لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

اعترافٌ ومصارحة.. 8 شروطٍ لإنجاح الحوار السياسي

علاء الغطريفي

اعترافٌ ومصارحة.. 8 شروطٍ لإنجاح الحوار السياسي

علاء الغطريفي
01:01 م الإثنين 23 مايو 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في اللحظات الدقيقة في عمر الأوطان، عندما تمدُّ السلطة يدها بعد تغييب طال السياسة، ينبغي للجميع أن يلبُّوا نداء الحوار كقيمةٍ ديمقراطية، رغم كل المآخذ حول المسار والمسيرة.

لا مكان هنا للندم عما فات، أو اصطناع الفرح بما هو آتٍ، بل الاحتياجُ إلى اعترافٍ ومصارحةٍ يتبعُهما إيمان. اعترافٌ ومصارحة بآثار هجرة السياسة في صناعة التوافق العام، ثم إيمانٌ بقيمة الحوار كأساسٍ للبناء وتحسين حياة الناس.

الحوار ليس بدعة، بل إلزامٌ تطرحه الديمقراطية التي ترتكز على المنافسة، ثم التعاون، فلا نجاح لأحدهما دون الآخر إذا أردت حكماً طبيعياً لأي أمة وأي شعب.

رغم تعقيد اللحظة وهجران الصيغ الديمقراطية وغياب تعابير ومنابر سياسية للناس وعن الناس، هناك أمورٌ من الواجب الالتزامُ بها إذا أردنا حواراً فعالاً وفاعلاً من أجل المصلحة الوطنية.

هذه الأمور قد نسمّيها شروطاً أو سمّها ما شئت، فهي مصابيحُ لإضاءة طريق أي حوارٍ، حتى لا تتعقَّد الخُطى وتتعثَّر مع أي عائق.

الشروط أو المصابيح إذا أردت هي:

أولاً: بناءُ الثقة:

ينبغي على السلطة، الطرف الأقوى في الحوار، أن تبدأ بإجراءاتٍ فورية، كبادرةٍ إيجابيةٍ لدعم الحوار، مثل الإفراج عن جميع سجناء الرأي والتعبير، والتخلِّي عن الإجراءات الاستثنائية التي طالت الحريات العامة للمواطنين، وعلى المعارضة- سواء كانت أفراداً أو كيانات- أن تُثمّن دور السلطة الحالية في الحفاظ على أمن الوطن والحفاظ على استقراره في اللحظات الصعبة طوال السنوات الماضية.

ثانياً: الترابط:

لا ينجح أي حوارٍ سياسيٍ دون وجود حدٍ أدنى من التضامن والترابط أياً كانت الخلافات في الرؤي السياسية، وهو التزامٌ علنيٌّ يجب أن يُعبّر عنه الجميع، وهنا الترابط لا يلغي الاختلاف بل يجنِّبنا الانقسام، فالتنوعُ والتعددُ شرطا الصحة والحيوية لأي مجتمع.

ثالثاً: البحثُ عن المشترك:

بعد غياب السياسة لسنوات، يصبح تمهيدُ الطريق، أو تسميدُ التربة السياسية هو مرحلة أولى لإحياء التوافق العام؛ لذا يجبُ هنا تأجيل القضايا الأكثر خلافيةً لمرحلةٍ لاحقة والتمسُّك في المرحلة الأولى بالقضايا محل الاتفاق المشترك؛ لتكون مرتكزاً للحوار السياسي، فالتدرُّج مطلوبٌ للتعبير عن حُسن النوايا، فالسلطة لن تعطي ما تراه مكتسباً لها بسهولةٍ، ولا قوى المجتمع ستنال كل مرادها في لحظة. التوازن معيارٌ من أجل الصالح العام.

رابعاً: التمثيل الحقيقي للمواطنين:

حتى نضمن مشاركةً حقيقيةً فعَّالةً لجموع المصريين، يجب إشراك أصواتٍ حقيقيةٍ نزيهةٍ مُعبرةٍ عن الجماعات المهنية "أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والصحفيين والمحامين… إلخ"، وكذلك الشباب والمجتمع المدني والفلاحون وأصحاب الحرف والصناعات ورجال الأعمال والفئات المتضررة من السياسات الحكومية الحالية، دون الاكتفاءِ بالمجالس الحالية المنتخبة أو نقابات الصمت التي لم تقم بأدوارها في تمثيل المواطنين.

خامساً: إدارةٌ مستقلةٌ للحوار:

اختيار وسيطٍ محايدٍ مستقلٍ يثقُ فيه الجميع لإدارة الحوار بعيداً عن أي مؤسسات رسمية أو حزبية، وليكن دور المؤسسة الرسمية الراعية دوراً تنفيذياً بحتاً يعاون الوسيط المستقل، سواء كان تجمعاً أو لجنة للحكماء. هذا إجراءٌ لحماية الحوار وضمان ثقة الجمهور فيه وفي نتائجه ومسعاه.

سادساً: الاعترافُ المتبادل:

الحق الأخلاقي أن يسجل الجميع للجميع مواقفهم الوطنية في اللحظات الدقيقة التي مرَّ بها الوطن خلال السنوات الأخيرة، والعرفان بكل ما فعله جميع الأطراف، سواء كانت السلطة أو القوى الاجتماعية والسياسية المشاركة في الحوار.

سابعاً: التخلِّي وليس التنازل:

أن تتخلَّى السلطةُ عن نظرتها الأبوية تجاه الناس، حتى لا تعبر دوماً عن وجوب العرفان الدائم أو تغضب من إشارات السَّخط وعدم الرضا، وأن تصنع عقداً جديداً بينها وبين المواطنين، مبدؤه دعوتها الجادة للحوار، وعلى الأطراف الأخرى القوى الفاعلة في المجتمع أن تتخلَّى أيضاً عن مصالحها ومكاسبها المباشرة، وتسعى جاهدةً لأجل المصلحة العامة وتحسين أوضاع المواطنين ومجابهة وطأة الظروف الحالية وتعقيدات اللحظة.

ثامناً: استمرار الحوار:

أن تصبح للحوار منصةٌ دائمةُ ما دامت المجالس النيابية الحاضنة الأصيلة للحوار يعتريها التشوُّه والخللُ سواء في التمثيل أو الممارسة، لحين اختيار مجالس حقيقية تعبّر فعلاً عن الناس، أو يجد أناس من الناس وللناس طريقهم إلى هذه المجالس.

يظل الحوارُ السبيل السلمي لمجابهةِ التحديات الوطنية في لحظات الارتباك، وملاذ الحكمة لصياغة التوافقات العامة والتماسُك الوطني، وطوق النجاة من أي انتكاسات مستقبلية أو سيناريوهات يخسر فيها الجميع.

ولنا حديثٌ آخر عن الحوار، إذا كان في العمر بقية.

إعلان