لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إلغاء الطلاق الشفوي وحده لا يكفي! (4-4)

شريف بديع النور

إلغاء الطلاق الشفوي وحده لا يكفي! (4-4)

شريف بديع النور
11:15 م الخميس 23 يونيو 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يحكى أن الناس استغاثوا بنفيسة بنت الحسن "ستنا نفيسة العلم" من ظلم أحمد بن طولون فكتبت له رسالة، وانتظرت حتى مر موكبه فخرجت له، فلما رآها نزل عن فرسه، فأعطته الرسالة، وكان فيها : "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخوّلتم ففسقتم، ورُدَّت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفّاذة غير مخطئة، لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوّعتموها، وأجساد عرّيتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله متظلِّمون، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون!"، فخشع ابن طولون لقولها، وعدل من بعدها..

هل تعلم، أن الرجل في مصر يمكنه أن يطلق زوجته، يتركها مع أولاده في الشارع، وعليها هنا أن تذهب للمحاكم بحثا عن حقها، لا تتعجب فمن يرمون أكبادهم كثيرون، لا تنظر الناحية الأخرى وكأن المعلومة جديدة أو غريبة، حقيقة تقرأها كل يوم في صفحات الحوادث، أما دعوى النفقة، أو دعوى الطلاق للضرر فقد تستغرق في المحاكم قرابة الأربعة سنوات، دعوى الخلع والتي تتنازل فيها المرأة عن كافة حقوقها قد تستغرق سنة ونصف.

إجراءات بالية ومعقدة وطويلة ومكلفة، يكون الزوج في نفس الوقت تزوج وأنجب وكون أسرة جديدة، أصلة مايحبش يمشي في الحرام، أما زوجته الأولى، أم عياله، فيرى أن إعطائها حقوقها أصلا حرام.

بلاش دي، كم مرة سمعت عن سيدة يتزوج زوجها غيرها، يهملها ويهمل أولادها، أصلا هو لا يقدر على مصاريف بيتين، يقول تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " ، قال المفسرون إن المقصود بالعدل هنا " توفية الحقوق الشرعية، وتأديتها على الوجه المطلوب، من طعام وكساء ومسكن، وكل ما يليق بكرامة المرأة كمخلوق"، ماذا لو كان الرجل لا يقدر على توفية هذا العدل؟

لماذا شرع القانون؟ للوقوف بجانب الضعيف، القوي يستطيع دائما أن يحصل على حقوقه، أما الضعيف فيحتاج لمن يقف بجانبه أمام القوي، نتحدث الآن عن المرأة، فرغم كثير من التعديلات والتي أدخلت على قوانين الأحوال الشخصية، إلا أنها تركتها ضعيفة في النهاية، ضعفها ليس أمام الرجل فقط، وإنما أمام القانون، قصص محاكم الأسرة تقطع القلب، سيدات ضاع شبابهن وأعمارهن جريا وراء ورقة، في كل الأحوال الزوج أقل ضررا، يمكنه أن يبدأ حياة جديدة حتى قبل دخول زوجته المحكمة، يمكنه أن يبدأ حياة جديدة حتى قبل أن تعرف أم العيال بنواياه.

أعرف زوجة تزوج عليها ابن عمها، هي لا تنجب إلا البنات، رماها في غرفة على السطح مع بناتها، أما الجديدة فتعيش في الشقة الواسعة، عندما اعترضت طلقها، حتى الغرفة الصغيرة التي تأويها لم تعد موجودة، المحكمة موجودة؟ حلني يا أخي، سنين حتى تصل لحكم نهائي.. استئناف واستشكال، لم يستدل على الزوج المقيم في شقته ولكن ورقة بعشرين جنيه تجعله غير موجود، الشيطان يكمن في التفاصيل، وعندنا في مصر التفاصيل تكمن في حضن الشيطان، السيدة السابقة هي عبرة لكل من تفكر أن تعترض على الظلم.

ماذا نفعل؟ تخيلوا أن إجراءات نقل ملكية سيارة أكثر تعقيدا من إجراءات الزواج في مصر؟ اشتري سيارة الآن وحتى تكتبها باسمك يجب أن تدفع تأمينات وتستخرج استعلام أمني لتتأكد أنها غير مسروقة وتدفع مصاريف نقل ملكية ومصاريف ترخيص وتعرض على لجنة فنية للتأكد من صلاحيتها أولا وتذهب لتطابق بياناتها وفقا لملفها الأصلي، لو أردت الزواج ستذهب للمأذون بشهادة صحية لك وللمدام ويكتب العقد ببساطة دون أسئلة، هل هذا عدل؟

المأذون هو موظف في وزارة العدل، لماذا لا نوسع من اختصاصاته قليلا، نجعل له مقرا دائما في المحكمة، هناك أوراق محددة يجب أن يطمئن المأذون على وجودها، فيش وتشبيه للطرفين، شهادة عزوبية حتى نتأكد أن الرجل غير متزوج من أخرى مغيبة لا تعلم، موافقة من الزوجة الأولى، بيان من محكمة الأسرة يؤكد أن المتقدمين للزواج لا يتعلق بهما أي قضايا تخص الأسرة، من غير المقبول أن يتزوج وهو يترك أخرى معلقة تطلب الطلاق دون أن يعطيه لها، من غير المقبول أن يتزوج وهو لا يدفع نفقة عياله وأمهم، أما إذا كان مازال متزوجا فيجب إحضار زوجته الأولى ليتأكد المأذون أنها تعرف وأنها لم تتعرض للتعنيف، وأنها إذا أرادت طلاقا منه يمكنها ذلك، القانون يعطيها هذا الحق، أما إذا كانت موافقة فينظر في إثباتاته المالية، هل يستطيع أن يفتح بيتين؟ هل يملك ما يجعله يصرف على أولاده وامرأتين؟؟ الأرزاق بيد الله، ولكن الله هو من أمر بالعدل، وطالما جار الإنسان وضاع ضميره، على القانون أن يضمن قدر الإمكان إقامة العدل بين الناس.

زمان كنت أتعجب من هؤلاء الغربيين، يعني أيه الراجل يتعب ويشتغل وبعدين لما يطلق زوجته تحصل على نصف ما كسبه أثناء زواجهم، عندما كبرت فهمت، زوجته لم تعمل يستطيع هو أن يعمل، ليتخلص من أعباء الأولاد و مسئولياتهم، أعباء المنزل وتفاصيله، هي شريكته في حياته، وعند إنهاء الشراكة يجب أن يحصل كل منهما على نصيبه بالعدل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " أكرموا النساء، فو الله ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم".

ما مدى شرعية ما أقول؟ ببساطة العقد شريعة المتعاقدين " المؤمنون عند شروطهم" كما قال الرسول الكريم، لماذا لا تصدر الدولة وثيقة زواج جديدة، تحتوي على بعض الشروط الإلزامية، منها عدم زواجه بأخرى إلا بموافقة كتابية منها وإعطائها حق طلب الطلاق في حالة رفضها ، بالمناسبة فهي الآن يمكنها طلب الخلع، كما تتضمن شرطا عن كيفية اقتسام ما كسبوه أثناء الزواج، مش معقول هيه تجري وراء النفقة وحضرته يزور ويغير ويكون عايش باشا ونفقتها كام ورقة بمية وحاسس إنه بكده ضميره مرتاح، الاتنين لازم يعيشوا عيشة فل، هتقولي ومين هيجبر الناس على التوقيع على الشروط؟ القانون.. الوثيقة تتضمن الشروط وهي شروط لا تحلل حراما ولا تحرم حلالا.. شروط جائزة، وإذا أردت الزواج الرسمي فلا بديل عندك إلا الزواج بهذه الوثيقة.

الطلاق يكون بالذهاب للمحكمة، ليس في حكم وقوعه الشرعي وإنما فيما يترتب عليه قانونا حتى تستقر عند الناس الثقافة الجديدة، الطلاق في المحكمة حتى في حالات التراضي، لا لتعترض عليه المحكمة، وإنما لتضمن بعض من التروي قد يصفي النفوس ويعيد المياه لمجاريها، تضمن حضور حكم من أهله وحكما من أهلها، تضمن في النهاية توزيع الحقوق بالعدل ليكون "تسريح بإحسان" كما وصف الله تعالى الطلاق، أما إجراءات الطلاق وحسابات النفقة فمن المعيب أن تمتد لكل هذه السنوات، " يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ " يقول رسولنا الكريم، على المشرع إصدار قانون بالرفق يحدد فيه المدة القصوى للبت في هذه الحالات، فلتكن ستة شهور مثلا حتى إصدار الحكم النهائي، لماذا لا نعتبر الزوج أو الزوجة المتهرب من المثول أمام المحكمة في قضية الطلاق هارب من أمر ضبط واحضار، يعاقب على تهربه من المحكمة وهي كذلك.

الرجل لا يستطيع الزواج من أخرى قبل ضمان حقوق الأولى، تخيلوا معي لو أقررنا هذه القاعدة، كم حالة ستنفك عقدتها فورا، سيجري الرجال لينالوا حريتهم المربوطة بحريتها، أعوذ بالله من قهر الرجال.

سيدنا عمر بن الخطاب عطل حدا من حدود الله ذكر في القرآن الكريم وهو حد السرقة لما اشتد على الناس الجوع في عام الرمادة، عطل إعطاء نصيبا من الزكاة للمؤلفة قلوبهم لما رآه من عزة الإسلام وعدم حاجته لذلك، نحتاج اليوم لرؤية نابعة من المجتمع، رؤية يشترك فيها الرئيس والبرلمان شيخ الأزهر والمجتمع المصري لإنفاذ العدل بين مجتمع هو الأعلى في نسب الطلاق بين المجتمعات المحيطة به.

إعلان