إعلان

الغزو وقع فعلا ...

محمد حسن الألفي

الغزو وقع فعلا ...

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 22 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

الغزو وقع فعلاً...

لم ينم العالم ليلة أمس، يتابع التطورات سريعة الإيقاع، خطيرة الآثار، التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في نهاية خطابه التبريري للأمة الروسية، ثم للعالم. قبلها عقد بوتن على الهواء، في سابقة هي الأولى، اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي. وفى نهاية اليوم قال للشعب الروسي والعالم إن أوكرانيا في الأساس فكرة روسية، خلقها لينين وحققها ستالين بمنحها أرضا.. وقال إنه منح أوكرانيا ١٩٠ مليار دولار على مدى تسع سنوات من عام ٢٠٠١ حتى عام ٢٠١٠ ، واتهمها بسرقة الغاز الروسي المار بأراضيها، واعتبر رئيسها زيلنسكي دمية في يد المخابرات الأمريكية المنتشرة في كل مستويات الدولة الأوكرانية.. وقال إن الأجهزة الأمنية الغربية تحرك أوكرانيا لاستفزاز روسيا لدخول الحرب، وأن الغرب لم يرد على المخاوف الأمنية الروسية الرئيسية، إنما رد على قضايا هامشية.. وفى الدقيقة الأخيرة من الكلمة أعلن اعتراف روسيا بالإقليمين الانفصاليين جنوب شرقي أوكرانيا، ووقع على القرار بحضور زعيمي دونتيسك ولوجانسك، وأتبع ذلك بأوامر لوزير الدفاع الروسي بإرسال قوات فورا لحفظ السلام في الجمهوريتين المستقلتين. المفارقة أن هاتين الجمهوريتين لا توجدان إلا علي ثلث المساحة الكاملة لهما، وأن القوات الحكومية الأوكرانية حولها، ومعنى هذا أن خطوط الالتهاب، لا التماس، قائمة حاليا. واقع الأمر أن الغزو الروسي وقع جزئيا تحت ستار الاعتراف بالجمهوريتين، وتوقيع اتفاقية تعاون وصداقة ودعم مشترك. الجمهوريتان أغلب سكانهما ناطقون بالروسية وموالون لموسكو، وينظر إليهم كخونة ومارقين في أوكرانيا الأم. بالطبع كان الرد الغربي إعلاميا بحتا، شجب واستنكار وتحذير، حتى الساعات الأولى من فجر اليوم، ثم تبلور مع ساعات الظهيرة إلى إجراءات مصرفية ضد خمسة بنوك روسية وشخصيات روسية، أما ألمانيا فاتخذت الخطوة الأوسع بتشجيع أمريكي فرنسي، فقد علقت، ولم تلغ، المصادقة على قرار بناء خط الغاز نورديم -٢.

لن تكون هناك حرب، هذه رؤية رئيس أوكرانيا، الذي وصفه لافروف وزير الخارجية الروسي بالشخص غير المتزن، ووصفه بوتن أمس بالدمية، لكن الدبابات الروسية ظاهرة بمحيط الجمهوريتين، ولاتزال القوات تتدفق، والاشتباكات تتواصل. لم تطلق روسيا بعد طلقة واحدة، وفيما يبدو فإن الغرب ينتظر تورطها، أو يورطها، وهو ما ينتبه له بوتن، لكي يستمر استنزاف القوة الروسية بدعم غربي هائل لكييف، وصحيح أن الخسائر البشرية علي الجانبين ستكون فادحة، لكن هذا هو ثمن الخريطة الجيوسياسية الجديدة للعالم: انتهى عصر القطب وبدأ منذ غزو القرم عصر الأقطاب، وفي القلب منه روسيا التي أهينت كثيرا. وفى اعتقادنا، أن إحساس روسيا بإهانة الغرب لها، وتجاوزها في الكثير من القرارات والإجراءات الغربية ضد مناطق مختلفة من العالم- غزو ليبيا مثالا صارخا- هو باعث رئيسي، ضمن محركات كثيرة للوقفة العنيدة لموسكو حاليا. إحساس المرارة بالإهانة عبر عنه لافروف مستاء، ولما اتهم الغرب روسيا بأنها تقصد إحياء الاتحاد السوفيتي، رد بوتين بأن موسكو تحترم سيادة الدول السابقة العضوية بالاتحاد السوفيتي.. أما أوكرانيا فهي استثناء...

بإعلان الغرب عدم التدخل بالقتال دفاعا عن أوكرانيا تبدو موسكو تحت إغراء إتمام الغزو، وبإعلان موسكو أن المسار الدبلوماسي لايزال مفتوحا، يبدو أنها لا تريد الاندفاع، ما لم تضطر إلى ذلك.. فهل يضطرها الغرب؟

المشهد مفتوح على مصراعيه... نتابع.

إعلان