إعلان

بداية جديدة / الانسحاب أم المواجهة (1)

فاطمة مصطفى

بداية جديدة / الانسحاب أم المواجهة (1)

فاطمة مصطفى

أ. الصحة النفسية والعلاقات الأسرية

07:00 م الأربعاء 09 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

فاطمة مصطفى

نتعرض خلال فترات حياتنا إلى العديد من المواقف سواء السلبية أو الايجابية، ويتطلب ذلك بعض ردود الأفعال التي سوف يترتب عليها بعض النتائج ومدى سلامة صحتنا النفسية ونظرتنا للأمور فيما بعد، وطبعا تختلف ردود الأفعال من شخص إلى آخر حسب تكوين شخصيته ونضجه ومدى حكمة ورجاحة عقله في الحكم ولكن هناك ثوابت ومعايير معينة لا يتم الاختلاف عليها حتى وإن اختلفت أهمية هذه المعايير بدرجات متفاوتة من شخص إلى آخر سوف تظل ثوابت لا يستطيع أي فرد التنازل عنها مثل الأمان والاحترام والثقة.... ولكي لا أقوم بتشتيت تركيزك عزيزي القارئ فيما نود مناقشته في هذا المقال تعال نرجع سويا إلى الهدف الأساسي وهو متى عليّ أن أنسحب من أي علاقة إنسانية أو متى يتم المواجهة؟؟؟؟ وما فائدة الانسحاب أو المواجهة؟؟؟؟ وما هي أضرار كل منهما؟؟؟؟ وهل يوجد فرق كبير بينهما أم هما يعتبران تحصيل حاصل؟؟؟؟ وما هي النتائج التي سوف تترتب على كل منهما ومدى استجابتي أنا كفرد للحالتين ومدى تأثيرهما على سلامي النفسي واستقراري الداخلي؟؟؟؟ تعددت الاسئلة واختلفت أيضا وسوف تختلف الإيجابيات ولكي أكون مبسطة وفي نفس الوقت واضحة تعال معي نناقش كل سؤال ....

الانسحاب... يتم بعد تفكير مرتب ودقيق وإعادة ترتيب المشهد مرة أخرى بكل تفاصيله وتكون مشاعر الغضب أو الحزن قد تم إدراكها وتجاوزها بالفعل ... يسمى هذا (وقفة مع النفس ولقد كتبت فيما سبق مقالاً يحمل هذا العنوان) والانسحاب لا يتم من خلال موقف أو مشهد معين ولكن يتم في حالة تقييم علاقتك الإنسانية بالأفراد المحطين بك في تلك العلاقة وإعادة تقييمك لنفسك وهل مازالوا على نفس المستوى أم تم اختلاف النظر إليهم ونزولهم إلى مرتبة أقل؟؟؟؟ ونظرتك أنت لنفسك أيضا وهل أنت سعيد وراض في تلك العلاقة أم لا؟؟؟

الانسحاب يتم عندما يكون مجرد الكلام أو التفاعل إهانة لك أنت شخصيا قبل أن يكون إهانة لأي طرف آخر. عليك أن تدرك متى تنسحب ومتى يكون صمتك حفاظا على آدميتك وإنسانيتك ومدى سلامك النفسي. الانسحاب هو رد فعل طبيعي عندما يبدأ العقل في ربط الأحداث ببعضها البعض وإعادة وترتيب الأفكار مرة أخرى بهدوء بدون ضغط ... وهنا تصل إلى نتيجة مختلفة نهائياً؛ هل أنا في وضع راض عنه وسعيد أم محتاج أن أنسحب وبكل هدوء لأني أدركت مدى قيمتي وقيمة ما كنت سوف أتواجه معه أو سوف أواجهه فيما بعد ومع أيضا تقبلي للإساءة أم لا، أياً كان سببها؟؟؟؟

الانسحاب ليس ضعفاً أو قلة حيلة بل هو الوصول إلى الثقة التامة بأن ما حدث لا تستطيع تجاوزه، وبالتالي علاقتك الإنسانية تشوهت بالطرف الآخر ووصلت لمرحلة تسمى في علم النفس (الشعور بفقد الشغف) أو حتى الرغبة في الاستمرار وسقوط الطرف الآخر من نظرك بل وبقي في منطقي متدنية وأقل مما كان عليها.

الانسحاب يعطي لك شعوراً بالراحة بدون بذل أي مجهود تلاحظ من خلالها أنك تجاوزت أشياء وأفعالاً وردود أفعال أيضا كانت سوف تستهلك منك وقتا كبيرا وطاقة سلبية أنت في غنى عنها ومن الأفضل تحويلها إلى طاقة إيجابية تستغلها في حياتك القادمة لتسعى إلى الرضا وسلامة صحتك النفسية.

الانسحاب يأتي بعد تفكير وعن اقتناع أن ما حدث ليس نتيجة صدفة وقضاء وقدر ولكنه ترتيب من الله عز وجل بأن ما حدث وراءه رسالة أياً كانت مضمونها .... بأن ما أنت عليه ووضعك في خطر كبير وفي منطقة غلط سوف تضر بك وبسلامك الداخلي واستقرارك النفسي ومدى رضائك عن نفسك وعن اتجاهاتك وأهدافك انتبه جيدا فأقدار الله لا تحدث من غير ترتيب .....

عليك أن تواجه هذا الخطر وتنتبه إلى هذه الرسالة وتكون واعياً لها تماما ولكن يحدث ذلك عندما يقتنع عقلك الواعي واللاواعي بأنك في منطقة خطر وفقدك للأمان كل هذا ليس من فراغ .......انتبه مرة أخرى.

الانسحاب سلاح ذو حدين: إيجابي وسلبي، ولكن أنت من في يدك تحويل البوصلة وتحريك مسارها إلى الاتجاه الذي ينتج عنه كل المشاعر الايجابية حيث إن السكوت والابتعاد سوف يكشف لك كل الأمور بوضوح لكي تقرأ المشهد بطريقة صحيحة.

ليس أنا عزيزي القارئ من يقول ما فائدة الانسحاب وما هي أضراره، لكني سوف أترك لك أنت الإجابة، ومع مرور الوقت سوف تكتشف الإجابة الصحيحة...

كل ما عليك أن تفكر جيدا وترتب أفكارك وتقف مع نفسك أنت وحدك كي تستعيد نفسك مرة أخرى وتسأل نفسك سؤالا واحدا: ما فائدة الانسحاب؟؟؟ أو ما فائدة المواجهة؟؟؟ لأن لكل شخص منا قناعاته وعقله ومبادئه وأخلاقه واختلاف ردود أفعاله، ولكن كما ذكرت فيما سبق هناك بعض الثوابت التي لا نختلف عليها... هل فقدانك للأمان يستحق الانسحاب بصرف النظر عن تفاصيل المشهد الذي تعرضت له، هل احترامك لنفسك ولعلاقاتك الإنسانية اختلت، هل أنت راض وسعيد بما وصلت إليه من انسحاب وابتعاد؟؟؟؟ نلاحظ مجددا أنه تعددت الأسئلة والإجابات مفتوحة ولكي نصل إلى نقطة محددة علينا أن نفهم طبيعة النفس البشرية جيدا ونفهم كيفية تحقيق الرضا النفسي. وما عليَّ هنا إلا أن ألفت نظرك وانتباهك لشيء مهم جدا وهو أنه مجرد التفكير فقط إذا كنت راض وسعيد في علاقاتك الإنسانية هذا يمثل خطرا شديدا وغير صحي بالمرة لأن السعادة لا تحتاج إلى تفكير، بل هي شعور وطاقة إيجابية تجعل منك شخصاً مختلفاً...

وإذا استطعنا من خلال كل هذه التساؤلات أن نصل إلى إجابة محددة ترضيك أنت قبل أي فرد سوف تحصل على سلامك النفسي الحقيقي من خلالها وتبدأ بداية جديدة مختلفة ولكنها صحيحة، فهنا أستطيع أن أقول لك... أنت بدأت تخطو أول خطوة في الطريق الصحيح حيث أنت من تختار متى تواجه ومتى تقرر الانسحاب، وأياً كان نوع اختيارك فنصيحتي لك أولا وأخيرا: اختر ما يحقق لك سلامك النفسي والطمأنينة لأن مجرد التفكير في الحالتين معناه أن هناك خطراً يحدث... الإنسان عندما يفكر أو يحتار معناه أنه يشعر بقلق أو خطر وهذا أمر غير صحي على الإطلاق.

ومن هنا عزيزي القارئ أنت من سوف يطرح الأسئلة والإجابات في نفس الوقت، وعليك أن تتيقن أنه أياً كانت النتائج التي سوف تصل لها فهي أفضل الطرق لأنها بداية جديدة في حياتك ولكنها بداية أفضل؛ حيث إنها جاءت بعد تفكير وترتيب لأفكارك واتجاهاتك وانتباهك جيداً لرسائل الله سبحانه وتعالى...

بداية جديدة...

إعلان