إعلان

عدو عدوي في بكين!

سليمان جودة

عدو عدوي في بكين!

سليمان جودة
08:21 م الأحد 08 مايو 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

الأخبار التي تحملها وكالات الأنباء هذه الأيام تنقل عن المسؤولين الأمريكان المختصين، أنهم لم يرصدوا دعماً صينياً صريحاً لروسيا في حربها على أوكرانيا، وأن مثل هذا التوجه الصيني جرى رصده على المستويين الاقتصادي والسياسي معاً !

وهذا توجه يظل غريباً ويظل مثيراً للتساؤل عن معناه، لأن كثيرين من المحللين السياسسين كانوا يراهنون منذ اندلاع هذه الحرب في الرابع والعشرين من فبراير، على أن الصين سوف تجد فيها فرصة للإصطفاف بشكل صريح إلى جانب الروس !

وكان أساس مثل هذا الرهان لدى أصحابه، أن الصراع السياسي بين بكين وواشنطون ليس سراً منذ فترة طويلة، وبالذات من أيام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وأن الحكومة الصينية سوف تجد في الحرب على أوكرانيا فرصتها المواتية لتقوية موقفها في هذا الصراع !

وكان هناك أساس آخر لهذا الرهان الذي لم يكسب أصحابه إلى اليوم .. وهذا الأساس هو أن الصينيين من الطبيعي أن يتصرفوا في أجواء هذه الحرب حسب المبدأ الذي يقول: عدو عدوي صديقي !

ذلك أنه ليس هناك شك في أن الصين ترى في الولايات المتحدة الأمريكية عدواً لها، وترى في الوقت نفسه أن الحرب الروسية قد خلقت عداوة ظاهرة بين موسكو وواشنطون، وبالتالي، فمن الطبيعي أيضاً والحال هكذا أن يصبح الروس أصدقاءً للصينيين !

ولكن تبين منذ بدء الحرب إلى اللحظة أن الصين كانت أبعد ما تكون عن العمل بهذا المبدأ، وأنها قد خيّبت ظن الذين تصوروا أنها ستتصرف وفقاً لمقتضياته .. فلقد أثبتت أن لها حساباتها الخاصة وسط ضجيج الحرب الذي لم يتوقف على مدى ما يقرب من الأشهر الثلاثة !

والذين يفكرون على أساس ديني بيننا هنا في المنطقة كانوا قد قالوا إن الصين يمكن أن تتعامل مع الحرب وفق منطق الدعاء الشهير الذي يردده الدعاة الإسلاميون في الكثير من المساجد .. إنهم يرفعون أياديهم إلى السماء ويقولون: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين !

وربما يكون الصينيون قد راحوا يتطلعون إلى مسار الحرب حسب هذا المنطق بالفعل، لأنهم حتى لو كانوا يجدون في روسيا القريبة منهم جغرافياً وفكرياً ما يدعو إلى وجود صداقة بينهما، إلا أن الروس في النهاية منافسون لهم، وراغبون بالضرورة في أن يسبقوهم على أي مضمار من مضامير السباق بين الأمم !

ويجوز جداً أن يكون هذا هو السبب الذي جعل بكين تبدو متحفظة تجاه الحرب منذ بدأت، وهو أيضاً السبب الذي جعلها تفكر في الطريقة التي تضمن لها أن تخرج عند نهاية الحرب بما يضيف إليها، أكثر مما يضعها إلى جانب هذا الطرف أو ذاك فيها !

إن صانع القرار في الاقتصاد الصيني الذي يجلس في المرتبة الثانية بين اقتصادات العالم، والذي تخطى الاقتصاد الياباني قبل سنوات ليصبح بعد الاقتصاد الأمريكي مباشرةً، لا بد أنه مشغول بما يشده إلى المرتبة الأولى، لا بما يجره أبداً إلى أي مرتبة في الوراء !

هذا هو التفسير الأقرب لهذا الهدوء على الجبهة الصينية تجاه حرب تزداد نارها اشتعالاً كل يوم، بينما صانع القرار الصيني يتطلع إليها متفرجاً، أو كالمتفرج من بعيد !

إعلان