوارات وطنية في بعض الدول العربية كتونس والسودان.

ولا يُعد هذا هو أول حوار وطني تعقده مصر، حيث سبقه العديد من الحوارات الوطنية منذ عام ٢٠١٣ متمثلة في مؤتمرات الشباب، وإن كان ذلك قد تم على مستوى قطاع أو فئة الشباب، ورغم ذلك لم يخلُ من مناقشة العديد من قضايا الشاأن العام.

وجدير بالذكر أنه عندما يسمع الجمهور تعبير "الحوار الوطني" يتبادر إلى ذهنه الحوار السياسي الذي يضم كل الفرقاء السياسيين من أجل مناقشة قضايا سياسية. وفي الواقع فإن أي حوار وطني يتعدى القضايا السياسية إلى قضايا عامة تهم كل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم وآرائهم ونوعهم. وهي تلك القضايا التي تحقق مصالحهم على مستوى القيمي المعنوي والمستوى المادي.

وعادة ما يجرى تقسيم قضايا الحوار الوطني - في الخبرة المصرية والعربية - إلى محاور سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وبيئية، وكأنها محاور مستقلة ولا رابط بينها. وهذا تقسيم دارج ومعمول به، لكنه تقسيم غير مرن ولا يسمح بجذب أكبر عدد من الخبرات التي يمكن ان يكون لها فكر ورؤية تتعدى هذا التقسيم. وسأشرح مثالاً على ذلك: فلنتصور أننا سنناقش موضوع المعمار في مصر. فلاشك أنه ليس موضوعا هندسيا بحتا، بل هو شأن ثقافي وبيئي واقتصادي وسياسي أيضاً. ولنتصور أيضا أننا سنناقش قضية الغذاء في مصر. سنجد أنها قضية لا ترتبط فقط بالزراعة، ولكن لها بُعد سلوكي ونفسي وصحي وبيئي واقتصادي وسياسي ... إلخ.

هذا الاقتراب في تنظيم الحوار الوطني من شأنه الاستفادة من كافة الخبرات في الموضوع الواحد، وبالتالي تحليل كافة جوانب المشكلة او القضية محل النقاش للخروج برؤية وتصور لحلول أفضل.

وفي إطار الحوار الوطني يجب أيضاً ان نسلم بأنه من الصعب مناقشة كافة القضايا، لذا قد يكون من الأهمية بمكان تحديد عدد من القضايا العامة التي تهم معظم المواطنين. على سبيل المثال قضايا الغذاء والأسعار والتشغيل والاستقرار والأمن. هذا النوع من القضايا يجسّد المصلحة العامة والسلعة العامة التي لا يمكن استبعاد أي فرد من الاستفادة منها. كما أن عليها توافقا سياسيا، حيث لا أتصور أن تثير معظمها أية خلافات سياسية بين أصحاب التوجهات السياسية والفكرية المختلفة. فقد لا نتفق على الأسلوب أو آلية معالجة القضية، ولكن لا أحد يختلف على أهمية وإلحاح القضية، كقضية الغذاء على سبيل المثال.

كما أن هناك ميزة إضافية في تطبيق هذه المنهجية في تخطيط الحوار الوطني وهي التركيز، إذ إن تركيز الحوار في عدد محدود من القضايا من شأنه التعمق في مناقشة كافة جوانب القضية. وثمة ميزة أخرى في تطبيق تلك المنهجية وهي ضمان استدامة الحوار ومتابعة تنفيذ التوصيات التي تخرج عنه. وذلك من خلال دورية عقد الحوار كل سنتين، بحيث تتناول كل دورة حزمة مختلفة من القضايا. وأخيراً يتيح تنظيم الحوار الوطني وفق تلك المنهجية إلى تضمين فئات المواطنين المختلفة في إطار القضية الواحدة.

وبما أنه حوار وطني، فمن الصعب استبعاد المسؤولين باعتبارهم مواطنين في المقام الخاول. فتواجدهم هام وضروري للاستماع إلى الرؤى والأفكار المتنوعة وتنسيق العمل فيما بينهم.

وأخيراً - وكأي مواطن- ، أتمنى النجاح لهذا الحوار لما له من أهمية في خلق حالة من المساندة والتضامن والشعور بالمسؤولية المشتركة بين كافة أطراف المجتمع.

إعلان